أقام مجموعة من أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي اليمني مؤتمراً صحافياً في مبنى السفارة اليمنية بالرياض وذلك عقب قرار الرئيس عبدربه منصور هادي بقرار بنقل مهام البنك من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن. وأكد محافظ البنك المركزي منصور القعيطي أن استمرار بقاء البنك في صنعاء كان سيعني استمرار الدعم للانقلابيين. وأشار إلى أن الشرعية صبرت كثيرا حتى اتخذت هذا القرار الذي كان تأجيله سبباً في إطالة أمد الحرب. موضحا في ذات السياق أن البنك المركزي اليمني لجميع اليمنيين، وأن انتقاله لعدن لا يعفيه من الوفاء بالتزاماته لجميع اليمنيين. وأن البنك سيفي بكافة التزاماته في الداخل والخارج. وأبان القعيطي أن البنك يعاني من عجز كلي في دفع مرتبات شهري اغسطس وسبتمبر وقد توقف عن دفع المرتبات بشكل كلي، إذ لا يوجد في الخزائن أي مخزون نقدي يمكّن البنك من الوفاء بالتزامهّ لكن الحكومة ستتخذ اجراءات سريعة للدعم. متوقعاً أن يحظى البنك بدعم كامل من الحكومة الشرعية ومن المملكة ودول التحالف. وقال: "سعت الحكومة اليمنية طيلة فترة الحرب إلى تفعيل العمل المشترك مع البنك المركزي من أجل تغليب المصلحة الوطنية والحفاظ على حياديته واستقلاليته ووضع حد لتبعات الحرب القائمة على الاقتصاد الوطني ومعيشة السكان. إلا أنه، وللأسف الشديد، لم تكن هناك استجابة كافية من البنك المركزي الذي استمر في ممارسة أعماله غير القانونية في ظل سيطرة الحوثيين على العاصمة حيث المقر الرئيس وبقاء المنظومة المالية والمصرفية تحت هيمنتهم. وقد أدى ذلك إلى فقدان البنك لحياديته واستقلاليته وتسخير جزء أساسي من موارده لتمويل المجهود الحربي للحوثين". وأشار القعيطي إلى أن البنك ارتكب مجموعة من المخالفات أثناء وجوده تحت الهيمنة الحوثية. وهي: 1- إدارة حساب الحكومة في البنك المركزي بصورة مخالفة للقانون: ظل البنك المركزي في صنعاء منذ سيطرة الحوثيين عليها يتيح لممثلي ما كانت تسمى باللجنة الثورية والعناصر المعينة من قبلها بالتصرف بحساب الحكومة العام في البنك المركزي بدون اعتبار لسلطة الصرف التي حددها القانون لوزير المالية. وعلى أثر ذلك تمكن الحوثيون من التصرف بالموارد العامة للدولة وفقاً لسياساتهم وقناعاتهم، وحرمان عدد واسع من موظفي الدولة من إستلام مرتباتهم. وقد قام البنك المركزي بصرف مبلغ (25) مليار ريال يمني شهرياً أي ما يعادل (100) مليون دولار أميركي شهرياً لمندوبين من الحوثيين سُخّر لدعم مجهودهم الحربي والمضاربة على العملة في سوق الصرف الأجنبي والاحتفاظ بجزء منه في خزائنهم الخاصة في صعدة وغيرها بينما بقي أفراد القوات المسلحة الموالية للحكومة الشرعية بدون مرتبات. وقد بلغ إجمالي السحوبات النقدية غير القانونية من قبل الحوثيين من خزائن البنك المركزي في صنعاء والحديدة نحو (450) مليار ريال يمني أي ما يعادل (1.8) مليار دولار أميركي خلال فترة ال 18 شهراً الماضية. 2- اجتماعات مجلس إدارة البنك المركزي: استمر البنك المركزي في عقد اجتماعات متتالية في صنعاء بحضور المحافظ وبعض الأعضاء دون الاكتراث بمشاركة وحضور بقية الأعضاء ومنهم ممثلو الحكومة اليمنية في المجلس. ونتيجة لمساعي الحكومة اليمنية بالتعاون مع المجتمع الدولي لالتئام اجتماعات المجلس بكامل أعضائه تم التحضير لعقد اجتماع لمجلس إدارة البنك المركزي في الأردن استغرق مدة ثلاثة أشهر، وقد أثمرت هذه الجهود بعقد اجتماع للمجلس في عمّان-الأردن بحضور وزير المالية وممثل وزارة المالية وبقية الأعضاء خلال الفترة 31 يناير حتى 2 فبراير 2016م وأقر المجلس في أولى جلساته جدول الأعمال على النحو التالي: - موقف الاحتياطيات الخارجية كما هو عليه في 31 ديسمبر 2015م. - تطورات المالية العامة كما هو عليه في 31 ديسمبر 2015م. - استقلالية البنك المركزي. - التفويض بالصرف من حساب الحكومة في البنك المركزي. وقد تم في الاجتماع مناقشة جميع هذه المواضيع بإسهاب والتوصل إلى نتائج جيدة (على أمل أن يشكل ذلك أساساً لبناء الثقة والتغلب على العوامل المؤدية لإنهيار المنظومة المالية والمصرفية) وتم الاتفاق على تلك النتائج بالإجماع ودوِّن في محضر الاجتماع بصورة مشتركة نال قبول جميع الحاضرين. إلا أن بعد عودة المحافظ ونائبه وبعض أعضاء المجلس إلى صنعاء بشهر تقريباً تم إدخال تعديلات جوهرية في المحضر المتفق عليه وبصورة مخالفة لما كان جرى الاتفاق عليه بالإجماع وذلك بسبب هيمنة الحوثيين والعناصر الموالية لهم وتأثيرهم على أداء البنك. وقد مثل ذلك بالفعل بدايةً لتدهور علاقة الحكومة بالبنك وفقدان الثقة بإستقلاليته في ظل وجود مقره الرئيس في صنعاء. بعد ذلك استمر البنك المركزي في عقد سلسلة من الاجتماعات لمجلس إدارته في صنعاء دون تنسيق أو إكتراث لمشاركة وزير المالية وممثل وزارة المالية وعدم توجيه الدعوة لهما، كما تم حجب المعلومات والبيانات الدورية عن الحكومة اليمنية. 3- إدارة السيولة النقدية المحلية: لقد شكلت صنعاء والحديدة طيلة فترة الحرب مركزاً للاحتفاظ بالمخزون النقدي بالعملة المحلية للبنك المركزي اليمني دون مراعاةٍ لمبدأ التوزيع العادل والآمن للاحتفاظ بالسيولة النقدية المحلية وتوزيعها في فروع البنك المركزي الأخرى خاصة في المحافظات الجنوبية والشرقية. وبحكم موقع كل من صنعاء والحديدة ضمن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون فقد حرمت المحافظات الأخرى الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية من احتياجاتها من العملة المحلية، وظلت تعاني من انعدام السيولة النقدية المحلية اللازمة للاقتصاديات المحلية فيها وتعاني أيضاً من اختناقات شديدة في دفع مستحقات البنوك والجمهور ومرتبات الموظفين في الجهاز الإداري للدولة وشريحة واسعة من المتقاعدين. لقد تابعت الحكومة اليمنية على الدوام إدارة البنك المركزي لتوفير سيولة كافية لتلك المحافظات التي تعاني من شح في السيولة النقدية المحلية وعلى وجه الخصوص عدن وحضرموت والالتزام بما تم الاتفاق عليه في اجتماع الأردن إلا أنها لم تلق استجابة كافية من البنك المركزي، وقد زادت سيطرة الحوثيين على مراكز انتقال الأموال الوضع سوءًا وظهر البنك المركزي عاجزاً عن الوفاء بالتزاماته. 4- سعي البنك المركزي لطباعة أوراق نقدية وتوريدها إلى صنعاء بدون علم الحكومة اليمنية: تندرج طباعة النقود وخزنها وإدارتها ضمن مفهوم الأمن الاقتصادي للدولة اليمنية وهو موضوع سيادي يمس في جوهر وظائف البنك المركزي وسلامة أدائه في الاقتصاد اليمني بما ينسجم مع السياسة الاقتصادية للحكومة اليمنية. ولقد علمت الحكومة اليمنية من مصادرها الخاصة أن إدارة البنك المركزي أجرت اتصالات مباشرة مع شركة غوزناك الروسية لطباعة وتوريد (400) مليار ريال يمني وتبادل مسودة الاتفاقية بصيغتين احداهما تحت توقيع المحافظ والأخرى تحت توقيع نائب المحافظ. وتشير وثائق التراسل بين البنك المركزي في صنعاء وشركة غوزناك الروسية أن الترتيبات لذلك تمت في شهر مايو 2016م بينما لم يشر في اجتماع الأردن ومراسلات البنك المركزي واتصالاته مع الحكومة اليمنية إلى حاجته إلى طباعة أوراق نقدية. وعندما علمت الحكومة اليمنية بذلك شفوياً من محافظ البنك المركزي في 21 يونيو 2016م تواصلت مع شركة غوزناك وتمت المفاهمة معها والاتفاق على ضرورة الحصول على موافقة خطية مسبقة صادرة عن الحكومة اليمنية ممثلة بوزير المالية بهذا الخصوص وقد أكدت الشركة في رسالتها الجوابية للحكومة اليمنية تعليق التواصل مع البنك المركزي إلى حين التوصل إلى معالجة للموضوع. وقد بقت الأسئلة المحيرة هي: لماذا سكت البنك المركزي طيلة الفترة الماضية ولم يبد الحاجة إلى طباعة أوراق نقدية إضافية، ثم ظهر بصورة مفاجئة أنه أجرى اتصالات سرية لطباعة النقود دون التنسيق مع الحكومة اليمنية وإقرار ذلك في مجلس إدارة البنك المركزي بوجود ممثلي الحكومة؟ وما مصير المخزون النقدي للعملة المحلية غير المصدرة التي كان يحتفظ بها البنك المركزي حيث كانت تشير البيانات كما هي عليه في 31 ديسمبر 2015م أنه يحتفظ بحوالي (400) مليار ريال يمني في خزائنه في صنعاء والحديدة؟ لماذا لم يتدارك البنك المركزي تعطل الدورة النقدية في حينها ويناقش هذ الموضوع في قنواته النظامية ويكون واضحاً وشفافاً تجاه هذه المسألة؟ هل من المجدي أن تتم طباعة الأوراق النقدية وتوريدها إلى صنعاء ليتمكن البنك المركزي من صرف سحوبات الحوثيين الشهرية البالغة (25) مليار ريال لتمويل مجهودهم الحربي واستمرار مركز التحكم بإدارة السيولة النقدية في أماكن تقع تحت هيمنة الحوثيين؟ 5- موقف الاحتياطيات الخارجية: تشير المعلومات المتوفرة الى أن الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي بالعملات الخارجية بما في ذلك الوديعة السعودية على وشك النفاد حيث انخفضت من (5.2) مليارات دولار أميركي عشية دخول المليشيات الانقلابية الحوثية إلى صنعاء في سبتمبر 2014م إلى أقل من (700) مليون دولار أميركي في نهاية أغسطس 2016م وهي ما تبقى من الوديعة السعودية. وقد تم التطرق إلى موضوع تدهور الموجودات الخارجية في اجتماع الأردن والتوصل إلى عدد من التوصيات الهادفة إلى وضع حد لتدهور الموجودات الخارجية للبنك المركزي والوفاء بالالتزامات تجاه الدائنين الخارجيين والتحرك المشترك تجاه هذه المسألة من قبل الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني إلا أن توقف العمل بالنتائج التي تم التوصل إليها في اجتماع الأردن قد حال دون استمرار الجهود المشتركة لوقف هذا التدهور. وجدير بالإشارة إلى أن استمرار البنك المركزي خلال العام 2015م باستخدام الإحتياطيات الخارجية وفقاً للسياسات القائمة في دعم سعر صرف واردات السلع الأساسية من الأرز والقمح والسكر والمشتقات النفطية وحصرها في مناطق محددة تقع تحت سيطرة الحوثيين واستغلالها من قبلهم للمضاربة بالعملة الأجنبية وأسعار المشتقات النفطية وذلك بالرغم من محدودية الموارد بالنقد الأجنبي قد عجل من تدهور الموقف الخارجي للبنك المركزي خلال فترة قصيرة. وقد تم تدارك ذلك في اجتماع الأردن وإدخال بعض تعديلات في سياسة دعم سعر الصرف للواردات السلعية ومركز العملة إلا أن الوقت كان متأخراً حيث أظهرت البيانات في حينه أن مستوى التدهور قد بلغ حوالي (1.5) مليار دولار أميركي. 6- تسييل الأرصدة الخارجية وتحويلها إلى سيولة نقدية بالريال السعودي في خزائن البنك المركزي: قامت مؤسسة النقد العربي السعودي بالتفاهم مع الحكومة اليمنية بتسهيل إجراءات نقل فائض السيولة من النقد الأجنبي للبنوك التجارية اليمنية خاصة من الريال السعودي إلى البنوك التجارية في المملكة العربية السعودية. وكان ذلك بعد تسهيل دخول شحنة السيولة من الريال السعودي إلى المملكة قادمة من البحرين في شهر يونيو 2016م. إلا أن البنك المركزي لم يصدر تصاريح للبنوك بالموافقة على ترحيل هذه الأموال ولم تتلق مؤسسة النقد العربي السعودي طلبات جديدة بترحيل الدفعات المتبقية من الريال السعودي. وقد قام وزير المالية بإصدار خطاب إلى جمعية البنوك اليمنية وضح فيها الإجراءات المطلوب استيفائها لنقل السيولة النقدية الخاصة بالبنوك اليمنية إلى المملكة العربية السعودية. إلا أن المعلومات المتوفرة لدينا تشير الى أن البنك المركزي لم يتجاوب مع طلبات البنوك التجارية اليمنية بهذا الخصوص وعوضاً عن ذلك عرض عليها شراء الريال السعودي مقابل تغذية أرصدتها لدى البنوك المراسلة في الخارج خصماً من حسابات البنك المركزي في الخارج بالدولار الأميركي واليورو. ويستنتج من ذلك أن البنك المركزي يسعى إلى تحويل جزء من أرصدته في الخارج إلى أوراق نقدية بالريال السعودي والاحتفاظ بها في خزائنه. ويقدر حجم المبلغ المستهدف لهذا الغرض نحو مليار ريال سعودي. قال القعيطي: وفي ضوء ما تقدم نستخلص ما يلي: 1- أن سيطرة الحوثيين على المنظومة المالية والمصرفية قد مكنتهم من إطالة أمد الحرب واستخدام موارد البنك المركزي لتمويل مجهودهم الحربي وجعل الحرب ممتدة لفترة طويلة. 2- أن البنك المركزي في صنعاء قد فقد حياديته واستقلاليته، إذ أن وجود مقره الرئيسي في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلابين الحوثيين أدى إلى استنزاف موارده بالعملة الوطنية (الريال اليمني) والنقد الأجنبي في الداخل والخارج وجعلها في خدمة مصالح الإنقلابيين وتمويل مجهودهم الحربي. 3- أن متطلبات الالتزام بالقانون رقم (14) لسنة 2000م وتعديلاته بشأن البنك المركزي اليمني وانتهاء فترة صلاحية مجلس إدارته استدعي بالضرورة صدور قرار جمهوري بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي وفقاً للقانون. وتجدر الإشارة بأنه تم تعيين مجلس إدارة البنك المركزي في 6 أغسطس 2012م ووفقاً لقانون البنك المركزي فقد انتهت فترته القانونية وبالتالي أصبح من صلاحية فخامة رئيس الجمهورية بموجب الدستور والقانون إعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي. 4- أن تكون عدن مقراً رئيسياً للبنك المركزي وإدارة عملياته. 5- تحرير المنظومة المالية والمصرفية من هيمنة الحوثيين وجعلها في خدمة الاقتصاد والشعب اليمني ورعاية الحكومة اليمنية. جانب من المؤتمر الصحافي الذي اهتمت بنقله وسائل الإعلام (رويترز) القعيطي متحدثاً للصحافيين (رويترز)