بعد إدخال خافض اللسان والطلب من الطفل المريض بأن يفتح فمه ويقول (آه) لتُمكن الطبيب من رؤية الحلق واللوزتين 100% وثمة حقيقة فيما يخص استئصال اللحمية واللوز.. وهي أن توقيع إقرار العملية يُكتب فيه استئصال اللحمية واحتمال استئصال اللوزتين (أدينويد.. كويري.. تَنسلكتومي) والسبب أن وضع المريض تحت تأثير البنج العام تُمكن الجراح من فحص اللوزتين جيدا.. فإن بدت اللوزتان بحالة جيدة وليس بهما أي علامة للالتهاب المزمن من بؤر صديدية ونحوه.. يتم الإبقاء عليهما.. والاكتفاء باستئصال اللحمية فقط.. وإن بدا عليهما الالتهاب المزمن.. كأن تحويان بؤرا صديدية وتفرزان صديدا من حين لآخر.. يتم استئصالهما مع اللحمية.. ولا أُبالغ إن قلت ان التهاب الحلق واللوز هما أكثر الأمراض التي يكشف عليها ويشخصها ويعالجها طبيب الحنجرة وطبيب الأطفال والطبيب العام أو طبيب الأسرة.. بالنسبة للمرضى من صغار السن.. ولو عُملت دراسة (سرفي) وشملت أيضاً الصيدليات الخاصة.. لوجد ان أكثر العلاجات المصروفة (بوصفة طبية وبدون وصفة) هي لعلاج التهابات الحلق واللوز.. وصرف المضادات الحيوية وغيرها من أدوية بدون وصفة طبية أُشبعت طرحاً ونقاشاً.. ماعلينا.. واسألوا من التهبت حلوقهم من عامة الناس.. ماذا تذكرهم كلمة أو دواء أموكسيل.. كبسولات وشراب.. وكيف يحصلون عليها متى شاءوا من أي صيدلية خاصة.. إلا ان هذه قضية أُخرى.. وأعود إلى عمل الأطباء.. فلو عملت دراسة في كل تخصص طبي وما يراه الطبيب والطبيبة في عياداتهم يومياً.. لبرزت بعض الأمراض أكثر من غيرها.. كأن نرى مرض السكر في عيادات الباطنية والغُدد.. والاكتئاب لدى الطبيب النفسي والتسوس عند طبيب الأسنان وهكذا.. ومن نافلة القول.. أقول: ان التهاب الحلق واللوزتين لدى الصغار والكبار بصفة عامة.. ولتبسيط الأمر لدى القارئ العزيز.. ينقسم إلى نوعين.. التهاب بكتيري يجب فيه استعمال المضاد الحيوي.. بعد فحص الحنجرة وأخذ مسحة (سواب) من الحلق وإرسالها للمختبر لتحديد نوع البكتيريا ونوع المضاد الحيوي المناسب.. أو التهاب فيروسي لا يحتاج المريض إلى مضاد حيوي لعلاجه.. بل قد يضره.. والعلاج يكون تحفظياً (كونزيفتف) للأعراض.. إلى أن يأخذ الفيروس دورته في الجسم وينتهي.. كالكثير من الأمراض الفيروسية.. وفي الأخير أقول ان هناك ثمة مفارقة أقف عندها لأختم سوانح اليوم.. فكل طفل يشتكي من التهاب مزمن في اللحمية واللوزتين.. يُمنع من تناول كل شيء بارد.. وبالذات الآيسكريم .. وعندما يفيق من البنج بعد استئصال اللحمية واللوزتين يكون في انتظاره أيسكريم شهي.. كأول ما يتناوله بعد إفاقته من البنج.. فأقول للأمهات والآباء الذين يستغربون ذلك.. ان السبب في برودة الآيسكريم.. حيث تؤدي البرودة إلى انقباض في الأوعية الدموية في الحلق.. فتساعد على إيقاف النزف في مكان العملية إن وجد.. وإلى سوانح قادمة بإذن الله. *مستشار سابق للطب الوقائي في الخدمات الطبية.. وزارة الداخلية