تنطلق المملكة من مبدأ ثابت في حماية وتعزيز حقوق الإنسان، إيماناً منها بما كفلته الشريعة الإسلامية من مبادئ وقيم سامية تحمي الحقوق والحريات المشروعة، وتجرِّم انتهاكها بأي شكل من الأشكال. ويؤكِّد النظام الأساسي للحكم في المملكة على المبادئ والقيم السامية التي تصون كرامة الإنسان، حيث نصت المادة "26" من النظام على أن تحمي الدولة حقوق الإنسان، وفق الشريعة الإسلامية، كما كفل النظام حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، وضمن حق العمل سن الأنظمة التي تحمي العامل، وصاحب العمل، على حد سواء، مع توفير الدولة للتعليم العام، والالتزام بمكافحة الأمية. وتسعى وتتضافر التشريعات الوطنية في المملكة، لضمان حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وفي مقدمتها الأنظمة المتعلقة بالقضاء، والعدالة الجنائية، والصحة، والتعليم، والعمل، والثقافة وحقوق المرأة والطفل، وغيرها من الأنظمة ذات العلاقة المباشرة بضمان تمتع الجميع بحقوقه، وتمارس السلطة القضائية في المملكة، أدوارها في استقلال تام، مستندة على أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المستمدة منها، إذ أن القضاء حجر الزاوية في حماية حقوق الإنسان وتعزيزها. المرأة السعودية تسهم في صناعة القرار الوطني.. وعضو فعال بالشورى والمجالس البلدية حماية الطفل ومن جهود المملكة، في حفظ حقوق الإنسان وحمايتها وتعزيزها محلياً "حقوق الطفل"، حيث تسعى المملكة إلى توفير بيئة آمنة وسليمة للطفل تمكنه من تنمية مهاراته وقدراته وحمايته نفسيًا وبدنيًا وعقليًا؛ لذا جاء "نظام حماية الطفل" ليحميه من كلِّ ما يسبب له الضرر. اهتمام بحقوق «ذوي الإعاقة».. وتسعة ملايين أجنبي محصنين بنظام «حماية حقوق العمالة» وتؤكد المملكة دومًا التزامها برعايتها وحمايتها لهذه الحقوق، ليس فقط لكونها طرفًا في اتفاقية حقوق الطفل وبروتوكوليها الاختياريين، بل انطلاقًا من التزامها بواجباتها المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية التي تحافظ على جميع مصالح الطفل، لذا صدر نظام حماية الطفل بالمرسوم الملكي رقم م/14 بتاريخ 3/2/1436ه، الموافق 26/11/2014م إذ عرَّف النظام الطفل بأنَّه "كل إنسان لم يتجاوز ال 18 عامًا من عمره". المملكة قدمت مبادرات دولية لنبذ العنف والإرهاب.. وللحوار بين الأديان ونشر ثقافة التسامح وعززت الدولة إجراءاتها في مجال حماية الطفل من أشكال التعسف والعنف كافة، من خلال اتخاذ العديد من التدابير، ومن ذلك صدور نظام الحماية من الإيذاء بهدف حماية أفراد المجتمع من كل صور الاستغلال وإساءة المعاملة ومنهم الطفل، ويعد نظاماً "حماية الطفل" و"الحماية من الإيذاء" خطوتان إيجابيتان نحو حماية الطفل من الإيذاء وتأكيداً لحقوقه والاهتمام بشؤونه. حقوق المرأة وتأتي حماية "حقوق المرأة" في المملكة وفقًا لما جاءت به الشريعة الإسلامية، التي تكفل المساواة العادلة بين الجنسين، حيث لا تفرِّق الأنظمة بين الرجل والمرأة، وفي مقدمتها النظام الأساسي للحكم الذي نصَّ في مادته الثامنة على أنَّ الحكم في المملكة يقوم على أساس العدل والمساواة وفق الشريعة الإسلامية، فالمرأة لها ذمة مالية مستقلة، وأهلية قانونية كاملة، تكفل لها حرية التصرف، وممارسة شؤونها باستقلالية تامة، ودون أي قيود. وتسهم المرأة السعودية في صناعة القرار الوطني، من خلال توليها مناصب قيادية في القطاعين الحكومي والأهلي، وكذلك عضويتها في مجلس الشورى، إضافة إلى حقها في الانتخاب، والترشح لعضوية المجالس البلدية، وفوزها بعدد من المقاعد في الانتخابات البلدية الأخيرة "2015". ومن أهم القرارات التي صدرت لتعزيز وكفالة حقوق المرأة، تعيين 30 امرأة في عضوية مجلس الشورى، وإتاحة الفرصة للمشاركة في الانتخابات البلدية كمرشحة وناخبة، دعم برنامج الأسر المنتجة، وهو البرنامج الذي يصل إلى ربة المنزل و"الأميّة" ومتوسطة التعليم والأرامل والمطلقات، كما أنَّ هناك مشروعًا وطنيًا يهدف إلى إسكان الأرامل والمطلقات، في سبيل تحقيق الحياة الكريمة للجميع، إضافة إلى حق المرأة السعودية في الحصول على قرض سكني من صندوق التنمية العقارية متى كانت مسؤولة عن عائلتها، إلى جانب فتح مجالات جديدة لعمل المرأة، ومشاركتها في الأعمال الاقتصادية وقطاع الأعمال بشكل عام. ذوي الإعاقة وأولت حكومة المملكة في مجال الرعاية الاجتماعية "حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، مزيدًا من الاهتمام والتطوير، من خلال دعم الأسر المحتاجة، وتقديم المساعدات المباشرة وغير المباشرة، من خلال برامج موجهة لجميع فئات المجتمع، خصوصاً الأشخاص ذوي الإعاقة، لتتوج جهودها المبذولة في رعايتهم، وقد صدرت العديد من الأنظمة والقرارات، ومن بينها نظام رعاية المعوقين الذي صدر بموجب المرسوم الملكي بالرقم م/37 بتاريخ 23/9/1421ه الموافق 20/12/2000م، الذي أشار إلى أن الدولة تكفل حق المعوق في خدمات الوقاية والرعاية والتأهيل، وتشجِّع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية في مجال الإعاقة. وتقدم الخدمات لهذه الفئة عن طريق الجهات المختصة في المجالات الآتية: الخدمات التعليمية والتربوية في جميع المراحل "ما قبل المدرسة، والتعليم العام، والتعليم الفني، والتعليم العالي"، بما يتناسب مع قدرات المعوقين واحتياجاتهم، وتسهيل التحاقهم بها، مع التقويم المستمر للمناهج والخدمات المقدَّمة في هذا المجال، وتقديم الخدمات التدريبية والتأهيلية، بما يتفق ونوع الإعاقة ودرجتها ومتطلبات سوق العمل، بما في ذلك توفير مراكز التأهيل المهني والاجتماعي، وتأمين الوسائل التدريبية الملائمة، والتوظيف في الأعمال التي تناسب قدرات المعوق ومؤهلاته لإعطائه الفرصة للكشف عن قدراته الذاتية. كما تسعى الدولة لتنمية قدرات المعوق، لتحقيق اندماجه بشكل طبيعي في مختلف نواحي الحياة العامة، ولتقليل الآثار السلبية للإعاقة، والاستفادة من الأنشطة والمرافق الثقافية والرياضية وتهيئتها، ليتمكن المعوق من المشاركة في مناشطها داخليًا وخارجيًا، بما يتناسب مع قدراته، وتعزيز مكان المعوقين في المجتمع، والتعريف بحقوقهم واحتياجاتهم، وقدراتهم، وإسهاماتهم، وبالخدمات المتاحة لهم، وتوعيتهم بواجباتهم تجاه أنفسهم، وبإسهاماتهم في المجتمع. حقوق العمالة ومن جهود المملكة "حماية حقوق العمالة"، حيث تعد المملكة من الدول الجاذبة لطالبي العمل، وتستضيف على أراضيها نحو تسعة ملايين من غير السعوديين الذين قدموا إليها للعمل في مجالات متنوعة؛ لذا تعمل على اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة كافة، لحماية حقوقهم، وتهيئة الظروف الإنسانية المناسبة، وتمكينهم من أداء أعمالهم، وفي هذا الإطار أصدرت الدولة العديد من الأنظمة والتشريعات والقرارات الوزارية وغيرها، كما تم تبني آليات رقابية أسهمت في تحسين أوضاع أولئك العمال، وتعزيز حقوقهم منها: إصدار "لائحة عمال الخدمة المنزلية ومن في حكمهم"، إلزام أصحاب العمل بتوفير التأمين الصحي للعاملين في القطاع الخاص، إبرام اتفاقيات ثنائية بين المملكة والدول التي تفد منها العمالة، تطبيق ومراقبة الالتزام بحظر تشغيل العمال تحت أشعة الشمس من الساعة 12 ظهرًا، وحتى الساعة الثالثة مساءً، خلال الفترة من بداية شهر يونيو إلى نهاية شهر أغسطس من كلِّ عام. كما أن أنظمة المملكة تحظر بشكلٍ خاص التمييز الديني في مجال العمل، حيث تقضي المادة 61 من نظام العمل بأن يمتنع صاحب العمل عن كلِّ قول، أو فعل، يمس كرامة العمال أو دينهم، وأن يعطي العمال الوقت اللازم لممارسة حقوقهم المنصوص عليها في النظام دون الحسم من أجورهم لقاء هذا الوقت، إضافة إلى أن النظام ألزم في المادة 104 صاحب العمل بتمكين العامل من القيام بواجباته الدينية، وبرنامج حماية الأجور الذي يرصد عمليات صرف الأجور لجميع العاملين والعاملات في منشآت القطاع الخاص "السعوديين والوافدين" بهدف إنشاء قاعدة بيانات تحوي معلومات محدثة عن عمليات دفع أجور العاملين في القطاع الخاص، وتحديد مدى التزام المنشآت بدفع الأجور في الوقت وبالقيمة المتفق عليهما. الاتجار بالبشر ومن ضمن جهود المملكة "مكافحة الاتجار بالبشر"، حيث حظر نظام مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص في المملكة في العام 1430ه، الموافق 2009م، كافة صور وأشكال الإتجار بالأشخاص، بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة في الاستغلال، وحظر النظام الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال، وتضمن هذا النظام عقوبات مشددة بالسجن تصل إلى 15 عامًا، وغرامة تصل إلى مليون ريال، ومصادرة الأموال والأدوات التي استعملت في الجريمة، أو كانت معدة للاستعمال فيها، ويشمل التجريم الشخصيات المعنوية كالشركات، إذ تصل الغرامة إلى عشرة ملايين ريال، وتشدد العقوبات المنصوص عليها في هذا النظام في عدد من الحالات منها إذا ارتكبت ضد النساء وذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال. وعملت المملكة على تطوير التشريعات والآليات الأخرى التي تسهم في مكافحة الإتجار بالأشخاص فأصدرت عام 1426ه الموافق 2006م تشريعًا يحظر العمل الجبري، واحتجاز أجر العامل دون سند قضائي، مشددة على التعامل باحترام مع العامل، وعدم المساس بكرامته بأية صورة كانت، كما جاء إقرار إنشاء لجنة وطنية دائمة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، لتختص بمتابعة أوضاع الضحايا، وتتألف هذه اللجنة من ممثلين من وزارات "الداخلية والخارجية والعدل والعمل والتنمية الاجتماعية، والثقافة والإعلام، وهيئة حقوق الإنسان، وهيئة التحقيق والادعاء العام". تعزيز الحقوق وأولت المملكة دعم المبادرات الإقليمية والدولية لتعزيز حقوق الإنسان ومنها: "ضمان مساواة الحق في التعليم لكل فتاة" إذ تؤمن المملكة بحق كل فتاة في التعليم، أسوة بالرجل؛ الأمر الذي يمكنها من التغلب على العقبات التي قد تواجهها، ضمن التزاماتها الدولية وتحقيقها لاستراتيجيتها الوطنية. وتشارك دول العالم الاحتفاء باليوم العالمي لمحو الأمية الذي يصادف اليوم الثامن من سبتمبر كلَّ عام، ويحتفل من خلاله العالم بالإنجازات المتحققة في مجال محو الأمية، وحث المجتمعات على دعم جهود محو الأمية، ولم تعد برامج محو الأمية وتعليم الكبار في المملكة بهدف تقليص نسبة الأمية، بل تجاوزتها للقضاء على الأمية بشكل تام، إذ أصبحت أكثر جدية وازداد الوعي الاجتماعي بأهميتها، وتبنت الدولة نشر تلك الثقافة وأنَّها مسؤولية الجميع. ومن المبادرات الإقليمية والدولية لتعزيز حقوق الإنسان التي تدعمها المملكة "وضع حد للعنف الجنسي في حالات النزاع"، وتصنف المملكة الاعتداء الجنسي الذي قد تتعرض له المرأة أو الطفل في مناطق النزاعات من "جرائم الحرب" التي يجب أن يعاقب مرتكبوها وفقا للقوانين الدولية والتشريعات العالمية. والمملكة لم تدخر أي جهد للحد من أشكال العنف التي ترتكب ضد المرأة والطفل في تلك المواقع؛ متخذة القنوات الشرعية وسيلة للتعبير عن رفضها التام لتلك الممارسات الإجرامية، مشددة دومًا في المحافل الإقليمية والدولية على ضرورة تقديم من يفعلها إلى المحاكم الدولية كائنًا من كان، وقد انضمت المملكة لجهود المجتمع الدولي في هذا الصدد، حيث شاركت عام 1435ه الموافق 2014م في مؤتمر القمة العالمي لإنهاء العنف الجنسي في حالات النزاع، الذي عقد في لندن، ووقعت على الوثيقة التي طرحت في ذلك المؤتمر. مبادرات دولية وللمملكة في مجال "التعاون الإقليمي والدولي" جهود وإسهامات لدعم حقوق الإنسان وتعزيزها، وشملت المبادرات الإقليمية والدولية لتعزيز حقوق الإنسان التي تدعمها المملكة "دعم قيم التسامح والتعددية واحترام التنوع ومكافحة الإرهاب"، حيث تنبذ المملكة العنف بأشكاله وصوره كافة، سواء بين أتباع الدين الواحد أو الأديان المختلفة، ولم تكتف بذلك بل تسعى دائمًا في القضاء على التطرف والإرهاب الذي بات يهدد المنطقة، وامتدت آثاره للعديد من دول العالم شرقًا وغربًا، لا يفرِّق بين دين وآخر، أو لون وغيره. واتخذت المملكة العديد من الخطوات العملية في سبيل القضاء على هذا العنف وقوى الإرهاب المظلم ومن ذلك مبادرة الملك عبدالله -رحمه الله- للحوار بين أتباع الأديان والثقافات عام 1429ه الموافق 2008م، وافتتاح مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات بفيينا في شهر ذي الحجة 1433ه الموافق نوفمبر 2012م، بهدف تحقيق التفاهم والتعايش السلمي، وإشاعة الحوار والتسامح بين الشعوب، وقدَّمت المملكة تبرعًا بمبلغ 110 ملايين دولار، لدعم إنشاء وتفعيل المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، كما تبرعت بعشرة ملايين دولار لإنشاء مركز متخصص لمكافحة الإرهاب النووي. نظاما «حماية الطفل» و«الحماية من الإيذاء» خطوتان إيجابيتان لتأكيد حقوق الطفل وحمايتها وأكدت المملكة أنَّ المجتمع الدولي أصبح معنياً أكثر من أي وقت مضى بمعالجة ظاهرة العنف والتعصب الديني والعرقي وانتشار التطرف والكراهية بين الأمم والشعوب، من خلال عقد العديد من المؤتمرات العالمية ومنها "مؤتمر مكةالمكرمة" الذي أرسى قواعد الحوار ومجالاته، ومؤتمرا "مدريد" و"نيويورك" اللذان قيَّما التجارب السابقة لمسارات الحوار، و"مؤتمر جنيف" الذي ركّز على مفهوم القيم الإنسانية المشتركة بين الشعوب، وتُوِّجت هذه الجهود بافتتاح مركز الملك عبدالله العالمي للحوار في فيينا بتاريخ 16/12/1433ه الموافق 26/11/2012م. العمل الإغاثي وشملت جهود المملكة لدعم حقوق الإنسان وتعزيزها كذلك، إنشاء مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وهو مركز سعودي دولي مخصص للأعمال الإغاثية والإنسانية الدولية دشن في 24/7/1436ه الموافق 13/5/2015م، بتوجيه ورعاية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، ويعمل عبر مجموعة من البرامج المصممة وفق أحدث النماذج العالمية لكي يكون امتدادًا للدور الحيوي الذي تقوم به برامج الإغاثة والعون التي تقدمها المملكة للمجتمعات المنكوبة لمساعدتها ورفع معاناتها لتعيش حياة كريمة، بهدف توحيد العمل الإغاثي للمملكة في الخارج، والتنسيق بين مختلف الجهات ذات العلاقة بالأعمال الإغاثية "الحكومية وغير الحكومية" في المملكة. كما شملت توقيع مذكرة تفاهم للتعاون الفني بين المملكة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان تضمنت عدة أوجه أبرزها، قيام هيئة حقوق الإنسان في المملكة بتنفيذ برامج وأنشطة متخصصة بالتعاون مع المفوضية من أجل تعزيز القدرات الوطنية، ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وتنظيم برامج تدريبية للعاملين في القطاعات المختلفة ذات الصلة بحقوق الإنسان، وإعداد أدلة استرشادية لهذا الغرض.