الفريق م. عبدالعزيز محمد هنيدي أقبل عيد الفطر مزهواً بألوانه وأنواره وروائحه الزكية وأناشيده وأغانيه الشجية "ومن العايدين ومن الفايزين"، "ياليلة العيد أنستينا وجددتي الأمل فينا"، حتى دبت الأفراح في الديار وأقبلت الليالي الملاح وشكر المسلمون الله تعالى وحمدوه على ما هداهم لقيام رمضان وصيامه وما أنفقوا عن طيب نفس من الزكاة والصدقات، وترى الأعلام وقد نصبت وألعاب العيد وزينته قد استوت على سوقها، وقد أزلفت الرقصات الشعبية، وأخذ الناس زرافات زرافات يتزاورون بعد أن شهدوا صلاة العيد وهم بملابس العيد القشيبة وما أجملها وخاصة على الأطفال. وزُينت المنازل وقدمت الحلوى وأطايب المقبلات وتبودلت التهاني والرسائل واهتم المعايدون بالاتصال وزيارة أقاربهم وأرحامهم وَوَصْل ما أمرهم الله بوصله، وحتى المرضى يجدون من يواسيهم ويدعوا لهم، وتُطلق الدولة ما أمكن من السجناء فتُعمر القلوب بالمحبة والسرور وتتلاشى الشحناء والكراهية ويتسامح الناس مما علق بهم من الشنئان فتعود المياه إلى مجاريها. نجد أن الإسلام قد حرص على أن يعقب كل شعيرة فيها مجهود بعيد مبارك مثلما حصل في الصيام والحج حتى أن يوم الجمعة في كل أسبوع يعتبر عيداً بعد انقضاء ستة أيام من العبادة والأعمال الصالحة حتى يشكر عباد الله ربهم ويفرحوا ويسعدوا بذلك ويتسامحون، وقد ضرب السلف الصالح أروع الأمثلة في إحياء الأعياد التي هي من شعائر الله وآياته بل إن الإسلام حث النساء بحضور صلاة العيد ولم يجد عذراً لمن عليها العادة الشهرية أن تحضر لكن تعتزل المصلين، كما حث المصلين في العيد أن يتخذوا طريقاً آخر عند عودتهم لمنازلهم من الصلاة حتى يتصل الناس بأكثر عدد منهم فيحسوا بالعيد، كما أن كثيراً من الأمم والشعوب لها أعيادها وأيامها التي تقدسها وتظهر الفرح والسرور وتلين القلوب وتوجد الفرحة والتسامح والمحبة، لكن يظل الإسلام متميزاً بأعياده التي يُشكر فيها الله ويحمده على نعمه ويجدون البيئة للفرح والسعادة والتسامح والتعارف ولا يقدمون لعمل يغضب الله. وكان أئمة المساجد وخطبائه يستغلون صلاة العيد ليبشروا المسلمين بالفتوحات التي زادت من نشر الإسلام في ربوع المعمورة، لكن المؤسف في عصرنا الحاضر أن هناك من المسلمين من لا يحرص على العيد والاهتمام بشعائر الله متذرعاً بأن الأعياد فقدت رونقها وأصبحت باردة لا طعم فيها وأن العيد هرب من المدن إلى القرى والهجر!. وأننا كيف نفرح ونعيد ولنا أخوة يعانون من ويلات الحروب ويتعرضون للقتل والتشرد والاعتقال!. حتى أذكر أن أحد أصدقائي من الأخوة الفلسطينيين ونحن نتحدث عن أهمية العيد فقال لي: إن عيدنا عودتنا! كما لمست أن الإنسان إذا كان حريصاً على معايدة كبار معارفه في صباح اليوم الأول من العيد فعندما يطرق الباب لا يجد من يرد عليه لاستغراقهم في النوم فإذا عاد إليهم عصراً علم أنهم قد ذهبوا لإحدى المزارع أو المتنزهات. إن الواجب على الأخوة الذين وقعوا في تجاهل أيام الله وشعائره بسبب ضعف إيمانهم وقنوطهم أن يحيوا عيدهم ويفرحوا ويحمدوا الله ويثنوا عليه، فلا يجب أن نندب حظنا ونبكي على ما أصابنا فإن الله تعالى لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.