النقد مصاحبٌ لكل عمل بشري. والقرآن الكريم حافل بالأمثلة الكثيرة التي نقد الله فيها أنبياءه بدءاً بآدم وانتهاء بمحمد عليهم أفضل الصلاة والتسليم. ولسنا بحاجة لعرض أمثلة كثيرة، ولكن مواضع النقد للنبي صلى الله عليه وسلم تناولت مناحيَ شتى في الحرب والسلم وفي حياته الخاصة وعلاقته بزوجاته أمهات المؤمنين عليهن رضوان الله. ولئن كان الأنبياء موضع نقدٍ في بعض أعمالهم فبقية البشر لاشك ستكون أعمالهم أكثر عرضة للنقد مهما تهيأ لهم صواب تلك الأعمال. بقي أن نشير إلى أن العمل موضع النقد إنما اعتمد لأن من قام به يعتقد جازماً بصحته وبأنه أفضل الخيارات حسب رأيه، كما أن النقد حتى وإن كان حقاً غير محبب إلى النفس البشرية، فالنفس جُبلت على حب الثناء وأهله، والضيق بالنقد والتقييم والناقدين. أما إن كان العمل عملاً فردياً فسيبقى أثره محدودا بصاحبه أو محيطه الضيق ولا يعنينا أنقد أم لم ينقد، وكلما اتسع مجال أي أعمل اتسع أثره معه إيجاباً وسلباً ومن هنا تأتي أهمية التقييم والنقد. ولهذا عمدت الدول المتقدمة إلى مراكز الدراسات ومراكز التصويت ورأي المختصين للحكم على نجاح بعض الخطط من عدمه. ولا يجد الأميركيون محظورا في التصريح بأن نظامهم الصحي يقبع خلف كندا وكثير من الدول الأوروبية. ولا أن يصرحوا بضعف نظامهم التعليمي. وينشروا كل ذلك في صحفهم ومواقعهم ومثلهم فعل البريطانيون. وليس من المنطقي أن نطالب بأن نكون بمستوى تلك الدول المتقدمة ولكن المنطقي أن نطالب بأن يجد النقد الهادف أذناً صاغية، خصوصا أن الوطن والوطنية انتماء يتشرف به الناقد والمنتقد ولا يمكن المزايدة عليه. الحل أن يكون هناك رصد للآراء الجادة والاستماع لها ومناقشة أصحابها فربما لديهم ما يودون قوله مما لا يودون عرضه. ومن الأهمية بمكان ألا يكون هناك تضارب مصالح سواء في النقد أو التقييم أو في الحكم على موضوع النقد. في المقابل هناك كثير من النقد لا يمكن أن يعول عليه. كما أن هناك نقد هادم واستغلال للثغرات وللأخطاء للتأجيج أو لتصفية خلافات شخصية. [email protected]