دار الملاحظة بالطائف هي احدى الدور الاجتماعية في بلادنا التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والتي تعنى بتهذيب واصلاح ورعاية الاحداث من سن 13 حتى 18 سنة ممن قدرت عليهم المقادير ارتكابم جرائم اياً كانت بداءً من الجرائم الصغيرة والعادية وحتى جرائم القتل.. وهذه الدار التي تقع شمال مدينة الطائف قد لايعرفها الا القليل ولايعرف ما تقدمه الا القليل ممن قدر على احد ابنائهم ارتكاب اي جريمة. وقد زادت اهمية الدار مؤخراً مع تطبيق الاجراءات للانظمة الجزائية الجديدة التي تمنع ايقاف اي شخص باقسام الشرطة فكان ذلك عبئاً جديداً تحملته الدار رغم انه لم يضاف اليها امكانات او خدمات تمكنها من استقبال الاعداد المتزايدة وبصفة شبه يومية من الاحداث المرتكبين جرائم اياً كانت تلك الجرائم. «الرياض» والتي قامت بجولة ميدانية بدار الملاحظة بالطائف لتسليط الضوء على ما يقدم من خدمات لنزلاء الدار الذين هم من سن الشباب. والاهم من ذلك انهم في مرحلة المراهقة فكانت رعايتهم ومتابعتهم تحتاج الى قدرات كبيرة وقلوب رحيمة وجهود مكثفة. ذلك ما لمسناه من مدير دار الملاحظة بالطائف الاستاذ محمد بن معيض الجعيد وزملائه العاملين من اخصائيين اجتماعيين ومعلمين وموجهين ومدربين ورجال أمن وقضاة وغيرهم من الفئات العاملة في هذه الدار. ويبدأ استقبال النزيل من الاخصائي الاجتماعي ثم قسم التحقيقات والمتابعة ثم يحال الى القاضي لاصدار الحكم الشرعي ومن ثم ينضم الى سابقيه بهذه الدار من زملائه الاحداث. وعند دخوله سجن الاحداث بهذه الدار فهو اشبه ما يكون داخلاً مركزاً تعليمياً ورياضياً وترفيهياً فلا يوجد بالداخل ما يوحي ان هذا سجن فهو عبارة عن اماكن منظمة ونظيفة فقد اعدت المضاجع بطريقة واسعة ومكشوفة بحيث توضع كل مجموعة متجانسة بمكان مستقل وبهذا العنبر الطويل مقر للمشرف على السكن يمكنه مشاهدة الجميع من موقعه المخصص.. وهكذا. وهناك فصول دراسية لمختلف المراحل حيث يتلقى النزيل تعليمه في مراحل التعليم العام وهم جميعاً في هذه المراحل عبر فصول دراسية منظمة ومهيأة بكامل احتياجات الفصول الدراسية ويوجد مركز رياضي يشتمل على كل انواع الألعاب الرياضية ومعداتها يزاول فيه النزلاء نشاطهم الرياضي بصفة يومية، كما توجد مكتبة ومركز ترفيهي لمزاولة الانشطة الاخرى من مسابقات وألعاب مسلية وغيرها كل ذلك يتم باشراف تربوي من قبل المعلمين والاخصائيين والمدربين بهذه الدار. ويتوفر بهذا السجن الاصلاحي صالة كبيرة للطعام تتسع لأكثر من مائة شخص وفيها مطعم، باشراف طبي متخصص لتقديم الوجبات الغذائية للنزلاء تحت اشراف طبيب للتغذية والصحة. وقد هيئت بهذا المركز غرف خاصة للزيارة بحيث يمكن للنزيل الاجتماع بأسرته داخل هذه الغرف التي روعيت فيها الخصوصية ويمكن للنزيل تناول الوجبات مع كامل اسرته داخل هذه الغرف ولا سيما وجبة الافطار في رمضان او ايام كفارة القتل، حيث يتم حث النزيل من الاحداث في جريمة قتل بتنفيذ كفارة القتل وهي صيام شهرين متتابعين تحت اشراف العاملين بالدار ورعايتهم وذلك في بداية دخوله الى الدار حتى تكون بداية لتهذيب سلوكه وقد نجحت هذه الفكرة والطريقة مع احداث جرائم القتل وتمكن بعضهم من حفظ كتاب الله او اجزاء منه والاستقامة التامة. ومن اجل الرعاية الصحية للنزلاء فهناك عيادة طبية داخل سجن الاحداث فيها طبيب وممرض لمتابعة الحالات الصحية وتحويل من يحتاج منهم الى عناية طبية اكبر الى المستشفيات الاخرى بمدينة الطائف. (26 حالة) وفي نهاية جولة «الرياض» التقينا بمدير دار الملاحظة بالطائف الاستاذ محمد الجعيد والذي اكد ان العمل في هذه الدار اجره عظيم فالعاملون يحتسبون الاجر والمثوبة من الله نظير عملهم لخدمة هذه الفئة التي شاءت قدرة الله عليهم بالانزلاق في جرائم وهي في مقتبل العمر قد تكون جرائمهم وراءها العنف الأسري اوتشتت الأسرة وانفصال الابوين ورفقاء السوء في حالة عدم المراقبة والمتابعة لتصرفاتهم وخاصة وهم من سن بداية المراهقة. واكد في حديثه ل«الرياض» ان جميع العاملين يهدفون اولاً الى تحسين سلوك النزيل وتقويمه ونصحه وارشاده وهم في هذا السن اكثر استجابة ولله الحمد لذلك فلم نجد صعوبة في تهذيب سلوكهم بل نجد سرعة استجابة وخاصة ممن كان يفتقد العطف والحنان منهم او القسوة من الأقارب سواء الآباء او الامهات لدرجة ان بعضهم اصبح يرى الدار انها ملجأ مريح له من الحياة الخارجية وهنا يأتي دور الاخصائيين الاجتماعيين لدينا لمعالجة وضع كل حالة على حدة. وبين ان الدار تستقبل حالات الاحداث من محافظة الطائف ورنية وتربة والخرمة وجميع المراكز التابعة لهذه المحافظات وفيها حالياً 26 حالة لمختلف القضايا. واعرب عن سعادته بنجاح جهود لجان الاصلاح في عتق رقاب الاحداث من القصاص بعفو اولياء الدم منها حالتان ثم خروجهما وحالتان بانتظار انهاء الاجراءات المتعلقة باطلاق سراحهما بعد ان حصلوا على العفون من ورثة المجني عليهم معرباً عن شكره العميق لكل من ساهم في هذا العمل النبيل ولجميع اولياء الدم الذين تجاوبوا لنداء اهل الخير ورغبوا في الأجر والمثوبة من العلي القدير. ومن جانبه اوضح الاخصائي الاجتماعي محمد سعد العصماني بأن في الدار (26) حالة تمثل المضاربة الشبابية منها حوالي30٪ ومنها 25٪ سرقات و3٪ قتل و22٪ تقريباً جرائم سلوكية ومخدرات وسكر.. وغيرها.. وقال: انه من دراسة هذه الحالات تبين ان المشاكل الأسرية والعنف الأسري هي وراء معظم جرائم الاحداث وان النزيل هنا يحتاج الى رعاية خاصة واهتمام به وبمشاكله اكثر من العقوبة ذاتها فهو قد لايهمه طول العقوبة من عدمه بقدر ما يهمه ان يجد من ينتشله من الوضع الذي يعيش فيه والذي قد ادى به الى ارتكاب الجريمة. (رأي الاحداث) والتقينا خلال الجولة بعدد من الاحداث الذين ابدوا رغبتهم في الحديث معنا دون تحفظ ونشر صورهم ومنها حديثان قضيتهما ضرب. المعلم في محافظة رنية وآخر في مضاربة شبابية كما يقول واكدوا انهم يجدون كل تعاون وخدمات رائعة بالدار وتسهيل لأولياء امورهم وابدوا ندمهم على ارتكاب تلك الجرائم وخاصة ضد معلمهما مؤكدين انها كانت نزوة شيطان ولن تعود بإذن الله.