على الرغم من كل ما تقوله الدراسات والنصائح المتخصصة عن أهمية المصارحة بين الزوجين وأهمية أن يكون كل منهما كتابا مفتوحا أمام الآخر إلا أن التطبيق على أرض الواقع يقود البعض إلى واقع اخر مختلف تماما عن هذه النظريات فلا توجد مكاشفة مئة بالمئة ولا موقع للصدق والصراحة المتناهية بين الزوجين، بل على العكس قد تقود الصراحة احيانا إلى الطلاق أو ماهو أشد وقعا وتأثيرا من الطلاق. "الرياض" بدورها استطلعت رأي العديد من ذوي العلاقة والاختصاص حول هذه القضية فكان التالي.. تماسك العلاقة الزوجية بهذه العبارة تبدأ موضي الحديث قائلة: لا وجود ولا منطق وراء الصدق الكامل، قد يكون مقبولا ومرحبا به من قبل الرجل اما المرأة حتى لو رغبت واحبت ان تكون صريحة صادقة فان الزوج والمجتمع لن يقبلوا منها هذه الصراحة خاصة اذا تعلق الامر بماض ما مهما كان بريئا او بمشاعر ما مهما كانت خاصة او بسلوك ما مهما كان شخصيا، فالصدق مع الزوج يبدأ منذ يوم الزواج الاول، هذه العبارة ليست صحيحه مئة بالمئة بل ان الكذب قد يبدأ منذ اليوم الاول وليس من منطلق الخداع والخيانة لا سمح الله ولكن بالعكس من منطلق الحفاظ على الحياة وتماسكها، فالزوجة قد تكذب على الزوج في مشاعرها ومدى قبولها وتقبلها لعلاقته معها، وتكذب او تخفي عنه مشاعرها الحقيقية ازاء عائلته وقد تخفي كذلك كل احساس تعرف انه يضايقه مثلا احساس بالتعب او شعور بالمرض مالم يكن قويا قهريا لابد ان تفصح عنه لتتلقى العلاج، المرأة تخفي كثيرا جدا من مشاعرها التي لو افصحت عنها لأصبح انهيار بيتها امرا واقعا، ثم هناك الكثير مما ستخفيه حتما عن احوال عائلتها ومقدار ما تدفعه لهم من راتبها واحوال صديقاتها وما تسمعه من نصائح من هنا او هناك كي تصبح علاقتها بزوجها افضل وكثيرا ما تكون نتائجها عكسية وكثير من الاشياء التي تحدث بينها وبين العالم الخارجي من قبيل مشكلة مع شخص تواصلت معه عبر وسائل التواصل رجلا كان او امرأة ثم تصاعدت الامور بطريقة خاطئة، هناك اشياء كثيرة جدا تخفيها المرأة عن زوجها ولا اصدق ابدا بمقولة ان الزوجة ينبغي ان تصارح زوجها بكل شيء فهذا الامر ليس حقيقيا. وبدورها تؤكد السيدة سماء وجهة نظر موضي، قائلةً: اذا صارحت المرأة زوجها بأن السائق مثلا يضايقها بنظرات جانبية في مرآة السيارة او ان رئيسها في العمل يلاحقها بالاتصالات عبر وسائل التواصل او ان رجالا ممن صادفوهم اثناء رحلة اجازة خارج الوطن قد عاكسوها هل سيكون رد الفعل متعاطفا معها ومريحا لها او ان العكس هو الصحيح، سيرحل السائق، وسيوقفها عن العمل وسيمنعها من السفر، فكل ما سيترتب على المكاشفة والصراحة والصدق هو في غير صالحها على طول الخط فلماذا اذن تصارحه، المرأة ليست قاصرا ولا صغيرة ولا هي طفلة لا تستطيع ان تعالج امورها بنفسها وتحل مشاكلها بنفسها. ثمن الصراحه من جهتها تقول السيدة نورة: ماالذي تخفيه المرأة عن زوجها؟ وما الذي لا تخفيه عن زوجها، وهل ستخبر المرأة زوجها بما صنعته لكي تنقذ وجبة احترقت او فسد بعضها فاصلحتها بطريقتها حتى تصبح صالحة للاكل؟ او ستخبر زوجها عن طبق تحطم كان قد اشتراه لها باربعة آلاف ريال، او ستخبره عن فستانها الذي اضطرت الى توسيعه لانه ضاق عليها بسبب زيادة الوزن، او ستخبره عما فعله ابنه من خطأ لكي يعاقبه بالضرب امام عينيها، او ابنته لكي يعاقبها فيفطر قلبها، أو ستخبر زوجها عن مال استطاعت توفيره من راتبها او مصروف البيت ان لم تكن عاملة لكي يأخذه منها ويحرمها من هذا المبلغ الذي اقتطعته على أمل ان يسندها حين تحتاجه؟ المرأة تخفي الكثير عن زوجها والحقيقة ان الزوج يعرف انها تخفي عنه الكثير وهو لا يحاول بشكل جدي ان يعرف ماالذي تخفيه عنه الزوجة، فالرجل ذكي ويعلم تماما ان المرأة تخفي عنه الكثير ولا يحاول ان يدخل في التفاصيل لانه بقدر ما سيعرف سيصبح مسئولا فمثلا لو اشتكت زوجته من السائق سيقوم بطرده لكنه سيصبح هو السائق لذا يتفادى السؤال المباشر ويتجاهل احيانا بعض الاشارات التي يعرف ان فيها خطأ ما لكنه يعرف انه لو فتح الباب لدخل اليه طوفان كبير، بقدر ما تحتاج المرأة الى مساحة تتحرك فيها بلا رقابة يحتاج الرجل كذلك الى هذه المساحة واكبر لذا فان هناك اتفاقا ضمنيا بين الرجل والمرأة على حدود للمكاشفة يقنع بها وتقنع هي بها ويتصرفان كليهما على اساس ان هذه الحدود غير موجودة لكنها موجودة وكلاهما يعرف. المكاشفة المطلقة وفي دراسة أعدها د.محمد الراعي - مختص اجتماعي- بعنوان: «الأسرار الزوجية.. أسبابها وحدودها» خلص فيها الى أن الصدق بين الزوجين يشكل نوعًا من الأمان والاطمئنان الواعي، وكما أن الصراحة مطلوبة في كل العلاقات الإنسانية، فمن الأجدى وجودها بين الزوجين، ولكنها ليست المصارحة المطلقة؛ التي قد تضر الطرف الآخر أو تجرح مشاعره، أو تثير الفتنة والشك، فتشتد الانفعالات وتنعدم الثقة، مما يؤدي إلى تعقيد المشاكل وعدم القدرة على التواصل بين الزوجين. وأشار إلى أنه كلما استقرت نفسية الزوج ووثق في نفسه وسلوكياته كان أكثر تقبلاً لصراحة زوجته، وإن عرفت الزوجة بمعايشتها للزوج أنه عصبي سريع الغضب، غيور وشكاك ومتعدد العلاقات النسائية، أو مُستغل ومحب للصدام، يفتقد الثقة بنفسه، وتربطها به علاقة زوجية غير ناضجة، عليها أن تمتنع عن الاعتراف والإدلاء بكل أسرارها، وما تمر به من مواقف وأحداث، وحجة الزوجة -كما تقول الدراسة- أنه لو عرف هذا النوع من الأزواج بأسرار الزوجة فسيظل مشغولاً بالتفاصيل، وبداخله يطرح العديد من الأسئلة التي تحتاج لإجابة. ويرى الباحث أن من حق الزوجة أن تحتفظ بأسرار خاصة لنفسها مثل حقيقة راتبها وما يأتي من علاوات ومكافآت احتراسًا من زوجها الذي قد يستغلها صراحة أو متعللاً بالحجج، وتخفي كذلك قدر اهتمامها بأسرتها، والديها وإخوتها، وربما كانت تقدم لهم مساعدة مالية من أموالها الخاصة، وهناك من الزوجات من يحجبن مشاكل أبنائهن دراسية كانت أو خلقية؛ خوفًا من أن يلقي الازواج بتهمة التقصير وعدم الاهتمام عليهن، فإن كانت تعمل يطلب منها ترك العمل، وإن كانت تكثر من زياراتها يلزمها بالتوقف والاعتدال وهكذا. حدود المصارحة وفي دراسة آخرى ل د. محمد المهدي - رئيس قسم الطب النفسي بجامعة الأزهر- تحت عنوان "هل المصارحة والمكاشفة بين الزوجين واجبة وضرورية بشكل مطلق، أم لها حدود، وماهي هذه الحدود إن وجدت؟" يضع كثير من الاسئلة الحرجة من قبيل: إذا صارحت المرأة زوجها بأسرارها، فكيف تضمن عدم استغلاله لتلك الأسرار وقت الخلافات أو الانفصال؟ وهل تحكي المرأة لزوجها عن خبراتها العاطفية السابقة ؟ وهل توجد أسرار لا يصح البوح بها للزوج مهما كانت العلاقة قريبة وقوية؟ ماذا عن حالتها الصحية والأمراض التي تعانيها سواء كانت نفسية أو جسدية أو مرضا وراثيا فيها أو في العائلة؟ وإذا كانت للمرأة أخطاء سابقة وبناء عليها يمارس أحد الأشخاص ابتزازاً لها هل تشتري سكوته بأي ثمن حتى لا يعرف زوجها أم تصارح زوجها ليساعدها في مواجهة هذا الابتزاز؟ هل تحكي المرأة عن تفاصيل زواجها السابق وعن أسرار وأخطاء طفولتها ومراهقتها وشبابها؟ هل تحكي له عن أسرار تخص عائلتها وهل تصارحه ببعض أسرار عملها هل تطلعه على مواردها المالية ومدخراتها؟ ويخلص الباحث الى ان هناك آراء مبنية على دراسات علمية وتجارب حياتية تفيد بأن المصارحة المطلقة بكل الأسرار قد تشقي الطرف الآخر وقد تهدم العلاقة الزوجية، وهناك أزواج عاشوا مع بعضهم سنوات طويلة واحتفظ كل منهم ببعض أسراره، وهذا يعني أن الحياة الزوجية تعتمد كثيرا في نجاحها على التفاعل الجسدي والعقلي والوجداني والروحي، ولا تحتاج الإفصاح عن كل الأسرار كشرط لنجاحها.وفي دراسة علمية أجريت في ألمانيا على مجموعة من النساء لمعرفة نسبة الأسرار التي يفصحن عنها والأسرار التي يحتفظن بها وجد أن هناك (10%) من الأسرار تحتفظ بها المرأة بشكل مطلق ولا تبوح بها لأحد مهما كان، بينما تستطيع أن تبوح ب (60%) من أسرارها لزوجها أو أمها أو أختها أو صديقتها القريبة، وقد تختلف هذه النسب من امرأة لأخرى ولكن النتيجة النهائية هي أن ثمة أشياء تقال وأشياء أخرى لا تقال.