وافق مجلس الوزراء مؤخراً على بعض الضوابط الخاصة في إشكاليات المستحقات الإيجارية لمن هرب أو عجز عن سدادها، وذلك بناءً على توصية مجلس الشورى. وقد تضمن قرار مجلس الوزراء إلزام الوسطاء العقاريين بتسجيل عقود إيجار الوحدات السكنية بنظام الخدمات الإلكتروني الخاصة به ومعاقبة من لا يقوم بذلك مع تكوين لجنة بكل منطقة مختصة بالنظر في حالات المستأجرين السعوديين غير القادرين عن دفع تلك المستحقات الإيجارية وتنفيذ برامج دعم مناسبة لهم. ولعل هذا القرار يضاف الى العديد من الإجراءات التي تتخذها الحكومة لمساعدة ذوي الدخل المحدود. وهي خطوة إيجابية لإيجاد الأرضية القانونية والإجرائية الصلبة والمطلوبة للمساهمة في حل الكم الهائل من العقبات المتعلقة بالعلاقة الإيجارية بالمملكة التي لا تزال تحتاج لنظام قانوني وإجرائي "نظام الإيجار العقاري". فمن الأهمية أن يتم ربط هذه الشبكة الإلكترونية الخاصة بعقود الإيجار بصفة عامة سواء كانت تلك الوحدات سكنية أو تجارية مع النظام الخاص بشركة المعلومات الائتمانية السعودية "سمة" وبحيث يتم تدريجياً اتخاذ الإجراءات المناسبة لحث المستأجرين المتخلفين على تسديد الإيجارات المستحقة السداد. ويمكن استعمال هذا السجل الائتماني للمستأجر مستقبلاً للتحقق من مدى انتظام وجدية المستأجر سابقاً في تسديد المستحقات الإيجارية للوحدات العقارية التي قام باستئجارها وذلك مقابل رسوم بسيطة. من الضروري أن يتم إجبار جميع أطراف العلاقة الإيجارية بضرورة التحويل البنكي للقيمة الإيجارية عن طرق استقطاعات بنكية مباشرة شهرية أو نص سنوية أو سنوية على أن يتم تسجيل جميع البيانات البنكية في عقود الإيجار المدخلة بالنظام الإلكتروني على أن يتم إلغاء تلك الاستقطاعات البنكية من قبل البنك بموافقة الطرفين إما لانتهاء العلاقة التعاقدية أو بسبب يعود الى فسخ عقد الإيجار. كما على شركة الكهرباء التفريق بين ملكية عداد الكهرباء للوحدة العقارية وبين متلقي خدمة التيار الكهربائي حيث إن ملكية العداد لمالك العقار إلا أن متلقي الخدمة هو المستأجر ويجب أن تصدر الفاتورة باسمه كمتلقٍ للخدمة بحيث يتحمل مسؤوليتها في حاله عدم السداد. وحتى لو أخلّ المستأجر للوحدة العقارية أو عجز عن سداد تلك المستحقات الخاصة باستهلاك الكهرباء، فيصبح فقط هو المسؤول عن تلك الاستحقاقات ويستمر التيار الكهربائي كما هو في الوحدة العقارية عن طريق تغير متلقي الخدمة الى مستأجر جديد أو يبقى متلقي الخدمة مالك العقار في حال عدم تأجيرها لمستأجر آخر. ويجب أن يتم تسجيل بيانات المستأجر كمتلقٍ للخدمة قبل انتقاله للوحدة العقارية المستأجرة، مقابل رسوم بسيطة تتقاضاها شركة الكهرباء لذلك الإجراء. لكن السؤال الذي يثار هنا، ما الحل في حالة احتاجت الوحدة العقارية إلى الصيانة بعد إخلائها من قبل المستأجر؟ بداية، نرى أن المحاكم متكدسة بكميات كبيرة من هذه النوعية من القضايا، وهي قضايا صغيرة يمكن حلها خارج نطاق المحاكم مع حفظ حقوق جميع الأطراف عن طريق إيجاد بعض الحلول القانونية والإجرائية المناسبة. فمن الضروري بداية أن يتم استقطاع مبلغ معين متفق عليه بين طرفي العقد يكون ضماناً للتأكد من مدى احتياج الوحدة العقارية لأي صيانة بعد إخلائها. ولكن على المشرع التدخل في إصدار الأنظمة القانونية المناسبة من أجل حصر تلك المبالغ الضامنة، بحيث ألا تتجاوز سقفاً معيناً وفقاً لمواصفات الوحدة السكنية وعدد الغرف وإن كانت الوحدة العقارية سكنية أم تجارية. وقبل تسليم الوحدة العقارية للمستأجر، يجب على الوسيط العقاري تصوير الوحدة العقارية لتوضيح حالتها كاملة ويقوم جميع الأطراف بالتوقيع عليها بمن فيهم الوسيط العقاري مع إدخاله الى النظام الإلكتروني للوحدات العقارية. كذلك قبل إخلاء الوحدة العقارية، لابد على الوسيط العقاري إثبات الحالة التي تم تسليم الوحدة العقارية عليها بالتصوير والتوقيع عليها من قبل جميع الإطراف بمن فيهم الوسيط وإدخالها أيضاً في نظام التسجيل الإلكتروني. ويكون بذلك قد تم إثبات الحالة التي كانت عليها الوحدة العقارية قبل تسليمها للمستأجر وبعد استلامها منه بعد انتهاء العلاقة الإيجارية. ويتم خصم المبالغ المستحقة لصيانة الوحدة العقارية بناء على الصور والحالة التي عليها تلك الوحدة من المبالغ التي تم دفعها ابتداءً كضمان لصالح المؤجر في بداية العقد وفقاً لآليه معينة محددة نظاماً. ولكن ماذا إن تم الاختلاف بين أطراف عقد الإيجار على عمليات الصيانة المطلوبة وتكاليفها؟ لحل هذه الإشكالية، فلابد من إنشاء "شركة وساطة عقارية ومالية في نفس الوقت" يكون غرضها الرئيسي إلزام إيداع المبالغ المالية الخاصة بالضمان في عقود الإيجارات للوحدات السكنية على مستوى المملكة، وتكون مهمتها الرئيسية هو الفصل بالتحكيم المنصوص عليه ابتداءً في عقد الإيجار على أي خلاف ينشأ بين أطراف العلاقة الإيجارية والمتعلقة بالصيانة بعد انتهاء تلك العلاقة عن طريق فريق قانوني وفني متخصص لدى هذه الشركة، وعلى أن تقدم هذه الخدمة مجاناً أو مقابل رسوم تشغيلية بسيطة جداً لتخفيف كميات القضايا المرفوعة أمام القضاء بهذا الشأن وحلها بسرعة وفعالية أكبر. إلا أن الدخل الأكبر لتلك الشركة سوف يكون من فوائد تشغيل تلك الإيداعات المالية الموجودة بحوزتها والتي تقوم باستلامها من أطراف عقد الإيجار. ويمكن الاستفادة عن طريق تشغيل تلك الأموال في بعض عمليات المضاربات المالية أو الإقراض أو الاستثمار نظراً لعلم الشركة بأن تلك المبالغ ستكون موجودة لديها لفترات معينة لارتباطها بمدد العقود. وبالتالي، سوف تساعد هذه الشركة على حل بعض الإشكاليات المتعلقة بعقود الإيجار، وكذلك المساهمة في الحراك الاقتصادي عن طريق استثمار تلك الأموال محلياً والمساعدة في خلق العديد من الوظائف السنوية لأبناء الوطن. من المعلوم عالمياً أن ريع العقارات يعتبر من الاستثمارات الكبيرة والهامة للعديد من المستثمرين. وكلما كانت تلك الاستثمارات منظمة ومستقرة بشكل أكبر كان لها فعالية أعلى على العملية الاقتصادية داخل الدولة وأدت الى المزيد من الاستثمارات الذي يحقق الكثير من الأهداف ومنها تنويع مصادر الدخل للدولة وخلق فرص عمل مناسبة سنوياً. * أكاديمي مستشار قانوني