بانتهاء الفراغ الدستوري في لبنان بانتخاب رئيس جديد للبلاد، قام الرئيس ميشال عون بأول زيارة خارجية له متوجها للرياض على رأس وفد حكومي كبير.. دلالات مهمة للزيارة منها رد الجميل ورسالة شكر وامتنان للمملكة على دعمها لبنان في مراحل سابقة خاصة في تكريس السلم الأهلي فضلا عن مساهمتها الكبيرة في إعادة الإعمار والمساعدات ودعم الاقتصاد اللبناني.. الزيارة خطوة لافتة باتجاه ترميم العلاقات وتؤسس لتفاهمات واضحة والتزامات صريحة بما يخدم مصلحة البلدين، ولذا فإنها لن تكون زيارة شكلية وبروتوكولية كما يتمنى البعض، كون هذه الشخصية الآن تمثل كل اللبنانيين بطوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم ما يجعلها تُغلب المصلحة الوطنية. الزيارة خطوة لافتة باتجاه ترميم العلاقات، وتؤسس لتفاهمات واضحة والتزامات صريحة بما يخدم مصلحة البلدين، ولذا فإنها لن تكون زيارة شكلية وبروتوكولية، كون هذه الشخصية الآن تمثل كل اللبنانيين بطوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم ما يجعلها تُغلب المصلحة الوطنية.. لبنان آمن ومستقر وعروبي هو ما تأمله الرياض، وبالتالي من طبيعة السياسة السعودية أن تُصغي ولا تستعجل الأحكام وتعطي الفرصة تلو الأخرى حتى تصل لقراراها النهائي بعد دراسة متأنية إزاء هذه المسألة أو تلك.. وليس سرا أن العلاقات بين البلدين قد توترت بسبب مواقف لبنانية مناهضة للمملكة في المؤتمرات الإقليمية والدولية، وتحديدا من حزب الله. دول الخليج تتهم حزب الله بالموالاة لإيران والهيمنة على القرار السياسي في لبنان، وتدين تدخّله العسكري إلى جانب نظام الأسد.. ولذلك الرياض اليوم تتطلع لسماع رؤية الرئيس إزاء الكثير من الملفات وكيف يمكن إعادة الحيوية للعلاقات الثنائية وما يمكن تقديمه من ضمانات والتزامات معنوية للسياسة الخارجية اللبنانية. موقف المملكة من لبنان لا يحتاج لمزايدات فهو موقف مبدئي وإنقاذي فكانت على الدوام إلى جانبه، ودعمت جميع اللبنانيين من خلال إعمار لبنان وقبل ذلك تحقيق المصالحة السياسية عبر اتفاق الطائف لتنهي ويلات الحرب الأهلية. ومع ذلك تعرضت من حين لآخر إلى حملات ممنهجة وإساءات إلا أنها كانت تتجاوزها بالتعقل والترفع وتؤكد في الوقت ذاته وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني الشقيق وأنها ستستمر في مؤازرته كونها على يقين بأن هذه المواقف لا تمثل الشعب اللبناني. اللبنانيون كما يتردد سيطرحون موضوع الهبة السعودية للجيش اللبناني، وإعادة السياحة السعودية إلى لبنان. السعودية بالمقابل لم تتردد يوما في مساعدة اللبنانيين فما يُهمها استقلالية القرار السياسي اللبناني وحمايته من يد الطائفية بحيث لا يُخطف ليتم استغلاله لأجندة قوى إقليمية. صحيح أن لبنان يعاني أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية وهدد الفراغ الدستوري وجود الدولة ما عجل بالتوافق وقدوم عون للرئاسة الذي كان الخيار الأخير كما قال الحريري وجعجع إلا أن هناك تفاؤلا بالعهد الجديد في لبنان انطلاقا من رغبة الرئيس الجديد في إثبات موقعيته وتجربته وتاريخه وما أعلنه في خطاب القسم من إشارات إيجابية وتعهدات كانت محل ارتياح الكثيرين وأن العبرة بلا شك في ترجمة تلك الوعود على الأرض. لبنان يدخل مرحلة جديدة وأمام الرئيس عون تحديات كبيرة فهناك الفساد وهدر المال العام والبطالة وزيادة الضرائب فضلا عن الشروع في قانون الانتخاب ليحول دون احتكارية التمثيل النيابي. الرئيس الجديد قادر على المواجهة بما يملكه من قوى مؤثرة داخل الحكومة والبرلمان إلى جانب صلاحياته مما يساعده لتنفيذ ما تعهد به بالرغم من أن مواجهة الطبقة السياسية عمل ليس يسيرا لأنه يهمها إعادة إنتاج نفوذها وحماية مصالحها. ناهيك عن موضوع إعادة ترتيب العلاقات مع دول الخليج وتدخل حزب الله في الأزمة السورية. صفوة القول: زيارة الرئيس عون تفتح صفحة جديدة مع المملكة وتُضفي على لبنان شرعية إقليمية، وتؤكد أن بلد الأرز ملتزم بانتمائه لمحيطه العربي، رافضا سياسة المحاور ومتمسكا بسياسة النأي بالنفس.