تقول المعلومات إن المحاكم في العام الماضي أصدرت 40 ألف صك طلاق، وهذا يعني أننا أمام معدل لأكثر من مئة صك طلاق يصدر يومياً، ومع هذا الرقم يمكن القول بأن مؤسسة الزواج في المملكة تتعرض لتهديد حقيقي لا يمكن التقليل منه أو الانصراف عنه دون تشخيص السبب ووصف العلاج. في الماضي البعيد وبالرغم من تواضع الحياة الاجتماعية وتدني مستوى المعيشة والتعليم، كان الزواج كمفهوم يحظى بقدسية كبيرة، وكانت مجرد فكرة الطلاق كارثية، لأن ذلك المجتمع كان يعي ما يترتب على تلك الكلمة وعواقبها، أما اليوم ومع انفتاح المجمتع وارتفاع مستوى المعيشة والرفاهية ونسبة التعليم والثقافة تدنت قداسة تلك المؤسسة وأصبح الطلاق عبر رسائل الجوال و"الواتس آب" والبريد الاليكتروني! وقوع الطلاق أمرٌ وارد وشرعي وفرصة للطرفين لبداية حياة جديدة، لكن أن يتحول هذا الأمر إلى رقم ضخم، فإننا أمام مشكلة سيترتب عليها عواقب اجتماعية واقتصادية تطال المجمتع والحكومة، فارتفاع العنوسة والمشاكل التي تلحق بالأطفال جراء الطلاق، والخسائر المالية والنفسية المترتبة على انهيار الزواج، تلقي بظلالها على العائلات وتشكل ضغوطاً على المجتمع بفقدان مؤسسة الزواج لقيمتها الاجتماعية، وهذا إشكال ثقافي عميق، إضافة إلى استمرار مشاكل ما بعد الطلاق إن كان من حضانة للأطفال أو نفقة أو غيرها وصولاً إلى استحقاق الضمان الاجتماعي للمطلقة، كلها أحمال يضعها الطلاق على المجتمع والحكومة، وكان بالإمكان تفاديها أو التقليل منها عبر الوقوف على مسببات هذا الفعل المكروه. إن تأهيل الراغبين في الزواج بات أمراً ضرورياً من أجل الحفاظ على المكونات الاجتماعية لمجتمعنا، وإيقاف الهدر في اقتصادنا، وذلك بربط عقد القران بحضور دورات تؤهل تتعاون في تنظيمها وزارتا العدل والعمل والتنمية الاجتماعية، ويمكن إقامته في الجامعات والكليات والمدارس، وهو أمرٌ لا يقل أهمية عن الفحص الطبي قبل الزواج، فحضور تلك الدورات تأهيل اجتماعي ونفسي لأهم مرحلة لا يملك فيها الشاب والشابة أي مؤهلات لخوض غمارها.. لقد تبنت ماليزيا (عدد سكانها حوالي 30 مليوناً) مشروع "رخصة الزواج" فبعد أن كان معدل الطلاق في هذا البلد 30% وهو قريب من المعدلات التي نحن بصددها اليوم في المملكة تدنت نسبة الطلاق إلى 8% بعد عشرة أعوام من تنفيذ هذا المشروع الذي سيهم تطبيقه في المملكة في الحد من معاناة التفكك الأسري.