منذ صدر قرار توليه مسؤولية وزارة الخارجية، خلفاً لصقر الدبلوماسية العربية الأمير سعود الفيصل، كانت العيون كلها تتجه إليه، وكان الجميع ربما يضع يده على قلبه إشفاقاً عليه، ليس لأن المسؤولية كبيرة وبثقل بلد مؤثر عالمياً كالمملكة فحسب، ولكن لأنه جاء في توقيت صعب، وظرف حرج، إقليمياً ودولياً، وبعد قامة فاعلة وعتيدة كسعود الفيصل. الوزير عادل الجبير، الرجل المدهش، الذي أبهرنا جميعاً بثقافته وتمكنه ورزانته، أكد بأدائه الرفيع، أن ثقة الملك القائد في محلها، وأثبت أن معين الدبلوماسية السعودية لا ينضب أبداً.. ، ولكنه يحمل على عاتقه امتداد صورة دولة راسخة، وبالتالي كان حضوره اللافت للأنظار داخلياً وخارجياً محطة إبهار وانبهار.. وبدّد من خلال أدائه القوي جميع المخاوف. الجبير.. الهادئ دوماً والمبتسم باستمرار والمتمكن بطلاقة لغوية مثيرة للإعجاب، هو ابن المدرسة الدبلوماسية السعودية التي تعاقب عليها عظماء سيكتب تاريخنا أسماءهم بأحرف من نور، ونجح خلال الفترة القصيرة الماضية في تدوين اسمه في كتاب "الخارجية" الواسع والعريض، وسبق أن استطاع بكل جدارة واستحقاق أن يملأ مقعد سفيرنا في واشنطن، أهم وأكبر عاصمة في العالم. ومن هنا، يأتي فرحنا كسعوديين بأداء الوزير الجبير اللافت إعلامياً وسياسياً، كونه يقارع نظراءه بكل كفاءة، وينسف في لحظات، بكلمات هادئة ودقيقة ومختصرة، كل الأكاذيب التي تتناول سياسة المملكة، ويرد بسرعة مدهشة، وقادرة على نسج الإجابات الصعبة على أسئلة حرجة في ثوانٍ وكأنه يقرأ في كتاب مفتوح، وبلغة واثقة وسليمة.. لنجد أنفسنا أمام شخصية وطنية رائعة، غير متكلفة، ولكنها حاسمة وحازمة أيضاً في الوقت نفسه. صدقوني.. بلدنا في حاجة لأكثر من نموذج عادل الجبير، في كل مواقع المسؤولية، خاصة تلك التي تتعلق بمخاطبة العالم سواء الداخلي أو الخارجي، رجل لا يملُّ من الترحال شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، وكأنه يقضي حياته ببساطة في مقاعد الطائرات، حاملاً هموم بلده، ومدافعاً عن قضاياها الأساسية، ومتحملاً مسؤولية شرح الحقائق وتفنيد الأكاذيب، وتوطيد العلاقات وكسب الأصدقاء الجدد في شتى بقاع العالم.. حتى استطاع وفي هذه الفترة الوجيزة كسب تأييد شعبي وداخلي لكل قضايا الوطن أولاً.. من مكافحة إرهاب، إلى مواجهة تطرف وتنظيمات تكفيرية، إضافة إلى تحديات إقليمية وقلاقل دولية مضطربة، كلها تجعلنا في اختبار المواجهة والمصداقية. * وقفة.. الوزير الجبير عرفته عن بعد من خلال والده "رحمة الله عليه" فقد كان المعلم والمثقف أحمد الجبير ابن المجمعة يتعامل مع هذا الشاب "عادل" وشقيقه نائل بمثالية "المواطنة" الصادقة.. والواعية.. رحمك الله.. والدنا أحمد الجبير فقد أحسنت التربية..