وأنا أتابع العطاءات التي يقدمها فريق الاتحاد داخل الملعب، مع التفاعل الجماهيري الاستثنائي في المدرجات، أشعر بالمرارة والألم، هذا الشعور يأتي حينما أتذكر الأوضاع المالية لهذا الفريق العريق، خصوصاً قضاياه العالقة في "فيفا" والعقوبات التي على وشك أن تداهمه، من الظلم أن يسقط هذا العملاق بسبب الإهمال والتقصير واللامبالاة، من الإجحاف أن يترك لعبة في أيدي العابثين، لا أبالغ إذا قلت إن سقوطه يعني بداية سقوط بقية أحجار الدومينو. لا نختلف أن عبث الإدارات المتعاقبة من الأسباب الرئيسية لهذه الأزمة، لكنها ليست السبب الوحيد، فأزعم أن الاتحاد السعودي ممثلاً ب"لجنة الاحتراف" إضافة إلى هيئة الرياضة قد تسببا بشكل مباشر فيما حدث وسيحدث، هاتان الجهتان مسؤولتان عن الرقابة والحوكمة، أي أنه كان ينبغي عليهما ألا يتركا الحبل على الغارب لإدارات الأندية بشكل عام لإبرام صفقات خيالية تفوق الإمكانيات، فعلى سبيل التفصيل، تضاعفت ديون الأندية بسبب التسهيلات التي تقدمها لجنة الاحتراف (لمسؤولي الأندية) وليس للأندية، وعدم إدراج حقوق اللاعبين الأجانب ضمن شروط التسجيل، مما تسبب في تراكم القضايا لدى "فيفا" ضد الأندية السعودية، كذلك إلغاء شرط المخالصة مع اللاعب الأجنبي قبل تسجيل بديل له، وعدم تطبيق ما ورد في المادة الثامنة من لائحة الاحتراف بخصوص تقديم ميزانية معتمدة من محاسب قانوني تثبت قدرة النادي على الوفاء بالتزاماته المادية تجاه المحترفين. للأسف الشديد أن لجنة الاحتراف وأوضاع اللاعبين غفلت عن مسماها الذي يعني اختصاصها بحقوق اللاعب المحترف، وأصبحت تساند الأندية في الإجحاف بحقوق المحترفين، ولهذا السبب رأينا الشعبية الهائلة لرئيس اللجنة عبدالله البرقان في الانتخابات، إذ اكتسح الجولة ب37 صوتاً، لأن المصوتين هم الأندية، لكن ماذا لو كان اللاعبون هم المصوتون كيف ستكون النتيجة؟ على الجانب الآخر وجدنا هيئة الرياضة تخطو خطوة رائعة بربط التسجيل بتخفيض الديون، وهذه الفكرة استحسناها وأشدنا بها، لكننا بعد أشهر من إعلانها تفاجأنا بالانسحاب التكتيكي لعرابيها من خلال اختراع آلية الديون الآجلة والعاجلة، وهذه الآلية ليست إلا مخرجاً من الفكرة صعبة التطبيق بعد أن اكتشفوا أن الشق أكبر من الراقع، وإلا لو كانوا جادين في التنفيذ لأعلنوا وصفاً لآلية الدين الآجل والعاجل. استعرضت الوضع الاتحادي هنا لأنه "العميد"، ولأنه الهواء الذي يتنفسه أهل الغربية، ولأنه كتاب مفتوح ومثال شاخص أمام الجميع، أقول هذا وأنا أعلم أن وضعي النصر والشباب لا يختلفان كثيراً عن النادي الجداوي العريق، وبعدهم بمراحل يأتي الهلال والأهلي، وأمام هذه الأركان الرئيسية للرياضة السعودية التي تهتز، ننتظر ماذا سيفعل الاتحاد الجديد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.