قبيل انعقاد مؤتمر الدول المصدرة للبترول (دول أوبك وأخرى من غير أوبك) في الجزائر على هامش المنتدى العالمي للبترول كانت التصريحات متضاربة بعضها مع بعضها الآخر حتى التصريحات الصادرة من نفس المصدر الواحد فقد اعتدنا أن يصرّح وزير البترول في دولة مصدرة للبترول للصحفيين بتصريح ثم يتلوه في نفس اليوم تصريح ثان لنفس الوزير يتناقض مع تصريحه الأول. وهكذا بالتالي أصبحت تكهنات المحللين لأسواق البترول الدولية متضاربة فعندما يسمع المحلل التصريح الأول للوزير يقول لنا بأنه يوجد اتفاق. ثم يسمع المحلل نفسه التصريح الثاني للوزير نفسه فيعود ويقول لنا انه لا يوجد اتفاق وانما الاجتماع فقط للتشاور وتبادل وجهات النظر بين المجتمعين. ثم كانت المفاجأة المذهلة (أو بالأحرى المباغتة) التي أذهلت وزراء البترول المجتمعين في داخل صالات المؤتمر قبل أن تذهل الصحفيين المنتظرين في خارج قاعات الاجتماع وبالتالي انتقل الذهول الى وسائل الاعلام المتابعة للمؤتمر التي تناقلت الخبر المتضمن أن اوبك ستخفّض انتاجها بمقدار 750 ألف برميل في اليوم وبأن سطح الحصة الاجمالية لدول اوبك ستكون 32.50 مليون برميل في اليوم. واضح بأننا لو أخذنا تصريحات اوبك الأوليّة على علاّتها بأنهم سيخفضون انتاجهم – وفقا للأخبار – بحوالي مقدار 750 ألف برميل في اليوم وبأن سطح حصتهم الاجمالية الجديدة ستكون حوالي 32.5 مليون برميل في اليوم فإن هذا يعنى تلقائيا أن دول اوبك يقدرون انتاجهم الحالي بأنه 33.25 مليون برميل في اليوم وهذه أول غلطة أو مغالطة ترتكبها دول أوبك فانتاجها وفقا لتقديراتي للبترول الخام وحده هو حوالي 33.96 مليون برميل في اليوم. وباضافة السوائل البترولية الأخرى التي تنتجها اوبك وهي تبلغ وفقا لتقرير اوبك الشهري الأخير 6.29 ملايين برميل في اليوم الى انتاج اوبك اليومي من الخام فسيبلغ انتاج اوبك حوالي 40.25 مليون برميل في اليوم وهو رقم غير مسبوق على الاطلاق لدول اوبك منذ انشائها عام 1960. لقد اعتادت منظمة اوبك أن تنشر في تقاريرها الشهرية ثلاثة جداول (احصائيات) تحتوي على أرقام مختلفة لانتاج بترول الدول الأعضاء فيها هي: الجدول الأول يحتوي على الارقام التي تنقلها اوبك من المصادر الخارجية المتخصصة ويقول هذا الجدول ان اجمالي انتاج اوبك من الخام وحده بلغ 33.24 مليون برميل في اليوم في شهر أغسطس الماضي. والجدول الثاني يحتوي على الأرقام التي تقدمها حكومات الدول الأعضاء الى اوبك وهو ليس كاملا ولا يحتوي على الرقم الاجمالي في نهايته. ولكن وفقا لحساباتي الشخصية فانه يزيد بحوالي 871 ألف برميل عن اجمالي الجدول الأول. والجدول الثالث يحتوي على انتاج دول أوبك للبترول غير الخام (السوائل) وبلغت 6.30 ملايين برميل في الربع الثالث لعام 2016 وهي لا تدخل ضمن حصة اوبك ولكنها تدخل ضمن انتاج (عرض) البترول العالمي للبترول في الأسواق تماما كما يدخل الخام ولها نفس التأثير على حدوث الفائض والتأثير على أسعار البترول. الخلاصة: الحقيقة ان وجود اوبك ضرورة لا غنى عنها سواء للمنتجين أو المستهلكين للبترول لضمان الاستقرار في أسواق البترول العالمية ومن غير وجود اوبك ستكون أسواق البترول فوضى لا يوجد جهة مسؤولة موثوق فيها لادارة معروض البترول ويركن اليها العالم ويحملها المسؤولية لامداده بالكميات التي يعجز انتاج (عرض) الدول الأخرى من خارج اوبك عن تلبية احتياجاته للطاقة وهو الدور الذي استطاعت أن تقوم به أوبك بجدارة بقيادة المملكة وتعاون الدول الأعضاء الأخرى معها في المنظمة رغم ما يطفو على السطح من خلافات كبيرة بين أعضائها. لكن لا يلبث الأمر طويلا حتى يطغى العقل ويسود التعاون بينهم رغم انكار وظلم الاعلام العالمي لاوبك واتهامها بالكارتل وهي منه بريئة كبراءة ذئب يوسف.