ما كشفته دراسة اقتصادية نُشرت مؤخراً، عن أن قيمة أصول الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تديرها سيدات الأعمال في دول الخليج تصل إلى 385 مليار دولار.. يُشير بوضوح إلى حجم القوة الاقتصادية الناعمة التي ربما لا ينتبه لها أحد في ظل الحراك الاقتصادي والاستثماري الذي تمرُّ به المنطقة الخليجية منذ عقود، ويزداد رسوخاً على الأرض بشكل يستحوذ على الإعجاب. ولا يمكن لأحد القول إن هذا الرسوخ الاقتصادي النسائي إذا صحَّ التعبير جاء بمعزل عن السياسات الحكومية الخليجية الداعمة للمرأة وعملها بداية من زيادة نسب وفرص التعليم، والانفتاح الثقافي والعلمي، وصولاً إلى هذه المكانة التي أصبحت فيها المرأة الخليجية بشكل عام، ووفق تصنيف قائمة مجلة فوربس الاقتصادية الشهيرة، والذي أوضح أن المرأة الخليجية باتت تشكّل نحو 50% من أقوى 100 سيدة أعمال عربية في منطقة الشرق الأوسط، في العام الماضي 2015. وأعتقد أن مجرد قيام نساء الخليج بإدارة استثمارات بقرابة 385 مليار دولار، واحتلالهن نصف قائمة "فوربس" هو أقوى رد عملي على من لا يزالون يتحدثون عن تهميش المرأة في بلداننا الخليجية، ويتعمدون دائماً التقليل من الإمكانيات النسائية وتشويه ما حصلت عليه أو ما حققته من إنجازات في مجال هو الأصعب حقيقة، بعدما نجحت وأثبتت ذاتها في كافة المجالات والفرص الوظيفية سواء في القطاعين العام أو الخاص. وهنا، يهمني الإشارة إلى نموذج اقتصادي خليجي رائع، استطاع اقتحام مجال جديد، هو توطين الصناعات العسكرية الخاصة.. إنها سيدة الأعمال السعودية طرفة المطيري، خريجة جامعة الأميرة نورة (بكالوريوس ملابس ونسيج)، والتي تركت الوظيفة الحكومية واتجهت في قرار صعب للعمل الحر، ونجحت قبل أكثر من 7 سنوات، في تأسيس مصنع خاص بالمنسوجات العسكرية بكافة أنواعها. عزيمة طرفة المطيري، وقدرتها على مواجهة تحدي إثبات الذات، هما عنوان عملها الناجح، شأنها شأن الكثيرات من بنات الوطن، اللواتي يحتجن فقط لإبراز دورهن إعلامياً كقصص نجاح تُحتذى، كلهن نماذج مضيئة تستحق الفخر والتشجيع والدعم بكل الطرق، خاصة وأن النجاح لا يعرف فرقاً بين رجل وامرأة، وأن القدرة على التحدى إحدى سمات الشخصية الخليجية التي قاومت ظروف الطبيعة، وصعوبة الجغرافيا والطقس، واستطاعت رسم مرحلة جديدة في التنمية الحديثة في شتى المجالات.. حتى باتت منطقتنا الخليجية بؤرة جذب استثماري هائلة. بالتأكيد هناك قصص نجاح نسائية أخرى، وراءها عناوين وحكايات وجهد وعرق وسهر، تليق بأن تصبح إرثاً معنوياً سندرك قيمته ومعناه بعد سنوات، ولكن دورنا الراهن، يجب أن لا ينحصر في مجرد التشجيع فقط، بل بالاعتبار بأن خدمة الأوطان ليست حكراً على جنس أو لون أو عرق، ولكنها مهمة وطنية شاقة، نتحملها جميعاً، والأهم أن بنت الوطن، السعودي خصوصاً أو الخليجي عموماً باتت تقدم النموذج الرائد الكفيل بالرد على كل الأقاويل والتخرصات. وخزة بعض الناس يموتون من الجوع وبعضهم من التخمة