لاشك أن سياسة التوسع والانتشار الجغرافي لفروع البنك تمنحه أفضلية الوصول إلى قاعدة كبيرة وشرائح متعددة من العملاء، ولكن تكاليف التشغيل التي تتحملها البنوك جراء تلك التوسعات ساهمت في تغيير القناعات، وتفضل البنوك حالياً التوسع من خلال تطوير البنية التكنولوجية وإتاحة منتجات وبرامج مصرفية عبر الإنترنت. وفي دراسة حديثة أظهرت بأن العملاء لا يحبذون الذهاب للبنوك ويفضلون استخدام التقنية البنكية ولكن بعض الدراسات التسويقية ذكرت بأن البنوك لا تستطيع أن تبيعَ منتجاتها وتحققَ أهدافها من خلال التسويق الإلكتروني فقط بل إنها تحتاج إلى جذب العميل للفرع والتسويق له من خلال الموظف، ولذا فإن هنالك توجه لدى بعض البنوك إلى استخدام التقنية البنكية في إدارة عمليات العملاء وتفريغ الفروع وموظفيها للتسويق. الدراسة التحليلية في الجدول المرفق حاولت أن أسلط الضوء من خلال الأرقام ونتائج البنوك على سياسة كل بنك وهل حققت سياسته الأهداف سواء من خلال التوسع والانتشار في الفروع أو الإحجام عن التوسع والاكتفاء بشريحة معينة من العملاء والتركيز على التقنية البنكية. يظهر لنا الجدول أن مصرف الراجحي هو من أكثر البنوك انتشاراً بعدد 537 فرعا و202 مركز للتحويل، وهو أيضاً يمتلك أكبر شبكة صرف آلي بعدد 4388 جهازا، وحوالي 59 ألف نقطة بيع، وقد ساهم هذا التوسع الكبير في رفع ودائع العملاء إلى حوالي 272 مليارا، ومحفظة التمويل حوالي 226 مليار ريال، إلا أن فروع البنك الأهلي أقل من فروع مصرف الراجحي بكثير؛ حيث لم يتجاوز عدد فروعه عن 355 فرعا، ومع ذلك فإن البنك لديه ودائع بأكثر من 311 مليارا ومحفظة تتجاوز 259 مليار ريال، ولذا نجد أن متوسط أرباح كل فرع في مصرف الراجحي في حدود 11 مليون وفي البنك الأهلي متوسط ربح الفرع في حدود 20 ألف ريال، بينما نجد أن متوسط رواتب الموظفين لدي مصرف الراجحي في حدود 4 ملايين للفرع الواحد، بينما في البنك الأهلي في حدود 7 ملايين ريال. أما أحدث البنوك فهما بنك البلاد ومصرف الإنماء، ومن خلال الجدول نجد أن بنك البلاد انتهج سياسة التوسع والانتشار بينما مصرف الإنماء ركز على انتقاء المواقع وتطوير الخدمة لذا نجد بأن ودائع العملاء لدى بنك البلاد 43 مليارا، بينما مصرف الإنماء الأقل فروعا 77 مليارا والحال ينطبق على التمويل؛ حيث لم يحقق بنك البلاد سوى 36 مليارا، بينما حقق مصرف الإنماء 69 مليار ريال. بنك سامبا لديه 72 فرعا فقط ولكنه ركز على الشريحة العليا من العملاء، ولذا نجد أن متوسط ودائع العملاء في فروعه تجاوز 2.4 مليار ريال والتمويل لكل فرع 1.8 مليار ريال، أما رواتب الموظفين فحققت أعلى نسبة في حدود 14 مليونا لكل فرع وهذا جعل من بنك سامبا بيئة جاذبة للكفاءات الوظيفية. وفي اعتقادي بأنه لا يمكن الحكم على أن سياسة التوسع غير مجدية؛ حيث لاحظنا من خلال نتائج البنوك للتسعة أشهر لعام 2016 بأن مصرف الراجحي الأكثر فروعاً كان من أقل البنوك تأثرا بالأزمة الاقتصادية؛ حيث إن لديه قاعدة ضخمة من عملاء الأفراد من الشريحة المتوسطة والصغيرة. *محلل مالي