أشار وزير التعليم في بلادنا خلال مشاركته في ختام جلسات منتدى أسبار الدولي إلى أن أبرز الإستراتيجيات التي تضعها الوزارة لمواكبة تحقيق تطلعات رؤية المملكة 2030 تشغيل التقنية في مجال التعليم والتخلص من التعليم التقليدي. هذا الكلام ربما يتفق الجميع على الإشادة به في حالة معرفة ما الذي ستحتويه وتنقله تلك التقنية التي بشّرنا بها الوزير. يعني منظومة التعليم من الوسيلة مرورا بالمحتوى وصولا للأدمغة. تلك هي الحكاية. صحيح أن عنصر الوسيلة مهم في هذا العصر إذ لا يمكن تخيّل وسائل عفى عليها الزمن في مقار التعليم وقاعاته في الوقت الذي يحوي البيت أحدث وسائل التقنية التي يستخدمها الصغار قبل الكبار. الأهم هو المحتوى قبل الوسيلة وخصوصا في مجال العلم والتعليم. الدول المتقدمة في حقل التعليم مثل أميركا وبعض دول أوروبا واليابان وكوريا جميعها تستخدم وسائل التقنية الحديثة (منذو مبطي) لكنها تتفاوت في المحتوى رغم تشابه الوسائل لهذا تتميز دولة عن أخرى. تشرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على مسوحات قياس لمعرفة أي الدول أكثر تقدما في جودة التعليم محتوىً ووسائل. وفي آخر دراسة أُجريت لتقييم التعليم في العالم تصدرت الدولة الصغيرة سنغافورة دول العالم من حيث إنجازات الطلاب في اختبارات الرياضيات والقراءة والعلوم على ذمّة تقرير نشرته (بي بي سي) الشهر الماضي. قال المدير التعليمي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إن سنغافورة "لم يكن أداؤها جيدا وحسب، لكنها تجاوزت ذلك أيضا". لنترك سنغافورة جانبا فقد أدارت رؤوس العالم نحوها إدهاشا في كثير من المجالات الحيوية وللنظر إلى دولة آسيوية ناشئة بعد دمار وحشي من قبل طائرات الولاياتالمتحدة الأميركية أثناء حرب مخزية شنها العم سام. إنها فيتنام. لقد وصف تقرير ال(بي بي سي) إياه تقدم فيتنام بأنه "متميز جدا"، بحيث تفوقت على ألمانيا وسويسرا في العلوم، وتقدمت على الولاياتالمتحدة في جميع الموضوعات. السؤال موجّه للمشتغلين بالإستراتيجيات التي تحدث عنها وزير التعليم (تبعنا): ما الذي جعل فيتنام (وهي حديثة عهد بالتقنية والنهوض بعد دمار) تتقدم في العلوم وبقية مجالات التعليم على تلك الدول التي سبقتها بزمن طويل في هذا الحقل. الجواب في ظني لا يحتاج إلى كثير عناء، فقط فتّشوا عن المحتوى لديهم لتدركوا بأن التقنية وحدها كوسيلة لن تغيّر الكثير في ترتيبنا المتأخر عالميا في حقل التعليم.