أكدت قرارات مجلس الوزراء التي صدرت يوم الاثنين الماضي أن مهمة تنظيم عملية الصرف المالي أصبحت اليوم تسير وفق خطط محكمة وصارمة تهدف إلى ضبط كثير من جوانب الصرف المالي والتخلص من الكثير من مظاهر الصرف (شبه الفوضوي) الذي تعاني منه الميزانيات من خلال هذه البدلات التي خرجت عن هدفها التي أعدت من أجله وتحولت في كثير من الحالات إلى هبات ومنح، فتلك القرارات تضمنت إلغاء وتعديل وإيقاف كثير من البدالات والمكافآت والمزايا المالية التي كانت تحظى بها فئة من العاملين في شتى المجالات في جميع قطاعات الدولة وشملت كذلك تخفيض رواتب الوزراء وأعضاء مجلس الشورى.. الجميع يدرك بإن هذه القرارات ليست ولله الحمد لمواجهة عجز مالي بقدر ما هي توجه مختلف وصورة جديدة من صور الحزم الذي نحتاجه اليوم من اجل مواجهة الكثير من أوجه الهدر والبذخ المالي الذي يعاني منه المال العام من خلال تلك البدلات وتلك المكافآت والمزايا وقد آن الأوان لفرض هذا التوجه ووضع حدود لهذا الهدر الذي أخرج هدف بعض هذه البدلات والمزايا والمكافآت عن غاياتها التي أعدت من أجله. هذه القرارات أكدت أن العمل نحو تنظيم الكثير والكثير من الجوانب الإدارية والمالية في كثير من أجهزة الدولة الرسمية يسير على خطى مباركة بما يحقق المثالية والدقة في العمل وفي الإنتاج وفي الصرف.. ووضع حدود وحلول لكثير من صور التراخي والمجاملات والمحسوبيات بما سيحقق إن شاء الله آلية عمل تتوافق مع متطلبات العصر الراهن وصناعة تنظيم عملي ومالي يخدم أجيال المجتمع القادمة التي مؤكد أنها في حاجة ماسة إلى أسلوب عمل وآلية صرف مالي مختلف. يحفظ لها حقوقها من المال العام. هذه القرارات أكدت لنا أيضا أننا ما زلنا في حاجة ماسة إلى المزيد من قرارات الضبط المالي لا تقل أهمية عن قرارات يوم الاثنين الماضي وخاصة في الكثير من جوانب الصرف المالي ولعل أهم هذه الجوانب هي عقود التوظيف التي تتم من قبل الجامعات السعودية والعقود التي تتم في كثير من الوزارات والأجهزة الرسمية ومن قبل المؤسسات العامة والشركات المساهمة التي تملك الدولة نسبة كبيره فيها! هذه العقود التي وصلت في كثير من حالاتها إلى مبالغ خيالية غير منطقية لان عملية التعاقد فيها لاتخضع لضوابط رسمية وبعيدة عن عين الرقابة والمحاسبة الرسمية! وظاهرة التعاقد هذه تتم تحت مسميات مختلفة تغلب على كثير منها المحسوبية والمجاملات فأصبحت أسلوبا جديدا للهروب من الوظيفة الرسمية من خلال تعاقد مالي ضخم جداً وبأرقام كبيرة جداً وهي عقود لاتتوفر في كثير منها العدالة والمثالية والكفاءة والمقدرة.. هذه الظاهرة (الخفية) تحتاج إلى دراسة عاجلة فهي تمثل جوانب (بذخ) ومنافع خاصة لا تخدم المصلحة العامة في (كثير) من حالاتها وأصبحت احد وأهم مجالات إهدار المال العام وإساءة استخدام السلطة والصلاحيات! [email protected]