سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خيارات أصحاب القروض العقارية وفقاً لأنظمة مؤسسة النقد بعد قرار تعديل أو إلغاء علاوات موظفي الدولة تسريع فترة التكيّف وتفهم العائلة الحلول الأولى لمعالجة الوضع
أصدرت مؤسسة النقد تعليماتها بشأن إعادة جدولة القروض الاستهلاكية في 2 أكتوبر 2016م، وأشارت المؤسسة في ختام بيانها أنها ستعمل على تقييم ما ينبغي اتخاذه بشأن منتجات التمويل الأخرى، وفي هذا التقرير يرصد الخيارات القانونية والاقتصادية المتاحة للحاصلين على تمويل عقاري، ويتطرق إلى الأسباب الوجيهة لحاجة مؤسسة النقد لمزيد من الوقت لتقييم منتجات التمويل غير الاستهلاكي لاسيما التمويل العقاري. ولعل أهم أسباب تأخير صدور تعليمات إعادة جدولة القروض العقارية يتمثل في طول مدة التمويل العقاري التي في الغالب تمتد إلى بلوغ معظم المقترضين سن التقاعد النظامي، وهذه مسألة تحتاج إلى مزيد من البحث والدراسة لتقييم أوضاع المقترضين ومستويات انخفاض دخولهم بعد التقاعد، ونسب الاستقطاع الممكنة، وهذه مشكلة أكثر حدة للمقترضين العاملين في القطاعات العسكرية، أم العاملين في القطاعات الأخرى؛ فإن المشكلة ستواجه المقترضين الذين تنتهي فترة سدادهم للقرض ببلوغ سن التقاعد ومعظمهم من الفئة العمرية التي تجاوزات سن الأربعين. وقد تكون نسبة الاستقطاع النظامية من دخل المقترض أحد أهم الأسباب التي جعلت مؤسسة النقد تبادر بإصدار بيانها حول القروض الاستهلاكية وترجئ النظر في منتجات التمويل الأخرى، حيث أن نسبة الاستقطاع النظامية للقروض الاستهلاكية هي بحد أقصى ثلث الدخل الشهري للمقترض وفقاً للمادة (20) من نظام الخدمة المدنية التي تحظر استقطاع أكثر من ثلث راتب الموظف (باستثناء دين النفقة). أم بالنسبة لقروض التمويل العقاري، فهناك تعليمات وضوابط ومعايير مختلفة. حيث يراعى عند منح القروض العقارية حجم توفير الإنفاق على الإيجار المتحقق للمقترض من التحول من مستأجر إلى مالك لمسكنه، لذا تتجاوز نسبة الاستقطاع في القروض العقارية شرط الثلث لتصل إلى نحو 50%، وتزداد النسبة في القروض الممنوحة للزوجين أو الأقارب التضامنين لتصل إلى نحو 60% من إجمالي دخولهم بشرط ألا تزيد النسبة عن 100% من دخل المقترض الرئيسي. وهذه مسألة تحتاج أيضاً إلى المزيد من البحث والدراسة والتقييم الدقيق من قبل مؤسسة النقد بالتعاون مع المصارف. وقد طلبت مؤسسة النقد من المصارف تزويدها بالبيانات الإحصائية التي تصل إليها بعد القيام بشكل فوري بتقييم القروض الاستهلاكية وحصر وتحديد جميع العملاء الذين يتبين ثبوت تأثر أقساط سداد قروضهم بتعديل أو إلغاء أو إيقاف بعض العلاوات والبدلات والمكافآت والمزايا المالية. وطلبت المؤسسة من المصارف أيضاً تقييم ما تتوصل إليه بعد معالجة أول قسط. وهذا سيساهم بالتأكيد في تقييم أفضل لما ينبغي اتخاذه بشأن منتجات التمويل الأخرى. «الانسحاب من العقد» خطأ يعيد إلى دائرة الصفر.. و«عقود تضامن» تشكل حلاً جوهرياً وهناك مسألة أخرى هامة متعلقة بقطاع التمويل العقاري، حيث تنقسم الجهات المرخصة من قبل مؤسسة النقد بمزاولة نشاط التمويل العقاري إلى مصارف وشركات تمويل. وتحظر تعليمات مؤسسة النقد على المصارف تقديم تمويل عقاري يتجاوز 70% من قيمة العقار حفاظاً على النظام المصرفي من ارتفاع درجة انكشافه لمخاطر السوق العقارية لاسيما أن المصارف كيانات مالية تتلقى الودائع، ومن مهام مؤسسة النقد الحفاظ على أموال المودعين وضمان استقرار النظام المالي للمملكة. في حين أن تعليمات مؤسسة النقد تجيز لشركات التميل العقاري غير التابعة للمصارف تقديم تمويل يصل إلى 85% من قيمة العقار كحد أقصى. أي أن الدفعة الأولى في العقار الممول من قبل المصارف هي 30% كحد أدنى، أما الدفعة الأولى في العقار الممول من قبل شركات التمويل الأخرى فهي 15% كحد أدنى. وسيترتب على اختلاف قيمة الدفعة الأولى بين المصارف وشركات التمويل اختلاف حجم خدمة الدين ونسبة تكلفة التمويل ونحو ذلك. وهذه مسألة تتطلب أيضاً مزيد من البحث والدراسة وتحديد عدد العملاء وأوضاعهم المعيشية بعد القرار في كل جزء من قطاع التمويل العقاري. والخيارات القانونية لمعظم الحاصلين على تمويل عقاري محدودة في ظل الحالة السائدة من ظروف عدم التأكد حول الآثار المتوقعة على دخولهم ونسبة الاستقطاع منها سواءً بالنسبة لمؤسسة النقد وما ستصدره من ضوابط وتعليمات في هذا الشأن، أو المصارف وشركات التمويل وما ستتخذه من إجراءات، أو العملاء أنفسهم الحاصلين على تمويل عقاري. لذا ينبغي على العملاء المبادرة والرجوع إلى عقودهم التي أبرموها مع المصارف أو شركات التمويل العقاري المرخصة، وقراءتها بتأني للتعرف على شروط العقد وما تضمنه من ضوابط أقرتها مؤسسة النقد مثل جدول السداد لعقد التمويل، وإجراءات السداد البكر وفترة حظره التي نصت تعليمات مؤسسة النقد ألا تتجاوز العامين، وأيضاً إجراءات حق الانسحاب (إلا إذا وجدت عبارة [لا ينطبق] في العقد)، وإجراءات ممارسة حق إنهاء عقد التمويل، والآثار المترتبة على التأخر في سداد الأقساط، وإجراءات التعامل مع الضمانات في حالة انخفاضها (إن وجدت). أما الخيارات الاقتصادية فهي أشمل وذات أفق واسع، وتبدأ أولاً من العمل على تسريع فترة التكيّف مع الواقع الجديد لمستوى الدخل. وعملية التكيّف تحتاج إلى جهد ووقت وتفهّم جميع أفراد الأسرة، وينبغ ألا يستغرق ذلك وقتاً طويلاً كي لا تضطر الأسرة إلى الجواء إلى حلول مؤلمة. وينبغ إدراك أن الانسحاب من عقد التمويل العقاري هو بمثابة الكي بالنار، ويعني العودة إلى نقطة الصفر أو الاقتراب منها (وفي بعض الحالات الدخول في المنطقة السالبة). ويجب ألا يندرج التفكير في الانسحاب ضمن خيارات المقترضين، بل يمكن تفادي ذلك من خلال ترشيد الإنفاق أو القليل من التنازلات مثل تأجير جزء من العقار للمساهمة في تكاليف تمويله. أيضاً على المقترضين، تفادي تأجير العقار بالكامل واستئجار مسكن أخر أقل تكلفة. ففي معظم الحالات يؤثر ذلك على منفعة الأسرة ولا يساعد كثيراً في علاج المشكلة، بل قد يخلق أزمات متعلقة بإدارة السيولة لدى المقترضين وتحديداً إدارة التدفقات النقدية الداخلة والخارجة من وإلى ميزانية الأسرة. حيث قد تتأخر الإيرادات الناتجة عن تأجير العقار في الوقت الذي تكون فيه الأسرة مطالبة بتسديد أقساط التمويل في والموعد المحدد ودفع تكاليف معيشتها بما فيها قيم استئجار مسكنها. والمشكلة الاقتصادية التي يواجهها معظم الحاصلين على قروض عقارية تتمثل في ارتفاع نسبة الاستقطاع الشهري من رواتبهم حتى قبل التعديلات الجديدة. وبالرغم من ذلك، وبالرغم من أن العديد من الأسر تواجه معاناة لاسيما في ففترات المواسم التي تتطلب زيادة في الإنفاق في ظل قسط تمويلي ثابت طوال العام، فإن الحل الاقتصاد الأمثل هو تجنّب إعادة الجدولة قدر الإمكان حتى لو اضطر بعض المقترضين إلى إبرام عقود تضامن مع أحد أفراد الأسرة، لاسيما أن مؤسسة النقد قد وجهت المصارف بضرورة إيلاء أول قسط يحل بعد نفاذ قرار إلغاء أو تعدي بعض العلاوات أولوية في معالجة أوضاع المقترضين. وفي حالة الاضطرار إلى عملية إعادة جدولة قروض التمويل العقاري؛ فينبغي الفهم الدقيق للالتزامات المترتبة عليها، وتكييف الإنفاق على بقية الضروريات بطريق تجنب الأسرة نشواء أزمات مالية حادة. وإدراك جميع أفراد الأسرة وإحاطتهم بالأوضاع الجديدة.