"مسافرين أوروبا" وعندما تسأل: متى مسافرين؟ ترد: والله ما نعرف على ما نلاقي حجز.. تسألها: مسافرين فين؟ ترد: حتى هذه ما نعرفها لانزال نبحث عن حجز لأي دولة بمعنى الحجز المتوفر لأي بلد سنذهب إليه.. تستمع وأنت خارج نطاق الاستغراب أو الدهشة.. لأن نصف المسافرين لدينا في الإجازة الصيفية هو هذه الصورة.. تبدأ الإجازة ومواعيدها معروفة سلفاً منذ سنوات ومع ذلك كتفكير أكثر من نصف السعوديين لايحجز أحد تذاكر للسفر قبل الموعد بشهور ولا يحدد وجهته، ولايعرف هل هو مسافر أم لا؟ ولكن كل الأسرة تقرر أنها مسافرة ولاتعرف لأي دولة.. ولا تعرف الموعد.. من يذهب إلى مطار الملك عبدالعزيز بجدة أو مطار الملك خالد بالرياض سيجد تكدسا هائلا للمسافرين بدون حجوزات في الصالات والباحثين عن هروب من الحر وضغط العمل والدراسة طوال العام.. يظلون في الصالة في انتظار أن يترك أحدهم مقعده أو يلغي حجزه لأي ظرف ومن ثم يأخذ مكانه.. وإذا لم يتوفر ذلك الخيار لرحلة اليوم تعود الأسرة أدراجها إلى المنزل لتبقى ساعات ثم تعود مرة أخرى إلى المطار في انتظار الحصول على رحلة.. الطريف أنّ إحدى معارفي سألتها إلى أين ستسافرون؟ قالت: أي بلد المهم نركب الطيارة ونهرب.. طيب البلد حارة والا باردة.. قالت: لا تعقديها من أربعة أيام ونحن نتردد على المطار ولم نجد حجزا على اي طيارة.. لدرجة أننا فكرنا أن ننقسم، جزء يذهب في رحلة، والجزء الثاني يلحق به بعد ذلك بيوم او يومين المهم نغادر..! في هذه الايام التي تزدحم فيها المطارات بالمنتظرين لأي رحلة تفرغ لاتسأل باحث عن مقعد في الطيارة عن ماذا سيفعل عندما يصل إلى وجهته دون وجود حجوزات فنادق.. لأنه سيجيب إن هذا هو آخر ما يفكر فيه.. وسيقول لك الفنادق على قفا من يشيل في أي بلد، المهم نركب الطائرة وبعدين إن شاء الله ننام على الرصيف بس نلحق بالإجازة.. أعرف عائلة ظلوا لأربعة أيام يذهبون إلى المطار يومياً ويظلون لساعات بحثاً عن رحلة ليست محددة.. لأوروبا وفي النهاية ضربهم الملل وقرروا الذهاب إلى أقرب دولة عربية.. بعد أن كانت تقول إن كل الرحلات فاضية بسبب الإرهاب الذي يضرب في كل مكان ولكن على أرض الواقع كل الرحلات ممتلئة حتى للدول التي ضربها الإرهاب.. فالحكمة كما تقول قريبتي هي أن الإرهاب لا يعاود الضرب في نفس المكان وبعدين العمر واحد.. والسعوديون في كل إجازة ينتشرون في كل انحاء العالم ويتناثرون في كل القارات وكأنهم مهجرون من وطنهم.. ولم يعد السفر حكراً على المقتدرين بل أصبحت كل الفئات تسافر في الإجازات وأولها أصحاب مقولة "الراتب لا يكفي" ستجدهم أول المغادرين وبعدها كما يردد الكثير لامشكلة نسافر ونعود ونفكر في مصاريف المدارس.. والبعض يأخذ قروضاً استهلاكية من أجل السفر الصيفي ويسدد طوال العام بعد أن انتهت الرحلة بمعنى "شوفونا سافرنا" وما فيه أحد أحسن من أحد..! هي مشكلة السفر تتكرر كل عام وتبدأ معها مرحلة الوساطة وستجد كل قريب لم يكلمك من سنوات واكتشف أن لك أخا أو ابنا يعمل في الخطوط يتصل ويسلم ويطلبك حجز مقاعد وكأن هذا الموظف يستطيع أن ينسف من حجزوا باكراً ويضع بدلاً منهم ركابا جددا لأنهم أقاربه من بعيد.. في المطار تجد البعض قد تحول إلى متسولي مقاعد!.. لماذا تحضرهم ولا يوجد لديك حجز.. لماذا لا يحجز الناس مبكراً وقبل أشهر وهم يعرفون المواعيد؟ لماذا لانتغير ونحجز مبكراً بعد أن نحدد مواعيد السفر والعودة وبأسعار أرخص كثيراً من الأسعار التي نأخذها على عجل والتي تكون مرتفعة؟ الكل مسافر ولكن بدون حجوزات وبدون تنظيم أو ترتيب و50٪ من المسافرين يسافرون من أجل الأقارب والأصدقاء وشوفونا سافرنا وفي دول تزدحم بالسعوديين ولا تغيير سوى نلتقي بمن نعرفهم ونتجول معهم.. وهو مايتنافى مع مفهوم السفر والذي وجهه الحقيقي التغيير للمكان والوجوه والسلوكيات الخاطئة التي تعود الناس عليها وتعلم سلوكيات جديدة ومفيدة.. وليس السفر لأماكن لاتختلف عن أماكننا وجدول يشمل التسوق والمولات والهجولة في الحدائق والأماكن التي يتردد عليها السعوديون..! يسافرون ولكن ماذا يجلبون معهم من خبرة وتغيير ومفهوم؟ سؤال عريض إجابته مفتوحة.. وستظل رغم كثرة المسافرين وازدياد أعدادهم..! najwahashem@live. com