شاهدت فى إحدى القنوات الفضائية فيلما سينمائيا لطيفا اسمه (Hector and the Search For Happiness) يدور موضوعه حول مفهوم السعادة ورحلة البحث عنها، يحكي الفيلم قصة طبيب ومعالج نفسي شاب يعيش حياته الخاصة والعملية بشكل روتيني، ويجد صعوبة في التعاطف مع مرضاه، ومع الزمن بدأ يشعر بالخواء والملل رغم الرخاء المادي والعلاقة التي تجمعه بامرأة يحبها، دفعته حالة الضياع والملل التي يعيشها إلى الرغبة في تغيير حياته وهو ما يدل على أن الطبيب نفسه غير سعيد، لذلك يقرر القيام برحلة إلى العالم يبحث فيها عن الأسباب التي تجعل الناس سعداء لعله يستطيع بعد ذلك أن يقدم لمرضاه ما يريحهم ويسعدهم. من البداية يبدأ الطبيب واسمه هكتور بتسجيل أفكاره وآرائه في مفكرة يومياته، ويمر في هذه الرحلة بكثير من المواقف والمغامرات التي تدفع إلى التأمل والتفكير الفلسفي فيما يمكن أن يجعل البشر سعداء حتى من أبسط الأشياء، إلى درجة أن السعادة برأي إحدى السيدات التي التقاها على رحلة في طائرة قد تكون في تناول "يخنة البطاطا الحلوة"! في المحطة الأخيرة من الرحلة يلتقي الطبيب بأستاذ جامعي يجري بحوثا وتجارب حول تأثير السعادة على أنشطة الدماغ، ويستمع إليه في المحاضرة وهو يؤكد على أهمية استعادة البشر السعادة التي كانوا يعيشونها في سنوات الطفولة، وعلى أنه ليس من المهم التركيز على رحلة البحث عن السعادة، ولكن المهم هو الاستمتاع بهذه الرحلة، بمعنى التركيز على سعادة الرحلة وليس على رحلة السعادة. في النهاية وبعد خضوع الطبيب لتجربة الأستاذ الجامعي يتضح له أن سعادته الحقيقية هي في العودة إلى حياته السابقة والزواج بالمرأة التي يحبها ويخاف أن يفقدها، وكأن سعادته كانت بين يديه وهو لا يدرك. السعادة وكيفية تحققها من الموضوعات التي شغلت البشر في كل زمان ومكان، ودار حولها الكثير من التصورات والتفسيرات، كما أن اختلاف الناس وتنوع أمزجتهم وخلفياتهم وثقافتهم وتجاربهم يجعل مفهومها ومقياسها مختلفا من شخص لآخر، فما يسعدك أو يشقيك قد لا يسعد غيرك أو يشقيه. في هذا الزمن الصعب الذي نعيشه بتوجهاته المادية، وصراعاته وكوارثه الإنسانية والبيئية، وفي ظل الجهل والقلق والتعصب والإرهاب، يصبح من الصعب أن يجد الإنسان الطبيعي الحساس المتفاعل مع من حوله السعادة والراحة التي ينشدها، وأي نصائح تتلى عليه ليس من السهولة عليه أن يتمثلها وهو يرى الدمار والتوحش واليأس يزداد كل يوم، ولكن كلما استطاع الإنسان أن يستوعب المفهوم الحقيقي للسعادة ويرتقي بعقله وعلمه وروحه وإنسانيته، ويخرج قدر الإمكان من دائرة الماديات والملذات المؤقتة - وهو أمر ليس سهلا- كلما كان أقرب إلى السعادة حتى ولو كانت الحياة صعبة حوله.