"تمرير قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب" عبارة سيطرب لسماعها ذلك الذي أجلسته غياهيب الحروب على الكرسي المتحرك, وسينبري هاتفا لها ذلك الكفيف الذي فقد مع بصره عائلته وذويه, وآخر سيجثم أمام التلفاز وعلى جانبيه الراديو أملا بأن يسمعه بمقاضاة تاريخية تجمعه مع خصم أرداه مشلولا بالكامل! هؤلاء المتعطشون لمساءلة خصومهم, هم عراقيون يدفعون اليوم ثمنا لمن وعد بدولة ديمقراطية تحتذي بها دول العالم الثالث, وإذا بها تهوي لقعر الرجعية والتفكك وقاع دولة اللادولة! في المجمل القانون يسمح لذوي ضحايا الهجمات الإرهابية ومنها 11سبتمبر/أيلول 2001م مقاضاة حكومات أجنبية والأعين وفق المزاج العام الأميركي والإعلام هناك تتجه نحو المملكة العربية السعودية! والأهم من كل ذلك هو التعجب الدولي والاستنكار العالمي لعدم احترام المشرع الأميركي لمبادئ القانون الدولي التي تفرض للدول حصانة سيادية لا تجيز لها أن تكون معرضة لقضاء دولة أخرى, والأدهى في الأمر الاتجاه الأميركي في تغيير مسلمات قانونية دولية بإرادة منفردة دون احترام دول الكرة الأرضية جمعاء أو الاعتداد بإرادتها!! سينجح الكونغرس الأميركي في إقرار هكذا قانون فيما لو كان بسط سلطانه لا يبقي ولا يذر, حيث يمتد ليضرب بمفاهيم السيادة عرض كل حائط وصولا لسيادة البيت الأبيض! في تلك اللحظة سأقول للكونغرس الأميركي "أحسنت"! فيكفي أن دولتهم ستكون على رأس المساءلة! عزيزي القارئ إذا كان القانون يستهدف دولة أقرت حوار الأديان ودعت إليه, وصرفت من ميزانيتها الأموال الطائلة في سبيل دعم برامج الأممالمتحدة سواء في مواجهة الإرهاب أو مساندة المنكوبين ومكافحة الفقر وغيرها من البرامج الإنسانية, وهي الدولة كذلك التي كرست نموذجا تتسابق عليه الدول لاحتذاء سياستها في مواجهة الإرهاب! فمن هم رعاة الإرهاب الحقيقيون الذين يستهدفهم القانون؟! رعاة الإرهاب الحقيقيون أعزائي أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب الأميركي هم يستوطنون دولنا جميعا, هم في السعودية كما هم في أميركا وفرنسا وبلجيكا وسورية وإيران....الخ, هم موجودون ويعيشون معنا لكنهم يعتاشون على دمائنا, لذا تدافعت الدول لإقرار قوانين تكافح دمويتهم وتجفف منابع دعمهم ورعايتهم, وكانت الريادة في هذا الجانب للسعودية ولنا في نجاحها الباهر في إخماد لهيب القاعدة خير برهان, ولتثمين الأممالمتحدة في أكثر من مناسبة لدور المملكة الضالع والفعال في برامج مكافحة الإرهاب خير برهان أيضا على هذه الريادة! نؤمن بأن هناك أميركيين كثر ومن بينهم الرئيس السابق جورج دبليو بوش والرئيس الحالي باراك أوباما أكثر يقينا ببراءة المملكة برموزها ومؤسساتها من المصاب الجلل الذي أصابنا نحن وآلمنا قبل أن يؤلم الأميركان أنفسهم في"أحداث 11 سبتمبر", لكن مثلهم تماما يوجد من يريد أن يعبث بعلاقات تاريخية إستراتيجية يتجذر عمرها ليصل لأكثر من الثمانين عاما, آملين بأن مس هذه العلاقات سترتق لهم عجز اقتصادهم تارة, أو ستجعل من قرارها السياسي لا يخرج عن الهيمنة الإمبريالية تارة أخرى!