سيواجه مستهلكو الكهرباء في القطاع السكني بالمملكة تحديات تتعلق بارتفاع استهلاكهم للكهرباء وفواتيرها الشهرية، من جهة وارتفاع درجات الحرارة والحاجة الماسة لأجهزة التكييف في فصل الصيف من جهة أخرى. هذا بالإضافة إلى تعرفة الكهرباء الجديدة التي سيتم تطبيقها في الصيف القادم وتحديدا في شهر يوليو من عام 2017 مما سيشكل عبئا يضاف إلى أعبائهم المالية الحالية، ومما لا شك فيه أن الدعم الذي سيتم توجيهه لحساب المواطن سيخفف من وطأة هذا الارتفاع على الأسر السعودية ولكنه لا يلغيه. ويوضح الجدول المرفق الفروقات بين فواتيرهم السابقة والمتوقعة بعد تطبيق التعرفة الجديدة. ومما لا شك فيه كذلك أن التعرفة الجديدة سوف تحد بصورة كبيرة من التلاعبات والتحايل على نظام الشرائح السابق حيث كان الملاك يعمدون التحايل على الأجهزة الحكومية وشركة الكهرباء للحصول على أكثر من عداد للاستفادة من التعرفة المنخفضة للشرائح الأولى، وبالتالي الحصول على خفض غير مستحق لفواتيرهم مما أدى إلى انحراف التعرفة المنخفضة عن أهدافها الرئيسية المتمثلة في تشجيع الترشيد في استهلاك الكهرباء ودعم ذوي الدخل المتدني، وبالتالي فإن التعرفة الجديدة كانت أكثر عدالة من التعرفة السابقة لأولئك الذين التزموا بالأنظمة والقوانين من فئات الاستهلاك السكني المرتفع إذ لا يمكن تحميلهم وحدهم مسؤولية تعويض الخسارة للتعرفة المنخفضة للمشتركين من ذوي الدخل المنخفض والتلاعب والتحايل للمشتركين الآخرين ومسؤولية الارتفاع المتسارع في استهلاك الطاقة في المملكة. وستعاني الأسر الكبيرة وأصحاب الفلل والشقق غير المعزولة حراريا بالتحديد من هذا الارتفاع أكثر من غيرهم، وسيدفعون ضريبة تراخي السياسات التنظيمية المتعلقة بأنظمة البناء مما أدى إلى ارتفاع استهلاك الكهرباء في المملكة بنسب عالية سنة بعد أخرى، وكذلك تسبب في الصراع الحالي على موارد الطاقة ما بين استهلاكها داخليا وتصديرها كمصدر رئيس للدخل. وبالتالي فإن المخرج من الوضع الحالي لا يجب أن ينصب في اتجاه واحد أو اتجاهين كرفع سعر التعرفة وكفاءة الأجهزة الكهربائية، بل يجب أن يسير في مسارات متعددة ومتوازية ومتكاملة أسوة بدول كبرى سبقتنا في هذا المضمار منذ أكثر 35 سنة على الرغم من عدم اعتماد دخلهم القومي على الطاقة الأحفورية (البترول والغاز ومشتقاتها). يجب أن تأخذ هذه المسارات في اعتبارها سياسات عدة منها الاقتصادية والتنظيمية والأكاديمية والاجتماعية، إذ لا يمكن الاكتفاء برفع التعرفة بل يجب تشجيع ملاك المنازل على استخدام العزل الحراري عبر تقديم الدعم المالي لهم أو عبر أنظمة بناء صارمة، وكذلك تشجيع الدراسات الأكاديمية والبحثية المتعلقة بالطاقات البديلة وبالتحديد الطاقة الشمسية والمواد الواعدة والمنخفضة التكلفة الداخلة فيها، وكذلك تقديم الدعم بشتى أنواعه لمصانع الألواح الشمسية والعزل الحراري كمصانع الصوف الصخري والبلوك البركاني والسيبوريكس وغيرها، بالإضافة إلى تشجيع السياسات الاجتماعية المتعلقة بتحديد عدد أفراد الأسرة ونشر الوعي لدى أفراد المجتمع بالآثار الاقتصادية المترتبة على الأسر الكبيرة. * مختص في شؤون الطاقة م.زيد الكثيري