صرح الرئيس باراك أوباما في خطاب تسلمه لجائزة نوبل للسلام عام 2009 بقوله «انني أؤمن بأن على الولاياتالمتحدة أن تظل أمثولة في سلوك الحرب». وبعد مرور سنة واحدة على هذا الخطاب كان هناك استخدام هائل للطائرات بدون طيار «الدرون» بحجة الحرب على الاٍرهاب وبدون مراعاة لطبيعة الهدف إن كان مدنياً أم عسكرياً ما يشكل انتهاكاً واضحاً لقواعد السلوك في الحرب. وفي دراسة أجريت في عدة مراكز متخصصة في التحليلات والصراعات، وبناء على بيانات عسكرية سرية، وجد أن استخدام طائرات «الدرون» في افغانستان تسببت بعدد أكبر من القتلى المدنيين من المقاتلات التي يقودها طيار. ومما يؤكد على عشوائية طائرات «الدرون» فقد وصفها ضباط «سي اي اي» في السفارة الأميركية في اسلام اباد «بصبية يحملون دمى». ان سلوك هذا النوع من الطائرات شديد الفتك، فعندما تطلق هذه الطائرات صاروخاً فهي لا تكتفي بذلك وإنما تعود لإطلاق أخرى خلفها فلا تترك المجال لأي عمليات إغاثية أو إسعافية للمصابين بل تقتل المسعفين أيضاً ومركباتهم، وبعد ذلك تنطلق قنبلة ثالثة لتبيد كل ماتبقى ولاتترك مجالاً حتى لمسيرة جنازة. ومِمَّا يثير القلق ازدياد الطلب العالمي على هذا النوع من الطائرات في السنوات الاخيرة بشكل ملحوظ، حيث ارتفع حجم الاستثمار في هذا القطاع من 6 مليارات دولار في عام 2013 الى 10 مليارات دولار في العام الحالي، وحسب احصائية بزنس انسايدر انتيليجينس من المتوقع ان يرتفع الطلب حتى يصل الى 12 مليار دولار أميركي بحلول العام 2021. من الناحية القانونية تشكل الطائرات بدون طيار خطراً أكبر من الأسلحة النووية، حيث أن هذه الأخيرة وُجد لتنظيم استخدامها اتفاقيات دولية وفرضت عقوبات على الانتهاكات الحاصلة عند استعمالها أو تصنيعها. أما الطائرات بدون طيار فلا يوجد لها تنظيم دولي موحد حتى الآن، والمقصود هنا هي الطائرات حاملات الصواريخ وليست الخاصة بالمراقبة والاستطلاع فقط. إن شرعية هجمات «الدرون» يدّعى بأنها مكتسبة من الضرورة العسكرية، متجاهلة بذلك المبادئ الأساسية الاخرى التي يفرضها القانون الدولي الانساني أثناء الحروب، مثل حظر الهجمات العشوائية وأيضاً وجوب ان يكون السلاح المستخدم موجهاً ضد هدف عسكري محدد والذي يتيح التمييز من خلاله بين المدنيين والعسكريين. إن انتهاك قوانين الحرب هو بحد ذاته جريمة حرب أيضاً. وعندما تستخدم الولاياتالمتحدة هذا النوع من القتل باستخدام الطائرات بدون طيار ضد المتهمين بالإرهاب يعد انتهاكا لمبادئ حقوق الانسان والتي تضمن للمتهم حقه في المحاكمة العادلة وتقديم الدفاع، فعند قيام هذه الطائرات باستهداف أشخاص لم تتم إدانتهم بجريمة ولم يكن موتهم ناجماً عن عملية دفاع مبرر عن النفس، فإن ذلك يعبتر قتلاً مستهدفاً غير قضائي وغير قانوني. وهذا ما تنص عليه مواد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. لقد كانت هناك بعض قرارات الجمعية العامة حاولت فيها وضع قيود لاستخدام الطائرات المسيرة عن بعد ضد الاشخاص الذين يشتبه بكونهم ارهابيين، ومن عام 2013 حتى الآن لا يوجد أي صدى لاتباع بنود هذه القرارات. وقد قام البرلمان الأوروبي بالتصويت في 2014 لدعم قرارٍ يطالب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بعدم ارتكاب أو مساعدة أي دولة تقوم بعمليات القتل المستهدف غير القضائي. لذلك لابد من توحيد الجهود الدولية فيما يخص تنظيم الاستخدام العسكري الهجومي للطائرات بدون طيار وضمان احترام قواعد القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان أثناء استخدامها في الحرب ضد الإرهاب او أي حربٍ كانت.