ظل موضوع توثيق وحصر بطولات الأندية السعودية حديث الشارع الرياضي طوال الأيام الماضية حتى كاد أن يطغى على المشاركة المهمة للمنتخب السعودي في المرحلة النهائية من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018، ليأتي توجيه رئيس هيئة الرياضة الأمير عبدالله بن مساعد بتأجيل مؤتمر الإعلان عن نتائج عمل اللجنة المعنية بحصر الإنجازات وتوثيقها. كان متوقعاً أن تثور ثائرة الجماهير والإعلاميين فيما لو تم الإعلان عن النتائج وحدثت بعض الأخطاء في الرصد والتوثيق للبطولات الرئيسية ذات البعد والثقل الرسمي والتاريخي مثل بطولات كأس الملك وكأس ولي العهد والدوري بمختلف مسمياته، لكن ما حدث أن ضجة افتعلها المتعصبون بشكل استباقي دفعت الأندية لإصدار بيانات إعلامية تنتقد فيها طريقة عمل هذه اللجنة، في وقت نسمع كثيراً أن فريق العمل المكلف خاطب الأندية ولم يجد تجاوباً حقيقياً. الغريب في الأمر أن المهتمين بالتأريخ والتوثيق المنتمين لأندية عدة سارعوا لإصدار قوائم وإحصاءات غير رسمية وغير موثقة تمثل البطولات التي حققتها أنديتهم مثلما فعل بعض النصراويين قبل أن تصدر إدارة الأمير فيصل بن تركي بياناً تطرح فيه بعض التساؤلات التي يرى مسيروه مشروعيتها، في وقت أحصت إدارة الأهلي بطولات ناديها عبر بيان وقائمة تضم 51 بطولة. من المهم أن نتفق على أن إدارات الأندية مؤتمنة على تاريخ هذه الكيانات وأن من أبسط حقوقها العمل على توثيق المنجزات وعدم هضم أي منجز، لكن ما حدث خلال الأيام الفائتة من فوضى غير مقبولة يدفع لمطالبة هيئة الرياضة بالإفصاح عن نتائج اللجنة والإعلان عن المعايير التي استخدمت في الإحصاء والتوثيق، لقطع الطريق على هواة التزوير والتلفيق في تاريخ الكرة السعودية وأنديتها. أكثر ما كان لافتاً هو ظهور أكثر من إحصائية تخص إنجازات بعض الفرق، وفيها تضارب واضح، كحصول فريقين أو أكثر على اللقب في موسم واحد، الأمر الذي يثير الاستغراب حول المعايير التي استخدمتها هذه الأندية في إحصاء بطولاتها، ويؤكد الحاجة لظهور بيان حاسم وقاطع بالمنجزات الرياضية لكل الأندية وفق معايير واضحة، وهو ما ينتظر أن يعلن عنه فريق العمل المكلف بهذا الشأن، في وقت كان حديث الأمير عبدالله بن مساعد واضحاً حول أهمية الاتفاق على المعايير حتى يسهل العمل على إحصاء البطولات بشفافية وحياد. في المقابل فإن التوجه الذي تبنته هيئة الرياضة في إعطاء الأندية فرصة الاعتراض على عمل الفريق واحتساب البطولات والمتمثل بمنحها مهلة لمدة شهر كامل للاعتراض وإبداء الرأي يعد خطوة ذكية لإخلاء مسؤولية الفريق الذي يقوده تركي الخليوي والتعامل بشفافية وحياد مع الأندية كافة، ويدل على انفتاح الهيئة على جميع الآراء والاعتراضات وعدم الرغبة ببخس حقوق الفرق. أحد أسباب هذا التوتر الذي تشهده الساحة والجدل الذي يثيره كثيرون يتعلق بتصنيف بطولات الدوري وإن كانت بطولات المناطق تعتبر من ضمن بطولات الدوري أم لا، وهي محاولات للقفز على حقيقة أن مفهوم بطولة الدوري في كل دول العالم يقوم على أحقية جميع الفرق في المشاركة في حال حققت منجزات أو نتائج تؤهلها للمشاركة فيها مثلما يحدث في جميع بطولات الدوري في العالم حين تصعد فرق الدرجة الثانية لدوري الدرجة الأولى أو للدوري الممتاز، وهنا لابد من التفريق بين إطلاق مسمى دوري بشكل عام، أي مسابقة دوري تكون فرصة المشاركة فيها متاحة للجميع بحسب نتائجهم وقدرتهم على الوصول للمشاركة فيه، أو بطولات الدوري المخصصة لفئة معينة بحسب المناطق أو المقاطعات، فمثلاً لايمكن القول: إن بطولات دوري المقاطعات في البرازيل تحتسب على أنها مساوية لبطولة دوري الدرجة الأولى أو الثانية التي تضم فرقاً من مختلف المقاطعات وتقام تحت مظلة اتحاد الكرة، وبالتالي لايمكن أن تحتسب بطولات المنطقة الشرقية أو الغربية أو الوسطى على أنها بطولة دوري عام، مع أحقية احتسابها للأندية التي حققتها كبطولات مستقلة في حال اعتماد معايير تكفل احتسابها. أخيراً، لابد من التأكيد على أن ما يحدث يرقى إلى درجة العبث حتى بات الأمر مكشوفاً ومثيراً للاستغراب، إذ لايمكن التصديق بأن فريقين أو ثلاثة حققوا البطولة ذاتها في موسم واحد، وبالتالي فإنه من المهم أن ننتظر ظهور المعايير ونتائج فريق العمل المكلف بحفظ وتوثيق منجزات الأندية ومن ثم متابعة ردة فعل الأندية وطريقة اعتراضها إن وجدت، بدلاً من التسابق على إظهار الإحصاءات المتضاربة والتي تخدم التلفيق لا التوثيق. تركي الخليوي