الأمين العام ل«جويك» الأستاذ عبدالعزيز حمد العقيل في العام 1976، تقدم سعادة الشيخ فيصل بن ثاني بن جاسم آل ثاني -رحمه الله-، بفكرة إنشاء "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" (جويك)، وذلك خلال ترؤسه اجتماع وزراء الصناعة في دول الخليج العربي، عندما كان وزيراً للصناعة والزراعة في دولة قطر ولقيت فكرته ترحيب دول الخليج، وتأسست المنظمة التي تضم في عضويتها كلاً من: دولة الإمارات العربية المتحدة، ومملكة البحرين، والمملكة العربية السعودية، وسلطنة عمان، ودولة قطر، ودولة الكويت، وقد ساهمت "جويك" في مسيرة النهوض الصناعي وفي تحقيق التكامل الصناعي والاقتصادي بين دول المنطقة. ومع إتمام "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" سنتها الأربعين، تترسخ رؤيتها في كونها "بيت خبرة ذا سمعة عالمية تنافسياً ومتميزاً في مجال تقديم الخدمات الاستشارية الصناعية"، وفي هذه المناسبة رأى الأستاذ عبدالعزيز بن حمد العقيل الأمين العام لمنظمة الخليج للاستشارات الصناعية (جويك) أن "اجتماع دول الخليج حول هذا الكيان الصناعي كان نابعاً من إيمانهم بوحدة المصلحة القومية، وإدراكاً منهم لأهمية الصناعة في البنيان الاقتصادي، وتوثيقاً لعرى التعاون والتنسيق الصناعي كخطوة لا مناص منها من أجل التكامل الاقتصادي". مشدداً على أن المنظمة تعمل منذ تأسيسها "على تحقيق التعاون والتنسيق الصناعي بين الدول الأعضاء من خلال جمع ونشر المعلومات عن مشروعات وسياسات التنمية الصناعية، وتقديم المقترحات الخاصة بإقامة مشروعات صناعية مشتركة بين الدول الأعضاء، وتقديم التوصيات للتوفيق بين مشروعات التنمية الصناعية، وتنسيق وتطوير التعاون الفني والاقتصادي بين الشركات والمؤسسات الصناعية القائمة أو التي ستقام، وتقديم المساعدة الفنية في تحضير وتقييم المشروعات الصناعية، وإعداد البيانات والدراسات المتعلقة بالصناعة". وأشار العقيل إلى أن "دول مجلس التعاون حققت إنجازات متعددة في إطار سعيها لتعميق ومتانة علاقاتها الاقتصادية، وذلك في خطواتها الحثيثة نحو التكامل الاقتصادي، وقد كان للاتفاقية الاقتصادية بين دول مجلس التعاون في العام 2002 أثرها البارز على الساحة الاقتصادية الخليجية، حيث أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك حرص أصحاب الجلالة والسمو قادة دول المجلس على السير قدماً في العمل الاقتصادي المشترك، الذي كان من ثمراته قرارات، مثل إنشاء الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة"، وأضاف "تسعى (منظمة الخليج للاستشارات الصناعية) لدعم مسيرة الدول الأعضاء، للنهوض بالقطاع الصناعي، وتحقيق التنمية الاقتصادية تلبية لدعوات قادة دول مجلس التعاون للعمل على تحقيق التكامل الاقتصادي بين دول الخليج، وهذا ما يشكل أحد أهم الأهداف التي قامت عليها المنظمة. قاعدة بيانات الخليج تعمل المنظمة منذ انطلاقتها على نشر المعرفة وتوفير المعلومات المتعلقة بالقطاع الصناعي الخليجي، من خلال البيانات والإحصاءات التي وضعتها بمتناول شريحة واسعة من المهتمين، وفي العام 1979، تم إنشاء مكتبة صناعية متخصصة، كما تم تصميم عدة أنظمة لقواعد المعلومات الاقتصادية والصناعية لدول الخليج، وكذلك قواعد بيانات ومعلومات التكنولوجيا عن العمليات الصناعية المختلفة في العالم، التي تعمل بنظام جمع البيانات من العديد من المصادر المحلية والخارجية وبالاتصال المباشر ببنوك المعلومات العالمية. وفي العام 1983، الذي أُطلق عليه آنذاك عام المعلومات بالمنظمة، تم ربط الدول الأعضاء بالحاسب الآلي، لتكون أول قاعدة مركزية للمعلومات على مستوى منطقة الخليج، وبحلول العام 2005 أطلقت المنظمة برنامج معلومات الأسواق الصناعية (IMI) وهو عبارة عن بوابة تفاعلية على شبكة الإنترنت صممت لتكون مصدراً سهل المنال للبيانات والمعلومات الصناعية، وكانت هي البوابة الأولى من نوعها في المنطقة. وتطورت آليات عمل "جويك"، خصوصاً بعد أن باتت محط اهتمام راسمي السياسات وأصحاب القرار، وكذلك رجال الأعمال والمستثمرين والباحثين والدارسين، لذا أصبح لزاماً على المنظمة أن تواكب التطورات التقنية، وتضع قواعد بياناتها المتنوعة بمتناول جمهورها بشكل أكثر سلاسة، وحداثة من خلال البوابة المطورة لمعلومات الأسواق الصناعية (IMI Plus) مع بداية العام 2012، حيث لم يعد الأمر مقتصراً على المخرجات الورقية التي يتطلب البحث فيها ساعات وساعات، بل يكفي البحث عن موضوع معين في قطاع ما ليجد الباحث ما يريده ضمن هذه القواعد. مركز المعرفة الخليجي لم تتوقف الجهود المبذولة عند هذا الحد، فقامت "جويك" بجعل البيانات التي تجمعها من مصادر متعددة وموثوقة متوفرة بطرق حديثة ومتطورة، فعملت على توظيف واستخدام أحدث التقنيات والأجهزة والبرمجيات لحفظ وإتاحة البيانات والمعلومات، وبثها ووضعها في متناول المستفيدين، على شكل دراسات صناعية، وفرص استثمار صناعي، وتقارير صناعية مفصلة عن مختلف القطاعات الصناعية في دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك من خلال نافذة جديدة للمعلومات الصناعية هي "مركز المعرفة الصناعية الخليجي". وبذلك وضعت "جويك" كنزاً من المعلومات الصناعية يمكن الوصول إليه بكل سهولة ويسر، مما يشكل إنجازاً جديداً يضاف إلى إنجازاتها، وهو بلا شك يواكب مسيرتها لتطوير وتوسيع مجالات خدماتها الاستشارية والفنية المختلفة لتطال القطاعات كافة. هذا الأمر جعل المنظمة تحقق موقع الريادة كمؤسسة استشارية ذات مصداقية وضع صناع القرار وراسمو السياسات ثقتهم فيها، واعتمدوا عليها للحصول على المعلومات والإحصاءات الموثقة والمحدثة المتعلقة بالقطاع الصناعي، في الدول السبع الأعضاء في المنظمة. فرص الاستثمار الصناعي دأبت المنظمة خلال الفترة الماضية على دعم المجهودات الهادفة إلى التكامل بين القطاعين العام والخاص الصناعي والاقتصادي في المنطقة، حيث نجحت في تزويد هذين القطاعين بأكثر من 450 فرصة صناعية جديدة في المنطقة من خلال برنامج فرص الاستثمار الصناعي (MIOP)، كما أصدرت العشرات من التقارير الصناعية ودراسات الجدوى والدراسات متعددة العملاء، وقدمت "جويك" خدمات استشارية للعديد من العملاء في دول المجلس، ونظمت العشرات من المنتديات وحلقات الدراسة لتقديم الفرص الجديدة في المنطقة، واستعراض الملامح الاستثمارية العامة التي طورها فريق عمل تصنيع الفرص الصناعية، ودراسات ما قبل دراسات الجدوى، وعدد قليل من المشاريع الكبرى التي نُفذت حالياً. وضمن هذا البرنامج، تقوم "جويك" بإجراء دراسات لتحديد الفرص التي يمكن أن تدعمها في الدول الأعضاء، بالارتكاز على تحليل العرض والطلب والتعرّف على أحدث التكنولوجيّات المتعلّقة بالممارسات الصناعيّة النظيفة، وتقديم منتجات تشكّل قيمة مضافة عبر استخدام الموارد المتاحة في دول مجلس التعاون الخليجي. دعم مشروعات الصغيرة والمتوسطة برز دور "جويك" المتزايد مؤخراً في دعم القطاع الخاص في اقتصاديات الدول الأعضاء، نظراً لأهميته في رفع مستوى الصناعة، وكان تركيز المنظمة على تقديم الدعم الكامل للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً عبر برنامج الدعم الفني للصناعات الصغيرة والمتوسطة (ITA). ووضعت المنظمة عدة برامج للدعم الفني بهدف زيادة القدرة التنافسية لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول الأعضاء، من خلال تقييم تكلفة الإنتاج وجودة المنتج والمسائل البيئية، حيث يعمل برنامج الدعم الفني كوسيلة فعالة من حيث التكلفة لقياس الأداء والتكاليف بالمقارنة بالصناعات المماثلة، ويسمح للمصانع الصغيرة والمتوسطة بتطبيق أفضل الممارسات دون الحاجة إلى توظيف الموارد والبرامج الداخلية، وزيادة الموفورات في جميع المجالات التي تؤدي إلى تحسين الربحية، وزيادة القدرة التنافسية للشركات على المستويين الإقليمي والدولي، وقامت المنظمة بتنفيذ مجموعة من دراسات الدعم الفني للمصانع الخليجية، وتقوم حالياً بالتعاون مع الجهات الحكومية التي بدأت بوضع برامج وطنية للدعم الفني للقطاع الصناعي، بهدف زيادة القدرة التنافسية لدى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومما لا شك فيه أن "جويك" تعمل بشكل متواصل مع مؤسسات القطاع الخاص من شركات ورواد أعمال بالتواصل المباشر أو عن طريق الغرف التجارية والصناعية وجمعيات رجال وسيدات الأعمال من ناحية، ومع المؤسسات الحكومية من وزارات وصناديق تنمية ومناطق صناعية من ناحية أخرى، لوضع حلول للمشاكل التي تواجه القطاع الخاص في مجال الاستثمار الصناعي، ويكمن دور المنظمة بالدعم الاستشاري من دراسات للقطاعات الصناعية ودراسات جدوى، ودورات تدريبية، وتنظيم ملتقيات صناعية، ومقارنات مع تجارب خليجية وعالمية ناجحة من أجل تذليل العقبات أمام مشاركة القطاع الخاص بالقطاع الصناعي. تنمية قدرات القطاع الصناعي وفي إطار سعيها الدائم لتطوير القطاع الصناعي في دول مجلس التعاون، قدمت "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" خلال السنوات الأربعين الماضية برامج تدريبية متنوعة للعديد من الجهات، ضمن برنامج التدريب وتطوير القدرات (TCD)، وكان الهدف الرئيسي للبرنامج "زيادة القدرات الفردية والتنظيمية في القطاع الصناعي بدول الخليج التي نعتبرها مسؤوليتنا" كما يوضح العقيل. وقد نظمت "جويك" هذه الدورات لمساعدة رجال وسيدات الأعمال وخصوصاً الأعمال الصغيرة والمتوسطة، لدعمهم في تطوير مهاراتهم لتصبح مؤسساتهم أكثر قدرة على المنافسة إقليمياً ودولياً. وأقامت "جويك" شراكات مع عدد من أفضل الجامعات المتخصصة عالمياً، ومراكز التدريب والتعليم الفني، لتقديم دورات تدريبية وورش عمل ضمن برنامج التدريب وتطوير القدرات، مستعينة بمهارات خبرائها والخبراء العرب والأجانب من مراكز وبيوت الخبرة العربية والعالمية، ومنها منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية (يونيدو)، ولجنة الأممالمتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، وجامعة كارنيجي ميلون، وجامعة ديوك، وجامعة الملك سعود، وجامعة سلمان بن عبدالعزيز في المملكة العربية السعودية، والمعهد العربي للتخطيط في دولة الكويت، والمعهد الكوري للاقتصادات الصناعية والتجارية (كيت)، و"انترناشونال إيكيم" IeC البريطانية للاستشارات وغيرها. الشبكة الخليجية للمناولة الصناعية ومن أبرز برامج "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" الشبكة الخليجية للمناولة الصناعية GSPX، التي تعتبر خريطة طريق للنهوض بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي، والشبكة الخليجية للمناولة والشراكة الصناعية عبارة عن مبادرة للتعاون الصناعي تقدمت بها المنظمة عام 2001، ثم توجت هذه المبادرة بتوقيع اتفاقية بين "جويك" وبين "منظمة الأممالمتحدة للتنمية الصناعية" (يونيدو) عام 2003 لتطبيق آلية المناولة والشراكة الصناعية على الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دول مجلس التعاون الخليجي بواسطة دمج المبادرات المقدمة من دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال ربط جميع مراكز المناولة والشراكة الصناعية على أرضية مشتركة. ويقع المقر الرئيسي للمركز الإقليمي في دولة قطر، حيث يغطي 6 من دول مجلس التعاون الخليجي، ويعمل كقائد ودليل لجميع مراكز المناولة في دول مجلس التعاون الخليجي، ويساهم في تشجيع علاقات التآزر والتوافق بين آلاف المستثمرين والآمرين بالأعمال في المنطقة، ويعمل على ربط الشركات المحلية في دول مجلس التعاون الخليجي، وسلاسل التوريد للشركات المحلية أو الدولية الكبيرة. الدراسات والسياسات الصناعية من برامج "جويك" المهمة برنامج الدراسات والسياسات الصناعية (ISP)، هو برنامج يعمل على تطوير السياسات الصناعية والاقتصادية في الدول الأعضاء بالمنظمة، ووضع الأطر التي تساعد على تكريس التعاون الصناعي والاقتصادي فيما بينها، وذلك في إعداد الدراسات الاقتصادية والصناعية على المستوى الكلّي بدول المجلس والمتعلقة بالسياسات الاقتصادية المؤثرة بالصناعة، ومجالات التنمية الصناعية وفرص التعاون والتنسيق والتكامل الصناعي، والموضوعات المحالة من الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي، وإجراء البحوث والمسوح الميدانية، وإعداد التقارير، وعقد ورش التدريب المتعلقة بالإستراتيجيات، وبحث التكامل التجاري وسياساته، وتنمية المشاريع الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وشراكات القطاعين العام والخاص في مشاريع البنى التحتية للصناعة، ورصد ومتابعة التطورات المستجدة في الاقتصاد العالمي وآثارها على اقتصاد دول المجلس. مؤتمر الصناعيين كما نظمت "جويك" 15 دورة من دورات مؤتمر الصناعيين الخليجيين، الذي يهدف لقيادة مسيرة مستقبل الصناعة في دول المجلس. ويعتبر مؤتمر الصناعيين الخليجي الذي تتم استضافته بالتناوب بين الدول الأعضاء في "جويك" مرة كل عامين، أحد أهم إنجازات المنظمة منذ إنشائها، حيث ساهمت هذه المؤتمرات، التي كانت انطلاقتها في العام 1985 في الدوحة، في تطوير مسار الصناعة في الدول الأعضاء على المستويين العام والخاص. أفضل التطبيقات في الجودة مؤخراً حصلت "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" (جويك) على شهادة الأيزو ISO 9001-2008 في نظم إدارة الجودة، وذلك في مجال توفير الدراسات الصناعية ودراسات السوق، وفي توفير الخدمات المطورة لمعلومات السوق الصناعية بدول مجلس التعاون الخليجي. وشكل حصول "جويك" على شهادة الأيزو خطوة نموذجية نحو مزيد من النجاح في المستقبل، حيث تتلخص سياسة المنظمة للجودة في تعزيز فهم احتياجات ومتطلبات عملائنا، مع غرس ثقافة تتجاوز توقعاتهم، ومراقبة الأداء، من خلال مقاييس الأداء من أجل التحسين المستمر لعملياتنا وخدماتنا، والتطبيق والحفاظ على معايير نظام إدارة الجودة. في عيدها الأربعين تتألق "منظمة الخليج للاستشارات الصناعية" مثبتة أنها استطاعت خلال مسيرتها الطويلة والعريقة أن تلعب دورها البنّاء في خدمة القطاع الصناعي، وأن تساهم بما لا يدع مجالاً للشك في النمو الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي، بما حققته من إنجازات دفعت عجلة التنمية الصناعية قدماً نحو الأمام، ليس فقط في محيطها الجغرافي، بل في أنحاء العالم كافة.