من ادعى هبوط آدم في الهند (أو الشام ومكة) اعتمد على أساطير توراتية وتأويلات شخصية ولم يقدم على ذلك دليلا من الكتاب والسنة.. وفي المقابل هناك دلائل أحفورية حقيقية تؤكد أن البشر ظهروا أولا في أفريقيا، وأن آدم عليه السلام كان أسود البشرة (والآدم في اللغة هو السواد أو السمرة الشديدة).. واليوم تثبت الخرائط الوراثية للبشر أن مجموعة السان الأفريقية (San people) هي أقدم وأعرق سلالة بشرية تتواجد على كوكب الأرض (وابحث في جوجل عن The world's most ancient race)! ومجموعة السان أو البوشمان مازالت تعيش في جنوب أفريقيا قرب حدود ناميبيا.. وظهور البشر في تلك المنطقة لا تؤكده فقط الأحافير المتحجرة، بل وأيضا دراسة من جامعة بنسلفانيا أثبتت أن 75% من مورثات السود (في أميركا) تعود إلى مجموعة بشرية صغيرة (لم تتجاوز أربعة عشر فردا) عاشت قديما في تلك المنطقة! .. هذا من جهة؛ ومن جهة أخرى؛ هناك قضية تتعلق بالموقع الذي خلق فيه آدم وظهر فيه لأول مرة؟ هل هو جنة السماء أم جنة خضراء فوق كوكب الأرض؟ فالجنة في لغة العرب هي الحديقة الغناء أو البستان الكثيف في حين أعدت جنة السماء لاحقا للمتقين.. وقد وردت بهذا المعنى في آيات كثيرة كقوله تعالى (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) و(إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) و(أَو تكون لك جنة من نخيل وعِنب)... ورغم أن قصة أبينا آدم مذكورة في التوراة والانجيل، لم يتحدث القرآن الكريم عن موقع الجنة التي عاشا فيها ولم يؤكد وجودها في السماء (وراجع الآيات الكريمة للتأكد بنفسك).. واعتمادا على المعنى اللغوي للجنة، والأصل الأرضي لآدم عليه السلام؛ رأى بعض المفسرين ان الجنة التي كان فيها وخرج منها هي جنة أرضية وليست (جنة الخلد التي وعد المتقون).. ومن الدلائل التي ترجح هذا الرأي: وجود آيات كثيرة ونصوص صريحة تؤكد أن آدم خلق من تراب الأرض وطينها اللازب مثل قوله تعالى: (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ). وآيات كهذه تجعل من الصعب التوفيق بين خلق آدم (من مكونات الأرض) ثم ادعاء هبوطه لاحقا من السماء (علما أن الهبوط يأتي أيضا بمعنى الإخراج؛ ولا يزال البدو يقولون: هبطنا إلى مكة أو إلى المدينة).. .. وحين خلق الله تعالى آدم لأول مرة قال للملائكة في سورة البقرة: (إني جاعل في الأرض خليفة(.. وهنا يحق لنا السؤال: لماذا يُبقي خليفته في الأرض.. في السماء؟ .. أيضا نعرف أن إبليس طُرد من السماء حين رفض السجود لآدم (في أول خلقه) وبالتالي كيف يرافقه ويتبعه كظله في جنة السماء (حتى أغواه بالأكل من الشجرة المحرمة)! .. وكما هو معروف؛ أشجار الجنة السماوية ضخمة وكبيرة لدرجة يسير تحتها الراكب خمسمئة عام (كما جاء في الصحيح) في حين كان آدم وحواء يبحثان عن أوراق صغيرة ومتناثرة تستر عورتهما (فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة).