عندما نرى انه قد تم وبشكل عاجل البت في العديد من البدلات لموظفي الدولة بالتخفيض او الالغاء والايقاف بهدف تخفيض حجم الانفاق الحكومي فإننا نتوقع ان يكون ذلك قد تم وفق أولويات تطلبت إعادة النظر في مجالات الصرف الحكومي ككل لإيقاف الهدر المالي كأولوية أولى تفوق مايتعلق ببدلات الموظفين (مدنيين وعسكريين) التي صورها البعض بأن جميعها هدرا ماليا! فالحقيقة ان هناك مجالات انفاق كبيرة مازالت مستمرة مع انه لدى الجميع قناعة بعدم الحاجة لاستمرارها او معقولية مبالغها، ومن ذلك التوسع الكبير لبعض جهاتنا في استئجار أبراج ومباني في مواقع استراتيجية بعقود خيالية في وقت نفتقد لجودة خدماتها! واذا تجاوزنا حاجة بعض الجهات الى مباني بديلة لمبانيها الحالية القديمة المكلف صيانتها، فانه خلال سنوات الطفرة شهدت اعتمادات استئجار المباني بميزانيات جهاتنا ارتفاعا كبيرا بسبب زيادة عقود الاستئجار للعقارات بالملايين وبعضها بعشرات الملايين على طرق تجارية ومنها مباني استمرت خالية لعدة سنوات تحملت الدولة تكاليف الايجار واعمال التجهيز والتأثيث ومتطلبات التقنية بملايين أخرى! كما لاحظنا تعدد الانتقال من مبنى الى اخر بعد عدة سنوات لتخسر الدولة مرة أخرى الملايين للتهيئة، وحينها لم يكن احد يعترض على ذلك باعتبار ان الاعتمادات تسمح بالدعم مع انه في بعضها لم تكن هناك حاجة للاستئجار أصلا لكون الجهة اما في مبنى جيد او لاتوجد حاجة لإخراج جزء من وكالاتها لمبنى منفصل، والمشكلة انه عند إعادة الاستئجار يكون بمبلغ اعلى لكون موقعة استراتيجي! علما بان تلك الممارسات تسببت في ارتفاع أسعار العقار بشكل خيالي تبعا للعائد من التأجير للجهات الحكومية، والغريب ان تلك العقارات والابراج تعرض للبيع بعشرات الملايين فور توقيع العقد وفقا لقيمة الايجار! وهناك من تورط بالشراء بعد خروج الجهة من المبنى الى مبنى اخر ليتم تسويقه بنفس الطريقة استغلالا لعقود الجهات الحكومية وشبة الحكومية. ومع ان آلية العمل في استئجار المباني تتم غالبا وفق النظام وعبر لجان وموافقات رسمية، الا ان الامر يتطلب في شان استئجار المباني الإدارية ان يتم بحث مدى الاحتياج للاستئجار والمساحات المطلوبة من قبل لجنة من عدة جهات وليس من الجهة المعنية فقط كما هو واقع الحال، وكذلك مدى توفر الاحتياج لدى جهات أخرى استغنت عن مبانيها وهي في حالة جيدة او لاتحتاج الى تكاليف عالية لتهيئتها او ان الاحتياج يتوفر لدى مشاريع مؤسسة التقاعد والتأمينات، كما يجب البعد عن المواقع الاستراتيجية والتجارية ذات التكلفة العالية والمزدحمة ليكون التوجه نحو الترشيد شاملا لجميع مجالات الانفاق الحكومي ومقنعاً للجميع.