بعد تسعة أشهر على عملية باريس الإرهابية والتي راح ضحيتها 130 قتيلا، ضرب الإرهاب فرنسا مرة أخرى وهذه المرة مدينة نيس إحدى أكثر المقاصد السياحية المهمة، فقد اجتاح سائق شاحنة جموعاً من المدنيين بينهم أطفال تجمهروا في "حديقة الإنجليز" ليحتفلوا باليوم الوطني الفرنسي، ليخلف هذا الاعتداء (85) قتيلاً، والعدد مرشح للارتفاع فهناك حوالي مئة مصاب بعضهم في حال حرجة. وجاءت عملية نيس بعد أن نجحت سلطات الأمن الفرنسية في تأمين بطولة أمم أوروبا التي كان يخشى استهدافها من قبل الإرهابيين، إلا أن ذلك لم يحدث، ليصحوا الفرنسيين صبيحة يوم الجمعة على مجزرة مروعة، وكشفت المعلومات المقدمة حتى الآن بأن سائق الشاحنة تونسي في الثلاثين من عمره ويمتلك سجلاً جنائياً -أكثر المنضمين لداعش في سورية هم من التوانسة-، لكن الحادثة الإرهابية التي أدينت من الجميع تأتي في لحظة حرجة يُواجه فيها الإرهاب ويُستهدف حيث يبث سمومه من سورية والعراق وحيث تنشط الجماعات المتطرفة والميليشيات التي تعيد إنتاج الإرهاب عبر ممارستها الطائفية. الأسبوعان الماضيان هما أكثر الأسابيع دموية على مستوى العالم بدءاً من عملية إسطنبولوجدة والمدينة المنورة والقطيف والكرادة ودكا والكويت والآن نيس، ولا نعلم غداً من سيستهدف الإرهاب، فالعالم قد أهمل وتراخى في معالجة بؤرة النار والإرهاب في سورية، ولم يتوقع أن يخرج منها ما يواجهه اليوم من دموية بشعة عمياء تستهدف الإنسانية في كل مكان، لكن لماذا تبدو فرنسا الوحيدة في أوروبا التي يستهدفها الإرهابيون دون غيرها بشكل مركز بدءاً من هجوم على "شارلي ايبدو" ثم عملية باريس ونيس؟ إن فرنسا من أكثر الدولة الأوروبية التزاماً وإصراراً في مواجهة الإرهاب لاسيما في أفريقيا والشمال الأفريقي حيث أكثر البؤر التهاباً في ليبيا التي تتواجد فيها قوات فرنسية خاصة الهدف منها تدمير حاضنة "داعش" هناك، وذلك حسب تقرير نشرته "اللموند" الفرنسية، كما أن باريس منهمكة في ضرب جماعة "بوكوحرام" التي تنشط في نيجيريا، وقد استهدفتها فرنسا أكثر من مرة، يضاف إلى ذلك قيامها بعمليات في داخل العراق أيضاً، تلك الدلائل تعطينا إجابة واضحة عن سبب استهداف فرنسا التي عاشت عاماً عصيباً.