د. علي بن أحمد السالم التغير في نمط الحياة المعاصرة اليوم أثر على صحة أفراد المجتمع؛ فالتطور التقني الذي حدث في وسائل الاتصالات والنقل، وتجهيز الوجبات السريعة وغيرها؛ جعل الفرد يعتمد عليها كثيراً في حياته اليومية. مما جعل الكثير من الناس يقبل عليها، وبطريقة غير واعية للآثار الصحية الناجمة عنها على المستوى القريب والبعيد على حد سواء. لاشك أن تعديل السلوك وتغيير أسلوب الحياة يشكلان حجر الزاوية في تعزيز الصحة داخل المجتمع، وبالرغم من الجهود المبذولة من قبل المنظمات الدولية والمحلية الحكومية منها والأهلية خلال السنوات الطويلة الماضية في سن الكثير من السياسات والاستراتيجيات لتعزيز الصحة بين أفراد المجتمع: كالتقليل من ساعات مشاهدة التلفزيون واستخدام الانترنت، والحد من الإعلانات التسويقية التجارية للوجبات السريعة، وتعزيز الأنشطة البدنية في المدارس، ووجود حدائق عامة بالقرب من المسكن، وزيادة استهلاك الفواكه والخضروات والبقول والحبوب، والتشجيع على رياضة المشي وركوب الدراجة بأمان، وغير ذلك... إلا أن صحة الشباب اليوم على وجه التحديد لا تبشر بخير، وقد يعود السبب إلى خلل في آليات التطبيق تلك السياسات والاستراتيجيات فالموضوع خطير جداً، ويحتاج إلى قرار سياسي صارم يلزم الجميع سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات الحكومية منها والأهلية. خذ على سبيل المثال: هناك الكثير من الهيئات والجمعيات والبرامج التي تحذر من زيادة الوزن والسُمنة داخل المجتمع وخاصةً بين الأطفال والشباب، وفي النفس الوقت نلاحظ تساهل وعدم مراقبة بجدية على المؤسسات والشركات التي ترويج المشروبات السكرية والوجبات السريعة الغنية بالدهون. زد على ذلك الانتشار المنقطع النظير للمحلات التجارية التي تبيع الأعشاب، وتدعي أنها تساهم في خفض الوزن والتخلص من السُمنة من دون أي دليل علمي يثبت صحتها. ولكي تُحقق السياسات والاستراتيجيات الغاية المنشودة يجب التركيز على الحلول العملية والتي يمكن تطبيقها، والاعتماد على أفضل المعلومات المتاحة بدلاً من الانتظار للحصول على المعلومات المطلوبة؛ وأن تشمل خطة عمل هذه السياسات والاستراتيجيات جميع فئات المجتمع بمختلف أعمارهم وخلفياتهم الاجتماعية والاقتصادية مع التركيز على فئة الاطفال والشباب، وإشراك جميع قطاعات المجتمع في إعداد وتنفيذ النشاطات والبرامج المقترحة. أما فيما يخص المجتمع السعودي، فيجب أن تشجع هذه السياسات والاستراتيجيات صياغة وتعزيز السياسات والخطط والبرامج الوطنية بغية تحسين السلوكيات التغذوية وتشجيع النشاط البدني ودعم الصحة العامة داخل المجتمع، وخاصة في المدارس والجامعات. مع ضرورة القيام بتعاون محلي وإقليمي وعالمي لغرض الاستفادة من الخبرات العلمية والعملية والبرامج الناجحة في بعض الدول. وأن تتحمل وزارة الصحة المسؤولية الأساسية في التنسيق والإشراف على تطبيق تلك البرامج والخطط والسياسات والاستراتيجيات؛ وأن تشكيل لجنة وطنية يرأسها شخص ذو سلطة تنفيذية مثل وزير الصحة أو غيره وتضم في عضويتها ممثلين من جميع قطاعات الدولة الحكومية والأهلية والخيرية ومراكز البحوث العلمية ذات العلاقة بالصحة العامة في المجتمع السعودي. إلى اللقاء