أدى فوز الملياردير الاميركي الشعبوي دونالد ترامب الذي لا يملك أي خبرة سياسية أمس في الانتخابات الرئاسية، الى زلزال سياسي غير مسبوق اغرق الولاياتالمتحدة والعالم في مرحلة غموض قصوى. وحرص الرئيس المنتخب لأكبر قوة في العالم الذي أثار برنامجه حول السياسة الخارجية تساؤلات عديدة، على طمأنة الدول الأخرى أيضا. وقال "سنتفاهم مع كل الدول الاخرى التي لديها الرغبة في التفاهم معنا". وتوجه قادة العالم بالتهنئة للرئيس المقبل للولايات المتحدة، حيث هنأه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس معرباً عن أمله في تحسن العلاقات الروسية الاميركية التي تشهد "وضعا صعبا". وأضاف ان موسكو مستعدة للمساهمة في اعادة بناء العلاقات مع الولاياتالمتحدة في ظل رئاسة الجمهوري المنتخب دونالد ترامب. وتابع "نحن مستعدون للقيام بدورنا ونفعل كل ما بوسعنا لإعادة العلاقات الأميركية الروسية الى مسار التطور". واكد أن ذلك "سيكون في مصلحة الشعبين الروسي والأميركي وسيؤثر ايجابياً على الجو العام للعلاقات الدولية نظرا الى المسؤولية الخاصة التي تتحملها روسياوالولاياتالمتحدة لضمان الاستقرار والامن العالميين". وحذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من "مرحلة من الغموض" مع انتخاب الجمهوري دونالد ترامب، داعياً الى وحدة صف أوروبية. وبعدما كان الرئيس الفرنسي الاشتراكي ندد ب"تجاوزات" المرشح الجمهوري، "هنأه" رسميا "كما هو طبيعي بين رئيسي دولتين ديموقراطيتين"، في تصريح مقتضب من قصر الإليزيه. لكنه حذر عن "غموض" يحيط ب"السلام" و"مكافحة الارهاب" و"الوضع في الشرق الاوسط" و"العلاقات الاقتصادية" و"حماية الأرض"، في اشارة الى اتفاق باريس حول المناخ الذي توعد دونالد ترامب مرارا بالانسحاب منه. وقال "شأباشر بدون إبطاء حول كل هذه المواضيع نقاشاً مع الإدارة الأميركية الجديدة" مذكراً بأن "الولاياتالمتحدة هي شريك ذو اهمية قصوى لفرنسا". وتابع "إن هذا الوضع يدعو أيضاً إلى أوروبا موحدة قادرة على التعبير عن موقفها وتطبيق سياسة حيث تكون مصالحها أو قيمها على المحك: الحرية، الكرامة، اللحمة الاجتماعية، مكافحة الفقر". وقال "علينا إيجاد أجوبة، لدينا الأجوبة، ويجب ان تكون قادرة على تخطي المخاوف"، في وقت تواجه بلاده أيضا صعوداً للخطاب الشعبوي قبل أقل من ستة أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. من جانبه أكد وزير الخارجية النمساوي سيباستيان كورتس معلقا على فوز ترامب ضرورة أن يتبنى الاتحاد الأوروبي سياسة خارجية مميزة وخاصة به. ورأى كورتس في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية أمس أنه من المهم أن ينتهج الاتحاد الأوروبي مستقبلا سياسة خارجية خاصة به بقدر كبير ودون تنسيق مسبق مع واشنطن. وأضاف كورتس: "أصبح هذا المطلب القديم لي أكثر حضوراً الآن من ذي قبل". وشدد وزير الخارجية النمساوي، العضو في حزب الشعب النمساوي، على ضرورة أن يستمر الاتحاد الأوروبي في العمل على صياغة سياسة دفاعية وأمنية مشتركة. ودعا كورتس للانتظار حتى معرفة الفريق الرئاسي لترامب ورؤية كيف سيتصرف كرئيس وليس كمنافس في السباق الانتخابي وقال إنه يتوقع أن يمر البيت الأبيض بداية بمرحلة من التردد السياسي وأضاف: "لا يمكن أن نتوقع بوضوح كيف ستبدو الولاياتالمتحدة تحت حكم ترامب وكيف ستتطور". وأكد كورتس أن بلاده ستعمل مستقبلا على مد الجسور بين الشرق والغرب. ووجه رئيس المفوضية الاوروبية جان-كلود يونكر ورئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك دعوة الى الرئيس الاميركي المنتخب لعقد قمة بين الاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة في اوروبا حين يسمح له الوقت بذلك. وعرضت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل على الرئيس الاميركي المنتخب "التعاون الوثيق" الذي يستند الى القيم المشتركة للديموقراطيات الحرة. في المقابل قال وزير خارجيتها فرانك-فالتر شتاينماير انه يتوقع "اوقاتا اصعب" على الصعيد الدولي مع وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض. في الشرق الاوسط، اعتبر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الرئيس الاميركي المنتخب بانه "صديق حقيقي لدولة اسرائيل". في هذه الاثناء اعتبر الامين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ أمس ان زعامة الولاياتالمتحدة "مهمة اكثر من اي وقت مضى" بعد فوز دونالد ترامب بالرئاسة الاميركية قائلا ان "حلفا قويا هو امر جيد للولايات المتحدة واوروبا". وقال ستولتنبرغ في بيان "نواجه اجواء امنية جديدة صعبة وخصوصاً في ما يتعلق بالحرب غير التقليدية والقرصنة المعلوماتية وتهديد الإرهاب"، مضيفا ان "زعامة الولاياتالمتحدة مهمة اكثر من اي وقت مضى". واضاف "اتطلع للعمل مع الرئيس المنتخب ترامب". واثار ترامب استغرابا خلال الحملة الانتخابية حين قال ان واشنطن لن تقدم دعما تلقائيا لدولة في حلف شمال الاطلسي لا تسدد ديونا، ما يثير شكوكاً حول صلب الالتزام الدفاعي المشترك للحلف. وردا على سؤال حول هذه التصريحات قال ستولتنبرغ "كل الحلفاء قطعوا تعهدا رسميا بالدفاع عن بعضهم البعض، وهذا امر غير مشروط". واضاف ان "الضمانات الامنية مهمة لاوروبا كما هي مهمة ايضا للولايات المتحدة". وفي آسيا هنأ الرئيس الصيني شي جينبينغ الجمهوري دونالد ترامب وقال انه يتطلع الى العمل معه، بحسب ما اورد تلفزيون "سي سي تي في" الرسمي أمس. ونقل التلفزيون عن الرئيس الصيني قوله: "اقدر العلاقات الصينية الاميركية واتطلع الى العمل معه والتمسك بالاحترام المشترك ومنع النزاعات والمواجهات". كما هنأه رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، وتعهد بان يحافظ البلدان على علاقاتهما الوثيقة. وقال آبي في برقية تهنئة "اعرب عن تهاني الحارة على انتخابك رئيساً مقبلاً للولايات المتحدة"، مضيفا "اليابانوالولاياتالمتحدة حليفان ثابتان تربطهما قيم مشتركة من بينها الحرية والديموقراطية وحقوق الانسان الاساسية وحكم القانون". وكتب آبي ان "استقرار منطقة آسيا-المحيط الهادىء التي تشكل قوة محركة للاقتصاد العالمي، يقدم السلام والاستقرار للولايات المتحدة". وكانت تصريحات ترامب خلال الحملة الانتخابية حول اليابان، الحليف الاساسي والشريك التجاري للولايات المتحدة، اثارت قلقا في الارخبيل. وأبدى ترامب آنذاك خصوصاً معارضته للاتفاق التجاري للشراكة عبر الهادىء داعيا ايضا طوكيو الى المساهمة ماليا بشكل اكبر في الحلف الامني المبرم بين البلدين. والمح ترامب ايضا الى انه على اليابان الدولة الوحيدة التي تعرضت لهجوم نووي، ان تفكر في تطوير اسلحة نووية لحماية نفسها من تهديدات صادرة عن كوريا الشمالية. وابرمت الولاياتالمتحدة منذ 1960 اتفاقية امنية مع اليابان تتيح للاميركيين اقامة قواعد عسكرية في البلاد مقابل تقديم حماية امنية في حال تعرضها لهجوم. من جهته عبر وزير خارجية كوريا الجنوبية يون بيونج سي أمس عن اعتقاده بأن دونالد ترامب سيواصل سياسة الضغط الأميركية الحالية على كوريا الشمالية بسبب اختباراتها النووية والصاروخية إذا ما فاز في انتخابات الرئاسية. وقال يون "أشار ترامب إلى أن أكبر مشكلة تواجه العالم هي التهديد النووي وأن أعضاء فريقه للأمن القومي يلتزمون بموقف الضغط القوي على كوريا الشمالية".