"منشآت" و "كاوست" يوقعان مذكرة تفاهم لدعم وتمكين رواد الأعمال    «الإحصاء»: ارتفاع عدد ركاب السكك الحديدية 33% والنقل العام 176%    السعودية بصدد إطلاق مبادرة للذكاء الاصطناعي ب 100 مليار دولار    أمطار رعدية متوسطة إلى غزيرة على عدد من المناطق    هاريس تلقي خطاب هزيمتها وتحض على قبول النتائج    إصابة فلسطيني برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بلدة اليامون    الجسر الجوي الإغاثي السعودي إلى لبنان يتواصل بمغادرة الطائرة الإغاثية ال 20    الذهب يقترب من أدنى مستوى في أكثر من 3 أسابيع    منتخب الطائرة يواجه تونس في ربع نهائي "عربي 23"    العام الثقافي السعودي الصيني 2025    الإعلام السعودي.. أدوار متقدمة    المريد ماذا يريد؟    ترمب.. صيّاد الفرص الضائعة!    ترمب.. ولاية ثانية مختلفة    إيلون ماسك: خطط خارقة للمستقبل    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الاتحاد يصطدم بالعروبة.. والشباب يتحدى الخلود    هل يظهر سعود للمرة الثالثة في «الدوري الأوروبي» ؟    الإصابات تضرب مفاصل «الفرسان» قبل مواجهة ضمك    «البيئة» تحذّر من بيع مخططات على الأراضي الزراعية    القبض على مخالفين ومقيم روجوا 8.6 كيلو كوكايين في جدة    أربعينية قطّعت أمها أوصالاً ووضعتها على الشواية    قصص مرعبة بسبب المقالي الهوائية تثير قلق بريطانيا    البنوك المركزية بين الاستقلالية والتدخل الحكومي    «بنان».. سفير ثقافي لحِرف الأجداد    السينما السعودية.. شغف الماضي وأفق المستقبل    اللسان العربي في خطر    234.92 مليار ريال قيمة ترسية المشاريع    ربَّ ضارة نافعة.. الألم والإجهاد مفيدان لهذا السبب    الجلوس المطوّل.. خطر جديد على صحة جيل الألفية    القابلة الأجنبية في برامج الواقع العربية    سيادة القانون ركيزة أساسية لازدهار الدول    درّاجات إسعافية تُنقذ حياة سبعيني    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    الإصابة تغيب نيمار شهرين    التعاون يتغلب على ألتين أسير    العين الإماراتي يقيل كريسبو    الدراما والواقع    يتحدث بطلاقة    «الجناح السعودي في اليونسكو» يتيح للعالم فرصة التعرف على ثقافة الإبل    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    «متمم» يناقش التحوُّط المالي في المنشآت التجارية    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    تقاعد وأنت بصحة جيدة    الأنشطة الرياضية «مضاد حيوي» ضد الجريمة    وزير الحرس يحضر عرضًا عسكريًا لأنظمة وأسلحة وزارة الدفاع الكورية    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    محافظ الطائف يعقد اجتماع مجلس اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم    أمير تبوك يستقبل القنصل الإندونيسي    تطوير الشرقية تشارك في المنتدى الحضري العالمي    نائب أمير الرياض يؤدي الصلاة على والدة مضاوي بنت تركي    فلسفة الألم (2)    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    دشنها رئيس هيئة الترفيه في الرياض.. استديوهات جديدة لتعزيز صناعة الإنتاج السينمائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نسبة الاستهلاك وتبني المنتجات الجديدة.. يرفعان نسبة إمكانية تطبيق التمويل الجماعي في المملكة
في بحث أكاديمي جديد بين أهمية «توفر التقنية» و «قوة الترابط الأسري»
نشر في الرياض يوم 17 - 09 - 2016

التمويل الجماعي هو أحد نماذج الاقتصاد التشاركي في الاموال، وهو عبارة عن استخدام الانترنت –غالبا مواقع التمويل الجماعي- بغرض جمع مبلغ محدد في وقت محدد لمشروع معين في شكل اموال صغيرة من كمية مشاركين كبيرة، وتعمل مواقع التمويل الجماعي دور الوسيط بين طالبي الاموال ومزوديه، وتتخذ عدة نماذج وهي:
1- التبرعات: حيث يشارك اصحاب الاموال بالتبرع للمشاريع المطروحة من قبل افراد او منظمات، وهذا يعتبر أبسط نماذج التمويل الجماعي. من الامثلة عليه: موقع GoFundMe
2- الهدايا أو الشراء المسبق: يشارك اصحاب الاموال في حملة التمويل الجماعي بغرض الحصول على عائد غير مالي، قد يتمثل في شكل شراء مسبق للمنتج المعروض، أو هدية، أو مجرد شكر من صاحب الحملة. من أشهر الامثلة عليه موقع kickstarter.
3 - الاستثمار الجماعي: يشارك اصحاب الاموال في دعم الحملات بغرض الاستثمار والحصول على عوائد مالية، وله عدة أشكال مثل الاقراض، شراء الاسهم، مشاركة الارباح. وهي أكثر نماذج التمويل الجماعي تعقيدا حيث انها تتطلب تحقيقا في المشاريع والاشخاص والشركات المتقدمة قبل طرحها في مواقع التمويل الجماعي. وأيضا حصول مواقع التمويل الجماعي على تراخيص للتشغيل في بعض المناطق. من الامثلة عليها موقع crowdcube البريطاني.
وشهد سوق التمويل الجماعي بشكل عالمي اهتماما عاما للنمو الهائل عالميا، حيث تشير تقارير السوق الصادرة مؤخرا من جامعة كامبردج بتضاعف نمو في حجم الاموال التي جمعها عن طريق مواقع التمويل الجماعي من عام 2014 الى 2015، ويتصدرها نماذج الاستثمار الجماعي.
وتكمن قوة التمويل الجماعي في اتاحة قنوات جديدة للتواصل والاستثمار والتمويل للافراد والشركات التي لا تستطيع الوصول الى الاموال من جهات التمويل التقليدية مثل البنوك، الحكومات او الافراد المستثمرين، ويلاحظ بشكل عام أثر ايجابي للتمويل الجماعي، ففي دراسة نشرت الشهر الماضي، كشفت عن أداء الحملات التي مولت في موقع كيك ستارتر الامريكي وأثرها في الاقتصاد وحياة الافراد.
ومن اهم نتائج الدراسة، أنه تم دعم المشاريع في هذا الموقع بمبلغ مليارين ونصف المليار دولار، وأثر هذه الاموال في انشاء مايقارب 8800 شركة وتوظيف مايقارب 29 الف شخص بدوام كامل، وأنتجت 5.2 مليارات دولار أثر على الاقتصاد، هذا بالاضافة الى الدعم غير المادي من استخدام الموقع مثل الوصول الى اهتمام المستثمرين وموزعين، تطوير العمل بشكل صحيح،وزيادة الارباح.
التمويل الجماعي مثل اي تطبيق يوجد به الكثير من الايجابيات والسلبيات ولكن يمكن الاستفادة منه بشكل هائل اذا طبق بشكل صحيح لأنه يتداخل بعدة مجالات مثل: المالية، الاقتصادية، التقنية، الاجتماعية، الاعمال والقانون، كما يعتمد على الشفافية والثقة بين المستخدمين كما هو الحال في جميع تطبيقات الاقتصاد التشاركي التي تركز على ابتكار وتنفيذ الخدمات بالشكل الذي يضمن رضى المشاركين ضمن الاطار القانوني.
وبشكل عام، ماتزال المعرفة المتعلقة به قليلة من ناحية طبيعة العلاقات والدوافع بين المستخدمين والمشاريع والمواقع، وأثر هذه القنوات على التمويل التقليدي والاعمال والاقتصاد، وحتى الان، جميع الدراسات المنشورة فيما يتعلق بالتمويل الجماعي تركز على شدة الاختلاف في هذا المجال لذلك لا يمكن تعميم النتائج والتنبوء بالعوامل والمؤثرات التي قد تفشل أو تساهم في نجاح المشروع سواء في موقع محدد أو بشكل عام.
ومن أهم الدراسات المنشورة هو تقرير البنك الدولي في عام 2013، حيث احتوى على بحث مفصل عن احتمالية التمويل الجماعي في الدول النامية، الدراسة استعرضت بشكل واضح التمويل الجماعي ونماذجه، مميزاته ومخاطره ، كما أنها درست مميزات الدول التي تدعم تشغيل التمويل الجماعي والدول التي لا يوجد بها نشاط تمويل جماعي وذلك لفهم أفضل للمقومات البيئية لتطبيق التمويل الجماعي، نتائج هذه الدراسة أوضحت دور التشريعات، الثقافة، التعليم، التقنية، والاموال في جاهزية المنطقة لتطبيق التمويل الجماعي، ومن هذا البحث تم استخدام مخرجات للقيام بدراسة مصغرة تهدف لقياس جاهزية المملكة لتطبيق التمويل الجماعي .
سبب الدراسة
المتابع لأخبار المملكة في السنوات الاخيرة يلاحظ كمية المبادرات والخطط مثل خطة التحول الى الاقتصاد المعرفي، خطة التحول الوطني 2020 المنبثقة من رؤية 2030، وجميعها تسعى لانجاح خطة التحول الاقتصادي وتنمية البلاد من جميع النواحي والتنافسية، هذه المبادرات جاءت مدعومة بجهود كبيرة من الدولة لتنشيط ريادة الاعمال والابتكار ويظهر هذا في عدد الانشطة والمراكز الموجهة لتشجيع الشباب السعودي للتوجه الى القطاع الخاص واستغلال الفرص المتاحة، ومع ذلك الاهتمام المحلي والمعرفة العالمية بنشاط التمويل الجماعي خصوصا في أمريكا من عام 2008 حتى الان وأثره في واقع ريادة الاعمال، الى انه الى الان لا توجد تشريعات تدعم وترخص انشطة التمويل الجماعي في السعودية، وأيضا لا يوجد توجه واضح لاستخدام اصحاب الاعمال السعوديين للمواقع العالمية أو الاقليمية للحصول على الدعم واختبار تقبل السوق لافكار المشاريع، جميع هذه الاسباب وغيرها كانت السبب للبحث بشكل أعمق في جاهزية المملكة لتطبيق التمويل الجماعي مع الأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل في البيئة السعودية التي قد تؤثر على قابلية التطبيق.
هذه الدراسة تمت باستخدام نموذج قياس الجاهزية المقترح من البنك الدولي في استفتاء 24 مشاركا سعوديا خبيرا بالسوق المحلية من مستثمرين ورجال اعمال (15) وخبراء بالانظمة من جهات حكومية وخاصة(9)، المشاركات كانت في شهر يونيو 2016.
الاستبانة احتوت اربعة اقسام تناقش:
1-التقنية: من ناحية بنية تحتية واستخدام للانترنت والجوال والخدمات الالكترونية
2-الثقافة: من ناحية ثقافة المجتمع نحو ريادة الاعمال،وتقبل المخاطرة سواء في الاستثمار او تغيير الوظائف،العقلية الجماعية او الفردية، ثقة الافراد ببعضهم وبالاعمال وبالحكومة، نشاط الجهات المسؤولة عن ريادة الاعمال، ودور الحكومة والمنظمات غير الربحية في دعم ريادة الاعمال،تقبل واستخدام الافراد للتجارة الالكترونية.
3-التشريعات: من ناحية درجة تعقيدات الاجراءات المتلعقة بالاعمال من الانشاء، الاقفال، التوظيف والفصل. وأيضا من ناحية اهتمام التشريعات بحماية المستثمرين أو دعم قنوات التمويل.
4-الاموال: من ناحية توفر الدعم من الجهات التقليدية (بنوك وحكومة) للاعمال الناشئة، ونشاط الحكومة لدعم الاعمال الصغيرة، نشاط الاستثمار الجريء والملائكي في الاعمال الناشئة.
وإضافة لذلك، سألنا المشاركين عن أهم المشاكل والفرص من وجهة نظرهم التي قد تؤثر في تطبيق التمويل الجماعي في السعودية حيث ان اجاباتهم قد تعكس ابعادا اخرى لم تناقش في الاستبانة، وسنستعرض النتائج هنا بداية بدرجة الجاهزية، ومن ثم مناقشة العوامل بشكل مفصل من اجابات المشاركين وواقع السوق المحلي ودراسات وتقارير التمويل الجماعي،ولن يتم التطرق لمؤشرات المملكة العالمية الا في حال تعارضت مع اجابات المشاركين، حيث ان المؤشرات معروضة بشكل مفصل في عدة تقارير اهمها تقرير(التحول الى مجتمع المعرفة 2014).
مؤشرات جاهزية المملكة لتطبيق التمويل الجماعي:
معيار القياس من 10 درجات وبشكل عام الدرجات أعلى من 6 توضح جاهزية تامة، فيما يخص مؤشر الجاهزية العام للمملكة العربية السعودية هو 5.8، وهذا يعني فرصة جيدة لنجاح التمويل الجماعي حسب نموذج البنك الدولي، حيث ان المعيار من 10 درجات، وتعتبر الدرجات اعلى من 6 جاهزية تامة، فيما يخص هذه الدرجة، يقترح البنك الدولي للدول في هذه الدرجة بتطبيق نموذج التبرعات والهدايا أولا لتشجيع الافراد لاستخدام التمويل الجماعي قبل البدء بإتاحة الاستثمار الجماعي. وكما ذكرنا سابقا، التمويل الجماعي متشعب كتطبيق في عدة مجالات،ففيما يخص نموذج التبرعات والشراء المسبق، نجد أن هذا النموذج مطبق محليا ولكن عن طريق الشبكات الاجتماعية، من أهم الامثلة لها هي: حملة التبرع لعتق رقبة والأعمال الصغيرة التي تقدم خدمة التجارة الالكترونية.
فيما يخص حملات عتق الرقبة ولمعرفة أداء التمويل الجماعي فيها، حصرنا ثلاث حالات فقط وكانت كافية من عام 2012 الى 2015، والحملات طبقت فعليا مبدأ التمويل الجماعي، حيث ان أولياء القاتل أطلقوا الحملة لجمع التبرعات في وقت أقل من 3 أشهر لكل حالة واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي للنشر والتواصل مع المجتمع، وقد تم جمع مايقارب اجمالا 78 مليون ريال. الجدير بالذكر أنه مؤخرا نشر تقرير أن 20 مليون دولار هي اجمالي ماتم جمعه في 17 موقعا للتمويل الجماعي تعمل في منطقة الشرق الاوسط وافريقيا من المدة 2012 الى شهر ابريل 2016. 20 مليون دولار لمدة 4 سنوات، و19 مليون دولار لثلاث حملات فقط.
أما فيما يخص الشراء المسبق، فالمتابع لنشاط المشاريع المنزلية في السعودية يجد أن أصحاب المشاريع يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي كمتاجر لعرض الخدمات والمنتجات والتواصل مع العملاء، ومن أهم المشاريع هي تقديم خدمة الطلب أونلاين للأشخاص الذين لا يجيدون استخدام ادوات التجارة الالكترونية، حيث يتواصل الشاري مع صاحب الخدمة لطلب منتج معين من موقع معين ويدفع المبلغ مع العمولة لصاحب المتجر، وفي حالات كثيرة يحدد صاحب الخدمة عددا معينا للطلبات حتى يتم تنفيذ أمر الشراء، هذا النموذج فعليا يعتبر نموذجا من التمويل الجماعي حيث صاحب المشروع يقدم خدمة مشروطة بعدد معين لمجموعة كبيرة من المستخدمين.
هذه الامثلة قد لا تساعد في فهم أو توقع ما اذا كان هذا النموذج للتمويل الجماعي سيوفر قناة دعم نشيطة للمشاريع الصغيرة والخيرية، حيث ان الدراسات التي ناقشت عوامل نجاح الحملات في الحصول على التمويل في مواقع التمويل الجماعي تتركز على قوة الشبكة الاجتماعية لأصحاب الحملة وجودة المشروع، وكما ذكرنا سابقا، لايمكن تعميم النتائج دائما حيث ان وقت الحملة، الموقع المستخدم، الرسالة المستخدمة، جميعها تؤثر على استجابة المشاركين.
جاهزية التقنية:
مؤشر التقنية 7.75 وتعتبر جاهزة حسب المقياس، ويلاحظ الجهود التنظيمية لتفعيل التقنية منها اصدار قانون التجارة الالكترونية وعدة مبادرات حكومية في شكل حلول تقنية لتفعيل التواصل والتفاعل مع المستفيدين، من الخدمات على سبيل المثال: تسعة اعشار، معا، معروف. بالاضافة ان تقارير التجارة الالكترونية مؤخرا اظهرت نموا في حجم التجارة الالكترونية والدفع الالكتروني. هذا فيما يخص الخدمات المتاحة، ولكن الأهم فيما يتعلق بموضوع التمويل الجماعي هو أداء هذه الخدمات ورضى المستخدمين. المشاركين في الاستبانة أوضحوا أن من اهم التحديات التي قد تؤثر على التطبيق الناجح للتمويل الجماعي من الناحية التقنية هي ضعف معرفة المستخدمين بوسائل الغش الالكترونية والتضليل.
جاهزية الثقافة:
حسب المقياس فدرجة 5.4 تعني طاقة وسعة متوسطة فيما يتعلق ببيئة الاعمال والاستثمار، والدول بهذه الدرجة قد تزيد من برامح ومبادرات التدريب والتعاون لزيادة قوة هذه البيئة، جانب الثقافة يمكن استعراضه على محورين: الاول ثقافة المجتمع بشكل عام، والمحور الثاني ثقافة المجتمع نحو العمل الحر والاستثمار.
فثقافة المجتمع بشكل عام تم بحثها من مؤشر العقلية الجماعية والفردية، وهي مؤشر مهم فيما يتعلق بدراسة ثقافة المجتمعات، وتعبر العقلية الجماعية بمدى استشعار الفرد بأنه مسؤول وممثل للآخرين، حيث اعتقد 13 مشاركا بأن عقلية الافراد في المجتمع السعودي تميل الى الجماعية أكثر من الفردية.، وهذا يتوافق ايضا بالدرجة 75 على مقياس هوفستد لمؤشر الجماعية في السعودية. فيما يتعلق بهذا المحور من فرص وتحديات، اتفق اغلب المشاركين أن قوة الترابط الاسري هي فرصة كبيرة لنجاح التمويل الجماعي، حيث عبر البعض بدعم الاسرة لأفرادها حتى بعد استقلالهم، ونشاط ثقافة العمل الجماعي في الاسر والقبائل، وفي الجانب الآخر يرى البعض أن هذه الروابط تعتبر عوامل ضغط ايجابية لانجاح المشاريع، أيضا نسبة الشباب والمتعلمين العالية، والاستخدام النشط لمنصات التواصل الاجتماعي كلها عوامل ستساهم في نجاح المشاريع المنزلية وسهولة التسويق لها، هذا بالإضافة إلى نسبة الاستهلاك والتبني السريع للمنتجات الجديدة يعتبر فرصة.
أما فيما يتعلق بثقافة المجتمع تجاه العمل الحر والاستثمار، وكانت اجابات المشاركين شيقة على الأسئلة فيما يتعلق بثقة الافراد ببعضهم، بالأعمال
ففيما يتعلق بثقة الافراد ببعضهم، يرى 60% أن ثقة الافراد ببعضهم عالية، و75% يرون أن ثقة الافراد بالاعمال عالية، قد يفسر الموضوع من عدة زوايا ولكن سنتطرق لهذا لاحقا في نهاية المقال، أيضا، يتفق 60% من المشاركين أن حاضنات ومراكز تطوير ريادة الاعمال تفتقد مناهج تعليمية. وهذا يتفق فيما تم تقديمه في مؤتمر التقنيات المتقدمة في الرياض عام 2014 حيث عرضت نتائج قياس تطبيق برنامج معرفة1، وكانت أهم نقاط القوة هي تأسيس ووجود المباني والمراكز الداعمة لتطوير بيئة الاعمال ولكنها كانت تفتقد البرامج والموارد البشرية والتشغيل.
وفيما يتعلق برؤية المشاركين لأهم الفرص كان أبرزها قلة الفرص الوظيفية التي ساهمت بشكل واضح لتوجه الشباب لمجال الاعمال الحرة ومنها المشاريع المنزلية، كما تطلع الافراد للاستثمار وتنويع مصادر الدخل، وفيما يتعلق بالمشكلات والتحديات فلخصها المشاركون في الخوف من الخسارة، الخوف من دخول أسواق جديدة غير العقار، التردد، ضعف الوعي بتحديات العمل الحر من ادارة ومهارة وهي اجمالا تعبر عن ضعف لتقبل المخاطر.
جاهزية الأموال:
المؤشر 5.6 ويعني وجود رؤوس الاموال ولابد من سعي الحكومة لايجاد حلول لتشجيع الاموال للتوجه للقطاع الخاص وتنميته. اتفق اغلب المشاركين على قوة دعم العائلة والاصدقاء للمشاريع الناشئة، ضعف في دور البنوك لاقراض الاعمال الصغيرة، ونسبة كبيرة اتفقت على ضعف التمويل الجريء والملائكي للمشاريع الناشئة والصغيرة.
هذه الدراسة تمت في شهر يونيو قبل اصدار القرار الملكي بانشاء صندوق الصناديق لرأس المال الجريء في السعودية، وأيضا قبل الاعلان عن صندوق الاستثمار في التقنية والتكنولوجيا في العالم العربي بمليار دولار، وبشكل عام أجاب المشاركون بأهم الفرص فيما يتعلق بالاموال هي وجود حلول المصرفية الاسلامية، وفتح الباب للاستثمار الاجنبي. فيما يتعلق بأهم التحديات هي الفجوة بين احتياجات السوق ومخرجات التعليم التي ساهمت بشكل كبير في قلة وضعف تشكيل فرص اعمال تستحق الاستثمار والتنمية. وأيضا اضاف البعض ان أكبر تحدّ هو تنشيط مراكز دعم الاعمال.
جاهزية التشريعات والأنظمة المالية:
بدرجة 4 تعتبر التشريعات هي الأقل من ناحية الجاهزية، تعني هذه الدرجة وجود تشريعات تهتم بتشجيع الاستثمار، ويقترح البنك الدولي للدول بتشجيع الافراد على استخدام نموذج التبرعات والهدايا قبل تنظيم وتشريع الاستثمار الجماعي.
أغلب المشاركين اتفقوا على فرص جيدة لتطبيق التمويل الجماعي بسبب وجود أنظمة فيما يخص المصرفية الاسلامية، ورقابة مؤسسة النقد ووجود شركة سمة للمعلومات الائتمانية، ولكن التحديات والمشكلات كانت أكثر حيث ان البعض يتفق على ضعف شديد في التنظيم القانوني والحوكمة، كما أشار المشاركون إلى كثرة الجهات المانحة للتراخيص والتمويل وجميعها بنظام مستقل ومختلف، شروط التمويل التي تشترط غالبا الكفيل،عدم وجود هيكلة واضحة للجهات المسؤولة عن التمويل، تشدد مؤسسة النقد فيما يخص تجميع الاموال.
موضوع التمويل الجماعي في المملكة، هل فعلا يستحق الاهتمام؟
من أهم نتائج تقرير البنك الدولي هو أنه يوجد فرصة كبيرة للدول والمجتمعات النامية في النجاح والابداع في تطبيق التمويل الجماعي اكثر من الدول المتقدمة في حال التزمت الجهات المعنية بتطبيق التمويل الجماعي باستغلال التقنيات والمنهجيات بعيدا عن تعقيدات الانظمة المالية الحالية. لذلك، ربما السؤال الأفضل هو كيف يطبق التمويل الجماعي بالشكل الصحيح في البيئة السعودية؟ الدراسات المنشورة مؤخرا أظهرت الدور الكبير الذي لعبه التمويل الجماعي في سد فجوة التمويل سواء للمشاريع الفردية أو التجارية. وأيضا، تقريب وجهات النظر والتعاون بين منظمات المجتمع.
وللإجابة على هذا السؤال يجب توضيح أهمية مؤشر الثقافة في التمويل الجماعي الذي يعتمد على مبدأ التبادل والثقة بين الافراد، استنادا للطبيعة الاجتماعية في الافراد وذلك باستخدام الانترنت للوصول الى جمهور أكبر حيث تؤكد نتائج دراسات التجارة الالكترونية وانظمة المعلومات أثر ثقافة الفرد في طبيعة تعاملاته الالكترونية من شراء ومشاركة وأن معرفة ثقافة المستخدم تساهم بشكل فعال في تصميم خدمة أفضل من ناحية القيمة والأمان، وهذا ماتم ملاحظته في بحث نشر مؤخرا درس تأثير الثقافة في طريقة تشغيل منصات التمويل الجماعي ونوعية المشاريع المعروضة.
ويمكن تفسير نتائج الجاهزية من ناحية الثقافة وكيف تلعب دورا في واقع المجتمع وكيف ستلعب دورا في تحول المجتمع، ولكن أولا أود التنبيه الى انه ربما الثقافة في المجتمع السعودي تمر في مرحلة تحولية ولكن لا نعرف الى أين، فأكثر من 50% من السكان في المملكة أقل من سن 35، ونسبة مستخدمي الانترنت النشطاء تفوق 64%. فهذا يعني وجود تغيير من واقع العولمة ولكن التوجه غير واضح حتى الان.
حسب مقياس هوفستد، فالمجتمع السعودي يحقق درجة عالية في مؤشر الجماعية حيث يشعر الفرد بأنه مسؤول وممثل للاخرين، هذه الخاصية تؤثر بشكل كبير على تصرفات الافراد في هذه المجتمعات ومخرجاتها. فمثلا، توجد الابتكارات بشكل أكبر في المجتمعات بالعقلية الفردية أكثر من الجماعية، ففي العقلية الجماعية أيضا، يطغى الاهتمام بالعلاقات الاحتماعية على اهمية العمل، وهذا يظهر جليا في المحاباة وقوة الواسطات.
أيضا، الافراد في هذه المجتمعات يتأثرون بالتوصيات من الاشخاص في شبكاتهم الاجتماعية، بينما تعتبر مقارنة الصورة الاجتماعية والسمعة من اهم الدوافع للمنافسة بين الافراد وتستحوذ اغلب الفرص أكثر من الانجازات الفعلية، فيما يتعلق بمؤشر المخاطرة فالمجتمع يحقق درجة منخفضة تجاه تقبل المخاطر. وأيضا درجة عالية جدا من ناحية توزيع القوة ويقصد بها تقبل الافراد للتوزيع غير المتساوي للقوة.
جميع هذه الملاحظات تؤثر وبشدة على التطبيق الصحيح للتمويل الجماعي،فمثلا من ناحية التأثر بالتوصيات، كشفت دراسات سلوك المشاركين في مواقع التمويل الجماعي بجميع اشكاله وجود أثر لتبني الحشود لسلوك القطيع وتأثرهم بسلوك الأفراد المشاركين من ناحية الدعم ومبلغ الدعم. هذا السلوك قد يؤثر بشكل سلبي وايجابي حيث التسويق الاجتماعي أثبت فعاليته وقوته في المجتمع المحلي وقد يتم استغلاله لتوجيه الحشود باستخدام سلطة القوة الاجتماعية او العملية مثل تأثير الشخصيات الدينية في حملات التبرعات وتأثير قوة القبيلة في المنافسات، وبغض النظر عن هدف الحملات الا أنه اوضحت أثرها في سلوك الافراد وهذا الجانب لابد من مراعاته لاحقا فيما يخص التشريعات المتعلقة بالتسويق للحملات.
التوصيات:
التحول الاقتصادي-الاجتماعي يتطلب اندماجا وعملا تعاونيا حقيقيا بين جميع عناصر المجتمع من افراد، وقطاعات عامة وخاصة، ومن الملاحظ هو شعار الدولة للتحول من الدور الرعوي الى التنموي، وهذا يعني تغيرا كبيرا في ثقافة العمل في القطاع الحكومي ومسؤولياته.
الدراسات المنشورة مؤخرا أظهرت الدور الكبير الذي لعبه التمويل الجماعي في سد فجوة التمويل سواء للمشاريع الفردية أو التجارية. وأيضا، تقريب وجهات النظر والتعاون بين منظمات المجتمع، لذلك، كيف يمكن الاستفاده منه في خطة التحول؟
أولا، يلاحظ الاهتمام الكبير بدفع الشباب للتوجه الى ريادة الاعمال، ورفع تقبلهم للمخاطر، لكن ماذا عن الاستثمار؟ التمويل الجماعي قد يكون أفضل أداه تدريبية لريادة الاعمال والاستثمار، فصاحب المشروع يختبر جدوى الفكرة في وقت قصير ويحصل على تقييم واقتراحات لتحسينها.
بالاضافة الى تواصل مباشر مع الزبائن، المستثمرين والموظفين المحتملين خلال تصميم وتجهيز الحملة يتعلم صاحب الفكرة فعليا كيف يصف مشروعه، يعرضه، يسوق له ويعيش تجربة حقيقة لخدمة الزبائن، فكل هذا في غضون 3 أشهر تساعده في تسريع تنفيذ المشروع أو الغاءه في حال عدم جدواه بدون تضييع المزيد من الوقت والجهد، ومن ناحية الاستثمار، يتعلم الداعم دائما كيف يقيم المشاريع وفريق العمل بناء على المعلومات المتاحة في السوق ومن فريق المشروع.
أسئلة كثيرة وكبيرة يطرحها الموضوع فإلى أي مدى يمكن تطبيق هذه التوصيات في البيئة السعودية؟ ومن هي الجهات التي ستفرض التشريعات وكيف ستتواصل مع جميع المهتمين من مستثمرين ومواقع واصحاب اعمال لفرض تشريعات تضمن نمو السوق في الاتجاه الصحيح؟ في الدول المطبقة للتمويل الجماعي مثل امريكا وكندا، يوجد منظمة مستقلة مختصة بالتمويل الجماعي تلعب دور الوسيط بين جميع هؤلاء اللاعبين والمهتمين.
هذا بالإضافة إلى سؤال كبير أيضا ينتظر الاجابة ففي حال تشريع التمويل الجماعي، من سيقدم الخدمة؟ الدولة أم القطاع الخاص؟ فالتمول الجماعي يخدم جميع الاعمال والتوجهات من خيرية أو ابحاث أو شخصية، فمن سيقدم الخدمة؟ هل سنرى موقع تمويل جماعي متخصص في كل جهات تطوير الاعمال في السعودية، هل ستتفرد مراكز الابحاث بمواقعها؟ أم سنكتفي بموقع واحد لكل نموذج؟ ماهي الايجابيات والسلبيات لكل حل؟
وأخيرا لابد من الإشارة أن هذه الدراسة تمت بالتعاون مع الباحثة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ليلى القحطاني
*باحثة دكتوراه في جامعة واريك البريطانية
نماذج ناجحة في مختلف دول العالم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.