قطعت أكاديمية الأوسكار مؤخراً الطريق على كثير من الاعتراضات الموجهة لها بخطوة قد تغير خارطة الجوائز في السنوات المقبلة. وكانت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة المانحة لجائزة الأوسكار قد تعرضت إلى حملة مناهضة كبيرة في عام 2014 تحت اسم "Oscars So White" أو "أوسكار أبيض جداً" إشارة إلى قلة الترشيحات والجوائز الممنوحة لفنانين سود في مختلف الفئات، وقد ازدادت الحملة شراسة السنة الماضية حيث قاطع بعض النجوم حفل الأوسكار لخلو الترشيحات في الفئات الرئيسية من أي فنانين سود. والحقيقة أن غالبية أعضاء الأكاديمية، والذين يقومون بالتصويت للجوائز، هم من الذكور وكبار السن والبيض، ولذا فقد ازداد التذمر في السنوات الأخيرة من عدم وجود عدد كاف من الشباب والنساء وعدم وجود تنوع عرقي كاف يسمح بإعطاء فرص متساوية للمنافسة على الجائزة الحلم. وكانت المديرة التنفيذية للأكاديمية دون هدسون والرئيسة شيريل بون إيزاك قد تعهدتا بأن تعملا على أن يكون أعضاء الأكاديمية أكثر تنوعاً منذ توليهما مناصبهما، لكنهما أعربتا أكثر من مرة عن أنهما تفتقران للوسائل التي تعين على إحداث هذا التغيير بوتيرة سريعة، وكانت البداية بأن بدأت الأكاديمية بتوجيه دعوة العضوية للفئات المستهدفة للتمثيل بشكل أكبر أي النساء والشباب والمنتمين للأقليات. ولكن هذه السنة قامت بعمل غير مسبوق حيث ضاعفت عدد الدعوات إلى 683 دعوة بدلاً من 322 العام الماضي، وكان من بين المدعوين الجدد 46 ٪ نساء، وفي حالة قبول جميع المدعوات للعضوية فسيمثل النساء نسبة 27 ٪ من الأعضاء بدلاً من 25 ٪، في حين مثلت نسبة عدد المنتمين للأقليات الذين تم توجيه الدعوة لهم 41 ٪، وفي حال قبول الجميع للدعوة فستزيد نسبة المنتمين إلى الأقليات من 8 ٪ إلى 11 ٪، وتقل بذلك نسبة الذكور من 75 ٪ إلى 73 ٪ كما ستقل نسبة البيض من 92 % إلى 89 ٪. وقد شملت قائمة المدعوين 28 من الفائزين بالأوسكار و98 من المرشحين، كما شملت القائمة 283 فناناً وفنانة من 59 دولة، فمن الفائزين تشمل القائمة الممثلة بري لارسن الفائزة بأوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "Room" وإليشيا فيكاندر الفائزة بجائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة في فيلم "The Danish Girl" ومارك رايلانس الفائز بأفضل ممثل مساعد عن فيلم "Bridge of Spies" والمنتج مايكل شوغار عن فيلم "Spotlight" والمخرج المجري لازلو نيميس الذي فاز فيلمه "Son Of Saul" بأوسكار أفضل فيلم أجنبي، والمخرج آدم ماكاي وتشارلز راندولوف الفائزين بأوسكار أفضل سيناريو عن فيلم "The Big Short". كما شملت قائمة المدعوين بعض الفنانين الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى الترشيحات النهائية للأوسكار وكانت بعضهم سبباً في شن الحملة لعدم تساوي الفرص، مثل الممثل إدريس ألبا والذي رأى الكثيرون أنه كان يستحق ترشيحاً عن دوره الرائع في فيلم "The Beasts of No Nation" وكذلك مخرج الفيلم كاري فوكوناجا، وكذلك الممثل مايكل بي جوردان بطل فيلم "Creed"، والمخرج والممثل نيت باركر الذي أخرج ومثل في فيلم "The Birth of a Nation" والذي حاز على جائزة لجنة التحكيم وجائزة الجمهور في مهرجان صندانس لهذا العام. أما الدعوات الدولية فتشمل عربياً المخرجة السعودية هيفاء المنصور والمخرج الفلسطيني باسل خليل مخرج فيلم "السلام عليك يا مريم" الذي رشح لأوسكار أفضل فيلم قصير عدا عن فوزه بجوائز عديدة، والمخرج الأردني ناجي أبو نوار مخرج فيلم "ذيب"، وكذلك المخرج التونسي الفرنسي عبداللطيف كشيش، وتشمل عالمياً المخرج التركي نوري بيلجي جيلان، والمخرجة اليابانية نعومي كاواسي والمخرج البريطاني كين لوتش والروماني كريستيان مونيجيو والمخرج الكندي الشاب كزافييه دولان والفرنسية نيكول جارسيا والمخرج التايواني الكبير هيو هسياو هسيان والمخرجة الهندية الكندية ديبا ميهتا. لا شك أن الأسماء لافتة وقد تشكل فارقاً واختلافاً في الاختيارات في بعض الفئات، وربما تقلب خارطة الجوائز، وستجعل التنبؤ بأسماء الفائزين أصعب، والمؤكد أن دعوات من هذا النوع إن استمرت فستقلل من شأن الحملات التي تقوم بها الأستوديوهات الكبرى داخل الولاياتالمتحدة للترويج لأفلام معينة، وستجعل خيارات الترشيح والفوز فنية أكثر منها جماهيرية، وهي خطوة تحسب للقائمين على الأكاديمية بكل تأكيد وفي صالح الفن أولاً وأخيراً. نوري جيلان