الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات دعت لإيقاف روسيا عن جميع الفعاليات الرياضية الدولية بما فيها الألعاب الأولمبية المقررة في "ريو دي جانيرو" الشهر المقبل، وهذا يعني وضعها في خانة العقوبات، لكن هذه المرة "رياضياً"، الأمر الذي من شأنه أن يشكل ضربة قاصمة لموسكو التي ترى في هذا المحفل حضوراً يمثل امتداداً لتأثيرها السياسي ووجاهة لها على المستوى الدولي، وهي التي شاركت في الأولمبياد الأول في عام 1900 بباريس، لذا جاء التفاعل مع هذه القضية عبر الكرملين الذي يمثل قيادة الدولة الروسية. ويبدو أن شرر الصراع في علاقة روسيا بالغرب والذي في العادة نراه ينعكس سياسياً واقتصادياً يأبى إلا أن يطال الرياضة، فحرمان موسكو من القدوم إلى الأولمبياد إهانة يلحقها سوء سمعة قد تطارد الرياضة الروسية ردحاً من الزمن، وقد تُمنع موسكو من تنظيم أي تظاهرة رياضية في المستقبل، وهي التي تعول على هذا القطاع بوصفه منعشاً لاقتصادها المنهك ومعززاً لمكانتها ضمن الدول النخبة التي حظيت بالثقة الدولية، ولعل التجاذب الذي نحن بصدده اليوم بين روسيا واللجنة الأولمبية الدولية سيربك استعدادات موسكو لاستضافة كأس العالم المقبلة في 2018، والتي يتهامس المحققون في فضيحة "الفيفا" المدوية عن عمليات فساد وغسيل أموال كانت وراء ترشيح روسيا لأهم مناسبة كروية عالمية. ولا تخفي موسكو انزعاجها من تلك الخطوات المتخذة بحقها، وتراها تصب في خانة السياسة أكثر من كونها أمراً يتعلق بالرياضة، فالعقوبات في هذا المجال معناها أن تأثيراً اقتصادياً سيلحق بالبلاد يشمل ذلك مجالات النقل التلفزيوني والمرتبط في العادة بعقود إعلانية مليونية، كما أن العقوبات وفرضها على رياضة أي دولة تقلل من المكانة السياسية لتلك البلاد وقيادتها في نظر مواطنيها أكثر من نظرة الخارج. وللرياضة تاريخ طويل مع مماحكات السياسة فلطالما نقل الزعماء السياسيون صراعاتهم إلى فضاءات مختلفة لتصفية الحسابات العالقة، وتعد الرياضة أكثر تلك الفضاءات تفضيلاً وأكثرها إغراءً بما توفره من زخم كبير وشعبية عالية ومتابعة إعلامية وأداة ضغط فعالة في الوقت نفسه، ويرى الكثير من السياسيين والدول أن تسجيل نقاط في هذا الملعب أكثر تأثيراً وأهمية من تسجيلها في مجالات لا تحظى بذات الاهتمام، وأمام هذا التجاذبات "اللارياضية" يبدو أن الروس البارعين في الجمباز مطالبون بالمصارعة للتغلب على خصومهم في لعبة تفتقد القوانين.