كانت عبارة: "الحضور الجماهيري هو سر انتصارنا"، قاسماً مشتركاً في الأحاديث الإعلامية الأخيرة للمسؤولين والأجهزة الإدارية والفنية، وصولاً للاعبين في المنتخب السعودي، بعد مباراة الإمارات الأخيرة، وليس انتهاء بحديثي مدرب الإمارات، وقبله مدرب استراليا، عندما كان حضور الجماهير السعودية مبرراً لهما عن سوء النتيجة في مباراتيهما على التوالي أمام "الأخضر". وتستمر دوماً المناشدات والتحفيز وتقديم كل التسهيلات في المقدمة، للمطالبة بمؤازرة الجماهير، وتطغى على كل الأحاديث الرسمية والإعلامية قبل كل مباراة، سواء للمنتخب أو أي فريق، إيماناً بأن الجماهير هي اللاعب الأول في قائمة المنتخب أو الفريق ضد منافسه داخل الملعب، إذ ظل التغني بالحضور الجماهيري السعودي الكبير في ملعب مدينة الملك عبدالله في جدة، عنواناً عريضاً لظهور حماس اللاعبين وقتاليتهم، وبث معه حالة واسعة من الاطمئنان في نفوس اللاعبين، الذين بادلوا دعم جماهيرهم فعلياً بنتائج لافتة. في الماضي القريب كان الجميع دون استثناء، يمتعض من ضعف الحضور الجماهيري في مباريات المنتخب، امتداداً للمنافسات المحلية للأندية، ونادى الكثيرون بتحسين بيئة الملاعب، لجذب الجماهير وعودتها لمقاعد التشجيع والمؤازرة؛ فيما غاب عن أذهان الكثيرين أيضاً أن أقوى الحوافز التي تستقطب الجماهير هي تحسن النتائج، وتوالي الانتصارات التي تنثر معها حماس المشجعين، قبل توافدهم للدعم، فساهم الحضور الرائع للمنتخب السعودي في بداية التصفيات النهائية الآسيوية، للتأهل إلى مونديال كأس العالم المقبل 2018م في روسيا، وتحقيق انتصارين متتاليين أمام تايلاند ثم العراق، في جذب الجماهير لدعم "الأخضر" أمام أستراليا ثم الإمارات، ماساهم كثيراً في ثبات خطوات المنتخب، وقبضه على صدارة مجموعته الثانية، وهكذا كانت النتائج المميزة، عامل تحفيز مهم، يقدمه اللاعبون أولاً مهراً غالياً للمطالبة بحضور الجماهير، لمساندتهم، والعكس صحيح تماماً في حال سوء النتائج وغياب الانتصارات، فتخلو المدرجات حينها من المشجعين، في علاقة عكسية رسالتها: "قدم نفسك جيداً قبل أن تطالب بدعمي" ولعل منظر المدرجات الخاوية من الجماهير ظل دوماً أقسى الانتقادات السائدة والموجهة للاعبين، ويمثل رسالة قوية تعبر عن السخط الجماهيري العام، على سوء المستويات الفنية وتردي النتائج، وهو ما يتضح جلياً الآن في جل المباريات التي تقع في المنافسات المحلية للأندية، وفي مقدمها مباريات "دوري جميل" للمحترفين، وعلى الرغم من حقيقة ارتباط جودة المستويات وتحسن النتائج بكثافة الحضور الجماهيري، إلا أن ذلك لا يبرر تقاعس المسؤولين عملياً عن مواكبة هذا الأمر، بالمضي قدماً في تحسين بيئة الملاعب، كضرورة لها الأولوية القصوى، وتقديم كل التسهيلات التي تكافئ الجماهير، التي كانت ولازالت ملح البطولات، وعاملاً مهماً في تحقيق المنجزات، وجزءا كبيراً من المتعة الكروية في الملاعب في العالم.