تواصلت الانتقادات لقانون العدالة ضد رعاة الإرهاب «جاستا» الأميركي، إذ أطلق المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي أول حملة دولية لمقاضاة حكومة الولاياتالمتحدة وقادة أميركيين حالين وسابقين، وذلك لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية، ومحاكمتهم أمام محاكم خاصة ذات اختصاص عالمي. وأعلن المركز في بيان صادر عنه أمس أنه يعكف فريق من الخبراء القانونين لدى المركز على إعداد ملفات كاملة حول سبل التقاضي والإجراءات المتبعة أمام المحاكم التي تتمتع باختصاص عالمي، وطبقاً للقوانين المحلية التي تنتهج عالمية الاختصاص. ولم يستبعد الفريق القانوني أن يكون هناك تقاضي أمام محاكم أميركية بناء على قانون «جاستا» المقترح تطبيقه أخيراً في الولاياتالمتحدة الأميركية. وأكد المركز في بيانه أنه بالفعل حصل على ملفات ووثائق إدانة خاصة بضحايا ممن تعرضوا لانتهاكات جسيمة علي أيدي أفراد وقادة عسكريين تابعين للولايات المتحدة الأميركية. كما دعا المركز ضحايا النظام الأميركي كافة في مختلف دول العالم ومن مختلف الجنسيات إلى التواصل مع الحملة وتقديم الوثائق التي لديهم، تمهيداً لبحث سبل التقاضي الأنسب لهم من دون تحملهم أي أعباء مالية، كما يوفر المركز للضحايا سرية بياناتهم ووثائقهم حتى يتم تقديمها إلى المحاكم المختصة. وفي السياق ذاته، دعا المركز في بيانه الدول التي تعرض مواطنوها إلى انتهاكات من جانب حكومة الولاياتالمتحدة أو ممثليها أو جماعات مسلحة مدعومة منها إلى استصدار تشريعات مماثلة لقانون جاستا الأميركي لكي يسمح لمواطنيها وغيرهم ممن تعرضوا لانتهاكات بمقاضاة حكومة الولاياتالمتحدة الأميركية ومسؤوليها. وأشار المركز إلى أن الدعوى للانضمام مفتوحة للمنظمات كافة والخبراء القانونيين بهدف التعاون في هذا الشأن، وذلك خلال التواصل مع عناوين الحملة. من جهتها، استنكرت الهيئة السعودية للمحامين إقرار الكونغرس الأميركي للقانون المعروف اختصاراً ب«جاستا»، واعتبرته مصدر قلق لدول العالم لارتكازه على مبدأ إسقاط حصانتها السيادية، ويخالف قواعد القانون الدولي وما استقرت عليه العلاقات الدولية من عدم فرض القوانين الداخلية على دول أخرى، الذي يتضمن أيضاً مخالفة صريحة لميثاق الأممالمتحدة في ما يتعلق بمبدأ المساواة في السيادة بين الدول. وقالت هيئة المحامين السعودية في بيان (حصلت «الحياة» على نسخة منه): «إن إهدار مبدأ سيادة الدول وحصانتها يمثل انتهاكاً صارخاً لما اتفقت عليه دول العالم وتعمل على حمايته في ظل قواعد محكمة العدل الدولية، إذ لا يوجد أي مسوغ مشروع للانتقال من المسؤولية الفردية إلى خرق حماية الدول عبر الفوضى التشريعية وتسيس القوانين في صورة صارخة ومرفوضة من صور التجرؤ على مبدأ الحصانة السيادية الأجنبية الذي يحكم العلاقات الدولية». وأكدت الهيئة عبر بيانها على وجوب احترام المبادئ الثابتة للقانون الدولي، وأملها بقيام الولاياتالمتحدة الأميركية بالخطوات اللازمة للالتزام بقواعد القانون الدولي، وتجنب عواقب انتهاك مبدأ حصانة الدولة، والعمل على احترام مواثيق الأممالمتحدة. يأتي ذلك في ظل توارد بيانات الاستنكار على تشريع جاستا، الذي يسمح لعائلات ضحايا 11 أيلول (سبتمبر) بمقاضاة السعودية بذريعة قيامها بتلك الهجمات. البيانات والمواقف التي جمعت دولاً وبرلمانات ومؤسسات قانونية وسياسية كبيرة جميعها اتفقت على اعتبار هذا القانون تعدياً على سيادة الدول، كما يمنح بالمقابل الدول المتضررة من اعتداءات أميركا أحقية رفع قضايا ضد واشنطن. من جهته، استنكر اتحاد الحقوقيين العرب قانون «جاستا» لمحاسبة رعاة الإرهاب، واعتبره في بيان له «جائراً وسابقة خطرة، وانتهاكاً سافراً لكل الأعراف والمواثيق الدولية»، ودعا الاتحاد الدول العربية إلى اتخاذ موقف عربي موحد في وجه ما سماه «الابتزاز السياسي الواضح الذي يحاول الكونغرس القيام به ضد من يدعي أنهم رعاة الإرهاب»، كما دعا المنظمات العربية والدولية لفضح الدوافع الحقيقية لهذا القانون، والعمل على حشد كل الطاقات وتوظيف الإمكانات لتكوين رأي عام عالمي، لإرغام الكونغرس على سحبه والرجوع عنه.