القوة الناعمة التي نملكها في المملكة كثيرة. أتحدث اليوم عن جانب منها يتمثل في الإعلام غير المباشر من خلال المنتجات الثقافية ومنها على سبيل المثال لا الحصر إنتاج الأفلام، والإصدارات الثقافية. المملكة – كمثال- تقدم في حالة الحروب والكوارث الطبيعية خدمات إنسانية بلا حدود ولا شروط من منطلق إنساني. إعلامنا الداخلي يبرز هذه المساعدات ويخاطب بها جمهور يعرفها. نفس الشيء يقال عن إيواء اللاجئين وتقديم كافة الخدمات لهم. السؤال الآن، هل المطلوب أن نتفاخر أمام العالم بهذه المواقف؟ الإجابة هي النفي، ليس هدف المملكة أن تتفاخر، فهي تقوم بواجب تمليه المسؤولية مثلما هو واجب خدمة الحرمين والحجاج والمعتمرين. ماهو المطلوب؟ المطلوب هو أن نخاطب العالم باللغة التي يفهمها وأن تصل رسالتنا بطرق غير مباشرة. من الصعب أن تجد نفسك في موقف الدفاع وأنت تملك أدوات الهجوم الناعم. الأفلام، الطعام، الصناعات، الكتب اإلخ. أميركا لم تنتشر عالمياً بقواعدها العسكرية فقط وانما بأفلامها، وسياراتها، وطائراتها، وهامبرغرها، ومنتجاتها العلمية، وأبطالها الرياضيين. العالم يتابع انتخاباتها الرئاسية مثلما يتابع حفلة الأوسكار ودوري كرة السلة. في هذا العام طرحت هوليود فيلماً جديداً من بطولة الممثل المشهور توم هانكس تدور أحداثه في المملكة. الفيلم قد ينقل للعالم صورة مغايرة للواقع، وبمعنى آخر يركّز على الأمور الشكلية ويحولها الى قضية عالمية، أو يبرز بعض العادات غير المقبولة حتى في المجتمع السعودي لكن الفيلم يجعلها عنواناً للبلد. طبعاً ليس المطلوب إيقاف هذه المنتجات التجارية المتسلحة بسلاح حرية التعبير. هذا ليس دورنا. المطلوب هو القوة الإعلامية والثقافية التي تعرف العالم ببلادنا وتاريخنا وثقافتنا ومساهماتنا الإنسانية غير المقيدة بقيود سياسية أو طائفية. إنتاج الأفلام الوثائقية وغير الوثائقية هي إحدى وسائل القوة الناعمة. هذا مجال مهم ومؤثر وما زلنا فيه في بداية الطريق. أشرت في بداية المقال الى الخدمات الإنسانية التي تقدمها المملكة. هذه الخدمات هي حسب مفهوم القوة الناعمة جزء من مكون عام يندرج في اطارها جهود إنسانية أخرى للمملكة دور كبير فيها مثل مكافحة الأمراض والفقر، ونشر التعليم، ودعم جهود السلام، وحماية البيئة. نحن نملك القوة الناعمة لكننا بحاجة إلى تفعيل استخدامها بفكر متجدد ووسائل حديثة، ومرونة إدارية تحقق سرعة إنجاز المنتجات الإعلامية والثقافية. وتفعيل الدور الذي تقوم به السفارات والملحقيات الثقافية والتجارية، وتنشيط ترجمة الكتب السعودية إلى لغات عالمية. في مجال القوة الناعمة ينجح من يبادر ويفعل، ويخرج من دائرة ردود الأفعال. [email protected]