واجهت المملكة وطوال ال 86 عاماً تحديات متنوعة لم تكن سهلة، إلا أنه رغم تلك المسيرة الصعبة استطاع ملوكها من الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه-، مروراً بجميع أبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله -رحمهم الله- حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- استطاعوا تجاوز كل العقبات بعزم وتوكل على الخالق سبحانه وتعالى، فأخذوا بيد شعبهم ووطنهم إلى منظومة التطور والتقدم على جميع الأصعدة، وكانت خطواتهم مبنية على الاعتماد بعد الله على رجال هذه البلاد، فاستثمروا فيهم تعليماً وتنمية، حتى أصبح الوطن بفضل الله يسابق العالم المتقدم في علمه واقتصاده وسياسته وتنميته التي شملت كل المفاصل، وتوجت تلك الجهود المتعاقبة في الحكم والإدارة بإطلاق رؤية المملكة 2030 فكانت خير تتويج لعمل مضن ٍودؤوب لإدارة وطن لا تتوقف فيه مسيرة التنمية والبناء. تحديات وإصرار في أرضٍ صحراوية قاحلة وجافة كان قيام الحواضر فيها أشبه بضرب من الخيال، إلا أن عزيمة الرجال دفعتهم للتغلب على قسوة الظروف، فبدأ النمو الحضري والتطور العمراني في المملكة مع فترة ما قبل النفط (1902 - 1938م)، وكانت مرحلة غاية في الصعوبة مادياً واقتصاديا؛ حيث ألقت ظروف داخلية وإقليمية وعالمية بظلالها على البلاد التي لاتزال فتية، وبرزت خلالها مشاكل معقدة لعل أبرزها الشُحّ الشديد حتى في مياه الشرب؛ حيث كان الاعتماد على صهاريج تجمع مياه الأمطار. وكان العام (1946م) الذي أضاءت الكهرباء فيه المدن الرئيسية، فيما كانت الخدمات الصحية غائبة حتى عام (1926م)، فيما أنشئت بلدية الرياض العام (1934م) ، أما تعبيد الطرق فلم يبدأ إلا بعد عام 1933م، كما استخدمت السيارات على نطاق محدود بعد عام (1926م) . الأمن ثمرة الأمن والاستقرار الداخلي كان هو ثمرة قيام الدولة، وانعكس الأمن الوارف الظلال على جل المشروعات التنموية والحياتية ومنها التطور العمراني، وزيادة التجمعات البشرية التي خرجت من مواضعها الضيقة إلى المناطق المفتوحة عبر الطرق الحديثة، كما انعكس بجلاء انتعاش الاقتصاد عقب اكتشاف النفط سنة (1938م)، ورويداً رويداً بدأت مرحلة استقرار الأوضاع، وظهرت المدن كمراكز للخدمة الحضرية، واتجهت الدولة إلى المشروعات الإنمائية ومشروعات البنية الأساسية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكان عام (1970م) مفترق طرق لمرحلة تعد الأهم في عملية التنمية الشاملة، فاتسمت هذه المرحلة بالازدهار الاقتصادي وظهور مبدأ التخطيط الشامل وإرساء قواعد الصناعة في المدن، وارتبط التحضر بالتغيير الديموغرافي والتطور الاقتصادي والاجتماعي وتنمية الخدمات، وقد نجحت خطط التنمية والسياسات المساندة لها في تحسين الأوضاع المعيشية، فشهدت المملكة على مدى عقود مضت تغيرات اقتصادية واجتماعية كبيرة بذلت خلالها جهود مميزة في تنمية جميع المناطق واستغلال ثرواتها من أجل رفع مستوى معيشة الإنسان السعودي. إحلال إستراتيجي ووصف د. ناصر آل تويم -رئيس الجمعية السعودية للإدارة رئيس الاتحاد العربي للإدارة- ل"الرياض" برنامج التحول الوطني بأنه أتى كإرادة سياسية وكمتطلب عملي أساسي لرفع درجة الاحترافية للإدارة الحكومية لمعالجة التحديات سواء التنظيمية، والإجرائية أو التشغيلية التي تعترض الجهات الحكومية لتحقيق نتائج رؤية المملكة 2030 ، والتي لامست في حقيقتها كافة القطاعات، ومن بينها تصحيح الآليات التقليدية لإعداد وقياس أثر الخطط الخمسية؛ حيث إن خطة التحول 2020 هي إحدى ثمرات الرؤية، وهي إحلال إستراتيجي ذكي للخطة الخمسية العاشرة يجسد إرادة قيادية وتحول إداري من الإدارة القديمة في التعاطي مع الخطط العامة إلى فلسفة جديدة في الإدارة سماها (الإدارة بالتدمير البناء والفعّال)، والتي تقوم على مداخل إعادة الهيكلة الجريئة والإدارة بالمبادرات وعلى أن يكون تخصيص الموارد والميزانيات قائما على أساس المشروعات والبرامج وفق الربط القياسي المرحلي بين الخطط الإستراتيجية والخطط التشغيلية. واعتبر د. آل تويم أن النمط التقليدي للإدارة الحكومية لم يعد قادراً على الإيفاء بالاحتياجات والطموحات التي أعلن عنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله-، والتي تنص بوضوح في رؤيته القيادية بأهمية الريادة في كل شيء، وبين بأن من أبرز ملامح تلك الإدارة هي: * الإدارة بالأولويات: عبر تعزيز العلاقة بين الإدارة والمواطن. * الإدارة بالأداء وقياس الأداء المؤسسي. -الحد من البيروقراطية وعدّ د. آل تويم أهم تحول وهو ما يقود التحولات الأخرى هو إنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية والذي أصبح نقطة تحول في قتل الروتين والبيروقراطية وإعادة هيكلة وارتباط الأجهزة الحكومية ورفع كفاءة الإنفاق ومواجهة الفساد وهدر المال العام وكذلك ترشيد الإنفاق وذلك لأجل دفع الأداء الحكومي لتحقيق أهدافه بفعالية وكفاءة ومسؤولية، ومن المهم الإشارة إلى أن رؤية المملكة 2030 تعد نقلة تاريخية وخارطة طريق لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين لتحقيق الريادة بإذن الله في كافة المجالات. تنمية الموارد البشرية ولاستشعاره بأهمية الدور العظيم الذي يقوم به الإنسان في بناء الأوطان أطلق خادم الحرمين مبادرته الكبيرة المتمثلة في برنامجه للتنمية البشرية الذي يوصف بأنه تغيير بوصلة لوزارة الخدمة المدنية. وشمل برنامج الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية في مرحلته الأولى خلال هذا العام 1437ه عدد تسع وزارات، وجاءت فكرة البرنامج تفاعلًا مع الرؤية الإستراتيجية الجديدة لوزارة الخدمة المدنية ولرفع كفاءة الأداء من رأس المال البشري في القطاع الحكومي ليتواكب مع نهضة الدولة ونموها بكامل قطاعاتها لتحقيق الازدهار والرفاهية للمواطن السعودي. ويعتبر المشروع تحولًّا ثقافيًا في مفهوم المنشأة الحكومية اليوم، ولمواكبة النهضة والتوقعات من القطاع الحكومي فقد استقطب المشروع كفاءات من القطاع الخاص في معظم الوزارات ليقودوا دفّة الإدارة العامة للموارد البشرية، ومن المتوقع مستقبلًا أن يشغل تلك الوظائف جميعها قيادات مؤهلة ومتمكنة من موظفي الوزارات أنفسهم. ويقف مشروع الملك سلمان لتنمية الموارد البشرية على أركان هي:- المورد البشري: الاستقطاب لقيادة الموارد البشرية من كفاءات مؤهلة، وتدريب وتطوير الموظفين الحاليين، وقد بدأ المشروع بهيكلة إدارة عامة بمسمى (الإدارة العامة للموارد البشرية) في كل الوزارات بنطاق المشروع ويسعى البرنامج إلى تغيير آليات الاستقطاب، وتمكين الوزارات من اختيار الموظفين بأنفسهم لضمان العدالة والموضوعية في الاختيار، ويتوقّع أن يغطي البرنامج مستقبلًا الوزارات الأخرى غير المشمولة في هذه المرحلة. الرؤية والتتويج وتواصل المملكة مسيرة التطور والبناء والتنمية، يصاحبها استثمار أمثل في الإنسان بوصفه محور التنمية وأساسها، مع تحديث للأنظمة وتعزيز للإجراءات والتدابير، لمزيد من الضمانات لحماية حقوق الإنسان، وجاءت رؤية المملكة 2030 لتعكس في تفاصيلها الاهتمام الكبير بالإنسان. وتهدف الرؤية في أساسها إلى خلق نقلة اجتماعية وثقافية نوعية في المجتمع السعودي، لتأخذه إلى مصاف المجتمعات العالمية المعاصرة، فمن أهدافها تنمية مجتمع حيوي وبيئة عامرة، وتحسين الخدمات المعاصرة التي توفرها المدن لأفراد المجتمع، ورفع عدد المواقع الأثرية المسجلة في «يونيسكو» ،وتحسين المدن لرفعها إلى مصاف العالمية. وتصب معظم أهداف الرؤية في تحسين مقومات المجتمع السعودي، ووضعت أهدافاً رقمية محددة في كل مجال من هذه المجالات لتحقيقها بحلول 2030. وحددت الرؤية أهدافاً طموحة يُعتزَم تنفيذها خلال عقد من الزمن، فهناك تشجيع القطاع الخاص وتحميله مسؤوليات واسعة على الصعيدين المحلي والدولي، وتحقيق الشفافية ومحاربة الفساد ووقف الهدر المالي، وتحويل اعتماد الاقتصاد من النفط إلى مصادر دخل إنتاجية متعددة، واعتماد أكبر على مصادر الطاقة المستدامة البديلة بدلاً من النفط. الوطن ينعم بمشروعات التنمية والتطور في ظل رؤية القيادة الحكيمة اكتشاف النفط في المملكة كان حدثاً بارزاً في فترة الاعتماد على النفط العمارة في المملكة بدأت بالطين وانتهت إلى ناطحات السحاب الحكومة الإلكترونية خطوة مهمة في مسيرة التطور والتحديث العاصمة الرياض تخطو خطوات تنموية حثيثة نحو التطور والنمو