حسب التصريحات التي قرأناها في وسائل الإعلام؛ ستعلن الحكومة قريباً عن مكان أول مفاعل نووي في المملكة لإنتاج الطاقة الكهربية. والاستفادة من الطاقة النووية هي خطوة تسهم في التخلص من الاعتماد على النفط، ويُتوقع أن تترك آثارا إيجابية أشرت لبعضها في مقال بعنوان: "الخوف من الطاقة النووية". ولكن مع الطاقة النووية تأتي أسئلة وهموم كثيرة تخص شرائح مختلفة من المجتمع. وحري بالمسؤولين أن يستبقوا الأحداث بالتكلم إلى الناس عن الخطط الموجودة والمستقبل الذي تطمح إليه الحكومة. أهم قضية تشغل الجميع هي الأمن والسلامة، وهي أكثر ارتباطا بمن سيعيشون في مناطق قريبة من المحطات النووية (حتى وإن بعدت عنهم عشرات الكيلومترات). فهؤلاء بحاجة إلى توعية شاملة فيما يخص الطاقة النووية وإجراءات السلامة. ولست أعني السكان وحسب، بل القطاعات الحكومية كذلك: كالبلديات، والدفاع المدني، والشرطة، والمستشفيات، والأرصاد وحماية البيئة، والمسح الجيولوجي، وغيرها. إن الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية حول المحطات النووية، والاستعداد لأي مشكلات ووضع خطط استباقية للتعامل معها؛ يتطلب تنسيقا عاليا بين جميع تلك الجهات والمواطنين، ما يحتم وجود مركز عمليات على مستوى المملكة لتعزيز ذلك التنسيق. ولا شك أن الإعداد لهذا يحتاج إلى وقت وجهد وتدريب يتزامن مع مرحلة بناء المحطات النووية وتأهيل كوادرها. وحول قضية إعداد الكوادر، من المهم إشراك الجامعات المحلية (ممثلة بكليات العلوم والهندسة والصحة وغيرها) لإعداد البرامج العلمية التي تؤهل جيلا من الطلاب والطالبات للعمل في المحطات النووية وما يتعلق بها (وذلك أمر يتطلب سنوات من التدريب ينبغي أن تتزامن مع مرحلة البناء)، وأن يتم التخطيط مسبقا لإتاحة الفرصة للباحثين للاستفادة من المحطات النووية في الأبحاث السلمية. كما أن مرحلة بناء المحطات النووية واكتمالها تعد فرصة كبيرة لتوعية المجتمع علميا -خصوصا الأجيال الجديدة-، ويكون ذلك بإتاحة الفرصة للمدارس والجامعات بزيارة تلك المحطات في فترة إنشائها -تحت إشراف وتنظيم صارم- لتعلم ما هو جديد ومفيد عن الطاقة النووية ومستقبلها في المملكة، ولشحن أنفس الطلبة وفتح عقولهم. على أية حال، أعود لهموم المواطن العادي لأؤكد أن التعامل مع مرحلة الطاقة النووية يحتاج إلى تواصل دائم ما بين الجهات المسؤولة والمواطنين، فحتى وإن كانت الطاقة النووية آمنة، وحتى وإن كانت لا تعني أسلحة ودمارا شاملا، غير أن بعض مشكلاتها التي قد تحصل بسبب خلل تقني أو طبيعي (كالزلازل) أو تخريبي (كالإرهاب) لها تبعات كبيرة على البيئة والصحة العامة. وهو ما يدفع بعض المهتمين للسؤال: لماذا نستعين بالطاقة النووية في حين أن كثيرا من الدول المتقدمة بدأت تتركها؟ الإجابة عن هذا السؤال وما شابهه ومواجهة قلق المواطنين هي مهمة المسؤولين.. لذلك من المهم أن يبدأ هذا التواصل قريبا ليكون جزءا من مرحلة الإعداد والاستعداد للطاقة النووية.