يبدو أن "دوري جميل" سيكون خلال الموسم الحالي أكثر إثارة وندية على صعيد المراكز المتقدمة بدءاً من مركز الصدارة، ثم بقية المراكز الخمسة الأولى التي تتغير بين جولة وأخرى، نظراً للتقارب النقطي الكبير بين أطراف المنافسة، وهو الأمر الذي ساهم في ترقب نتائج مباريات فرق الصدارة، مع نهاية كل جولة، فيما أضحى فريق المفاجآت أو المغامرات، أو ما يطلق عليه عرفاً في عالم الكرة المستديرة "الحصان الأسود"، هو الغائب الأكبر عن الدوري، بعد مرور تسع جولات حتى الآن، إذ باتت جل مباريات فرق المقدمة مع بقية الفرق غالباً تحسم من طرف واحد، على وقع تراجع كبير، في مستويات الطبقة الوسطى بين فرق الدوري وتقاربها من جهة ثانية مع أصحاب المراكز المتأخرة. في الموسم المنصرم كان التعاون فريقاً ملفتاً للسمع والنظر، بعد وصوله حد المركز الثالث، والتأهل على إثر ذلك لدوري أبطال آسيا 2106-2017، في إنجاز تاريخي للنادي القصيمي، وفي مغامرة مثيرة للفريق، على طريقة الفتح في موسم 2012-2013، حين فجر أقوى المفاجآت المدوية، بتحقيق لقب دوري "زين"، بعد مستويات ونتائج مميزة، خلدت في ذاكرة المتابعين، وجاء قبلهما الفيصلي، والرائد في مباريات متفرقة، ولا يُنسى ما قدمه الخليج في الموسم الفائت، وتحقيقه مركزاً متقدماً في وقت باكر. وفي هذا الموسم ظهر الاتفاق بصورة خجولة لم ترق لتاريخ الفريق العريق، حتى وهو يعود للتو من دوري الدرجة الأولى، وهكذا ظلت فرق المقدمة الهلال، النصر، الأهلي والاتحاد ومعهم الشباب، يغردون خارج السرب بعيداً عن فرق المنطقة الوسطى في الترتيب وأطراف المراكز المتأخرة، يسيرون بخطوات متقدمة وواسعة نحو الأمام، لتوسيع الفارق بينهم وبين البقية، في غياب المفاجآت التي كانت تزيد من إثارة وجمالية الدوري في مواسم مضت، عدا مباريات تعد على أصابع اليد الواحدة هذا الموسم. الوقوف على تراجع بقية الفرق عن المتنافسين على المراكز المتقدمة، لها مسبباتها الفنية والإدارية والمالية، ومن المناسب أنها تحدث تزامناً مع اعتماد نظام خصخصة الأندية رسمياً قبل أيام، وهو النظام الذي تعول عليه إدارات وجماهير هذه الأندية في دفع العمل إلى الأمام، والارتقاء بمخرجات النادي الواحد، وانعكاس ذلك على تطوره في إطار النتائج والمستويات، والقدرة الحقيقية على مقارعة الكبار لمواسم أطول. ويبقى الأهم في هذا الصدد هو تفعيل الفكر الاستراتيجي، الغائب عن إدارات هذه الأندية وأجهزتها الفنية، بمنح الفرصة والثقة للاعبين الشباب والمواهب القادمين من الفئات السنية، لخدمة الفريق الكروي الأول على المدى البعيد، بدلاً من الاعتماد فقط على استقطاب المنسقين من أندية المقدمة، كما يحدث في كل موسم، وبأعدادٍ مبالغ فيها كثيراً، تستهلك معها خزائن الأندية مادياً وتؤثر على مستوياتها فنياً من دون تحقيق الدرجة الأدنى من استقطابهم، ما يجعل العمل يدور في اتجاه واحد، يتكرر فيه تدوير العناصر المستهلكة فنياً، وتغيب خلاله سياسة الاعتماد على أبناء النادي، التي غيبها تطبيق الفكر الاحترافي الأعوج، خلال العقدين الماضيين، والمؤمل أن تتوقف في مواسم مقبلة في زمن الخصخصة والرؤى المستقبلية المنتظرة. الفتح لايزال يصارع على البقاء بعد تحقيق اللقب