تولي سياسة التعليم في المملكة العربية السعودية التدريب التربوي أهمية بالغة باعتباره وسيلة التطوير التربوي المستمر لمواكبة كل جديد ومفيد في مجال التربية والتعليم. وذلك بالنهوض بالمستوى العلمي والمسلكي للعاملين فيه من خلال إكسابهم الخبرات الجديدة وترسيخها. كما إن التدريب التربوي في وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية يسعى إلى تحقيق النمو المهني المستمر لشاغلي الوظائف التعليمية ورفع مستوى أدائهم في العملية التربوية والتعليمية وزيادة الطاقة الإنتاجية لدى جميع العاملين وإعداد الكوادر الوطنية في شتى التخصصات التي تحتاجها الوزارة لذلك سعت الوزارة لتوفير الحوافز المعنوية والمادية في التدريب، لأن التدريب وسيلة فاعلة لمواكبة التطورات الحديثة والتغيرات المتسارعة في مجالات العمل وهو استثمار في القوى البشرية الأمر الذي جعله خياراً استراتيجياً للأمم والشعوب التي تنشد التقدم والرقي كما أنه يعمل على رفع الروح المعنوية ويعزز الانتماء للمهنة من خلال إشراك المتدرب في تطوير مجالات العمل وحل المشكلات ويقلل من مؤشر الهدر في الجهد والوقت بصقل المهارة ورفع مستوى الإنتاجية. ويعكس انطباعات إيجابية وسلوكيات حسنة تجاه العمل بروح الفريق، ويهدف إلى تحسين العملية التعليمية وتحديثها، ورفع مستوى المعلمين والطلاب، وتعزيز الفكر التربوي، وإثراء التجارب العملية، ومعالجة السلبيات والمشكلات التي تعترض التعليم، ومواكبة التطور العلمي في مجال العلوم المختلفة، والأساليب التربوية، والتقنيات الحديثة. لقد وضعت حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين في ميزانية هذا العام النصيب الوافر في بنود التدريب وغيره من بنود ميزانية الخير لهذا العام والعام الذي يسبقه إننا ولله الحمد نسير وفق خطط سليمة رسمت لتلبي احتياجات الوطن والمواطن وما يحدث في العالم في وقتنا الحاضر من تطورات علمية وتكنولوجية لم يسبق لها مثيل في التاريخ تحتم علينا مسايرة العصر وتفرض علينا مواكبة هذه التطورات. ووزارة التربية والتعليم تسعى جاهدة وعبر خططها لتحسين وتطوير البيئة التعليمية وتجديد أساليب العمل والاستفادة من طاقتها التربوية المؤهلة وقد جعلت نصب عينيها المعلم ومدير المدرسة والمشرف التربوي وكافة القادة في الميدان وهي تنفذ ذلك عبر وسائل متعددة وطرق وأساليب متطورة تساعدهم في تطوير أدائهم وتنظيم معلوماتهم ومهاراتهم، ومنها التدريب ولما لاحظته الوزارة مما يعانيه رجالات الميدان لذلك رأت بأن تركز على جانب مهم من الفرص في التدريب التربوي وتمثل ذلك في إقامة برامج تدريبية لكافة المدربين في جميع مناطق المملكة ومحافظاتها من خلال برامج تدريبية متطورة بهدف تمكين المدرب والمتدرب بالوزارة لاكتساف الكفايات والمهارات التي تتطلبها أدوارهم في هذا العصر. وهؤلاء هم من يشاطر المسئولين بالوزارة فيما يتعلّق بمعرفة واختيار وإعداد قادة المستقبل في المناطق التعليمية لذلك رُكز على هذه الفئة لأن هذه البرامج تعدهم للعمل التعاوني مع المسئولين في هذه الجهود. لقد أقامت الوزارة في الآونة الأخيرة عدداً كبيراً من البرامج التدريبية وخاصة ما يتعلق بالمشرف المدرب تُمثل في تتابعها وتسلسلها مصدراً لمعارف وخبرات ومهارات متتالية ساهم في تنفيذها نخبة كبيرة من مدربين أكفاء لهم باع في مجال التدريب وعلى مستوى الوطن العربي وقد ساهم وبشكل كبير كل من د.محمد البيشي د.أحمد بوزير، د.كفاح فياض، د.العبدالعزيز. د.المديريس، د.علي الحمادي. وقد عرف هؤلاء بقدرتهم وكفاءتهم في هذا المجال وخاصة أن لهم علاقة مباشرة وخبرة طويلة في المجال التعليمي مما أضاف إلى اهتماماتهم قدرة على الوصول بهؤلاء المدربين إلى درجة قوية من المعرفة والخبرة سوف يصل بهؤلاء جميعاً وبإذن الله تعالى إلى درجة متميزة في التدريب وإنني على ثقة بزملائي الذين شاركوا في هذه البرامج بأن يكون لهم وبإذن الله شأن كبير في التدريب التربوي مما سيكون له أثره على الميدان وخاصة المعلم الذي بدوره سيغير من طريقته وانتمائه إلى الأفضل إن شاء الله. لقد ساهمت وبشكل كبير هذه البرامج التدريبية إلى إعداد هؤلاء في خمس حلقات تدريبية متواصلة تمثلت في الآتي: 1 - برنامج تحديد الاحتياجات. يمثل تحديد الاحتياجات التدريبية العنصر الرئيسي والهيكلي في صناعة التدريب حيث تقوم عليه جميع دعائم العملية التدريبية وتنمية الموارد البشرية في القطاع التعليمي وغيره، إن أي خلل بهذا الهيكل سيطيح بجميع الجهود التي تبذلها المنشآت من أجل الارتقاء بمستوى مهارات وكفاءات العاملين بها. من الصعب تحديد الأشخاص الذين يشملهم التدريب وأهداف التدريب ومحتوى البرنامج والأسلوب الذي يمكن أن يقدم به التدريب بدون التحديد الدقيق والموضوعي للاحتياجات التدريبية. وترجع عملية تحديد الاحتياجات التدريبية في الأساس إلى الحاجة إلى علاج مشكلات العمل خلال التدريب حيث توجد مشكلات أخرى قد لا يفيد فيها التدريب وعلى هذا يصبح تحديد الاحتياجات التدريبية هو الأداة الرئيسية التي يمكن من خلالها تحديد مجالات تطوير وتنمية أداء الأفراد من خلال العملية التدريبية وإن مشكلات الأداء الحالية يمكن علاجها بالتدريب وهو يطلق عليه القابلية للتدريب. 2 - برنامج بناء الحقيبة التدريبية. وهذا البرنامج يهدف إلى إعداد الحقائب التدريبية التي تشكل في حد ذاتها أحد الاتجاهات التربوية المعاصرة والتي تؤكد على أهمية التعلم الفردي الذي ينقل محور اهتمام العملية التعليمية من المادة الدراسية إلى المتدرب نفسه حتى يستطيع الكشف عن ميوله واستعداداته وقدراته ومهاراته الذاتية وهذا البرنامج يساعد المشاركين في تنمية مهاراتهم في تقييم وإعداد برامج وحقائب التدريب ضمن اختصاصاتهم المختلفة بحيث يمكن نقل هذه الخبرات إلى الطالب داخل الفصل لنقل التعلم نقلة نوعية تركز على جودة التعليم وفاعليته. 3 - برنامج إدارة العملية التدريبية. على مدى ثلاثة أيام وهذا البرنامج يهدف بالدرجة الأولى إلى تأهيل وتدريب مدراء التدريب ومقدرتهم على تقنيات التدريب كما تهدف إلى اكتساب القدرة على تقديم برامج تدريبية من مرحلة التحضير إلى وضع الخطط الواضحة وأساليب العرض وتحضير الحقائب التدريبية وتقويم البرامج التدريبية ومعرفة أثر التدريب والعائد منه، كما أنها تهدف إلى إكساب المشاركين الوضوح المطلوب للتخطيط والتنفيذ والقيام بالكثير من التمرينات والتطبيقات. 4 - برنامج أساليب التدريب وهذا البرنامج يهدف إلى رفع مستوى المدربين في مجال أساليب التدريب وتطوير طرقهم بما يواكب التطوير في هذا العصر وقد ساهم بشكل كبير في إعداد المدربين للقيام بأدوارهم في العملية التدريبية وتدريبهم على مهارات إدارية وفنية يحتاجها المدرب تتعلق بإدارة الجلسة التدريبية وإدارة الوقت ومهارات تتعلق بالتحضير وتشجيع الآخرين ومهارات تتعلق بتأليف وكتابة المادة التدريبية والإخراج الفني للمادة التدريبية ومهارات تتعلق بالتعامل مع .... ومهارات الاتصال اللفظي وغير اللفظي، كما أن المدرب نفذ عدة ورش عمل وتطبيقات على مجمل أساليب وطرق التدريب قام بتنفيذها المشاركون بالبرنامج كما أن البرنامج يهدف إلى معرفة كيفية أهداف البرامج التدريبية وأهمية تحديد الأهداف التدريبية ومجالات الأهداف السلوكية وتقييم المحتوى التدريبي. 5 - برنامج تقويم العملية التدريبية وقد اشتمل البرنامج على تقييم التدريب وهو العملية التي يتم بها التعرف على دور فاعلية التدريب بمعنى هل حقق التدريب أهدافه أم لا؟ أو بمعنى هو مدى التأثير الذي أحدثه التدريب في المشاركين وقد أجاب خلال البرنامج على تساؤلات ضرورية حول تقييم التدريب لماذا نقيم؟ وماذا نقيم؟ ومن يقوم بالتقييم؟ ومن يخضع للتقييم ومتى نبدأ بالتقييم وأين يجب أن يتم التقييم بأي أداة نقيم؟ وقد تفاعل المشاركون كافة مع البرنامج وقد خرج الجميع بتصور حديث حول التقييم وأهميته في العملية التدريبية. تشهد وزارة التربية والتعليم نقلة نوعية في إعداد برامج التدريب التربوي وقد تمثل ذلك في الإدارة العامة للتدريب التربوي والابتعاث والتي أنشأت منذ سنوات في تنفيذ آلية جديدة لتدريب المدربين التابعين لإدارات التربية والتعليم في مناطق ومحافظات المملكة وقد التحق بهذه السلسلة من البرامج التي أخذت على نفسها تنفيذها للمدربين جميعاً، وقد شملت الأركان الأساسية للعملية التدريبية بدءاً من تحديد الاحتياج وانتهاء بتقييم العملية التدريبية والاستفادة من هذا العائد على العملية التعليمية بشكل كبير. من خلال خبرتي في التدريب التربوي فقد شهدت انطلاقة هذه السلسلة من البرامج وشاركت في العديد منها وأقول بأن هذه البرامج فاقت الكثير من البرامج التي شاركت فيها من بيوت خبرة مختلفة في التدريب التربوي حيث إن هذه البرامج تمس حاجة المدرب وله علاقة مباشرة بالعمل التربوي وكذلك أن مدربيها لهم شهرتهم على مستوى المملكة والوطن العربي، فهم يجمعون بين الخبرة والممارسة مما جعل ذلك يضفي على البرامج الكثير من الترابط بين المدرب والتدريب، كما أن هذه البرامج هي نواة لبرامج متعددة تزمع الوزارة تنفيذها على فترات مختلفة من العام الدراسي. ٭ مشاهدات: 1 - لقد اختارت الوزارة البيئة المناسبة للتدريب حيث أقيمت هذه البرامج في قاعات مهيأة ومجهزة بكافة التجهيزات، كما أنها استوعبت كافة المتدربين تقريباً وكان لهذا أثر كبير في نفسية الجميع. 2 - الإعداد والتنظيم كان جيداً من المعهد المكلف بتنظيم هذه البرامج. 3 - المتابعة المستمرة من قبل منسوبي الإدارة العامة للتدريب كان له سمة خاصة حيث كان تواجدهم من بداية البرامج حتى نهايتها حل الكثير من الإشكالات والتساؤلات وعلى رأسهم سعادة المدير العام للتدريب التربوي د.سعد الماضي الذي كان له لمسات جميلة ومنها اجتماعه بالمتدربين وسماع كل ما طروحه من مشاكل وصعوبات في الميادين وكان نعم الرجل من خلال دماثة أخلاقه وتواضعه الجم. 4 - اختيار نوعية جيدة جداً من المدربين الأكفاء الذي ساعد على نجاح البرامج. 5 - توزيع حقائب تدريبية مكتملة وواضحة ولها إخراجها الجيد وطباعتها الرائعة. 6 - كانت أوقات الاستراحات بين الجلسات التدريبية تعج بالأحاديث الجانبية حول التدريب التربوي، وتبادل الخبرات بين المتدربين حيث إنهم يمثلون كافة مناطق المملكة. 7 - توقيت الجلسات كان مناسباً ومتراوحاً بين الفترات الصباحية والمسائية. ٭ مقترحات وآراء: من خلال المشاركة مني ومن بعض الزملاء رأيت تقديم بعض المقترحات لتطوير عملية التنفيذ في المستقبل: 1 - تنفيذ هذه البرامج على فترات متباعدة بعض الشيء وذلك لإعطاء المتدربين ممارسة ما تدربوا عليه وبمادة قليلة. 2 - تنفيذ البرامج موزعة على مناطق المملكة وخاصة أن مدينة الرياض تعتبر من المدن المزدحمة وهذا يسبب بعض التأخر. 3 - زيادة مدة البرنامج بحيث تكون خمسة أيام على الأقل لإعطاء المتدربين فرصة أكبر للتطبيق وإقامة ورش عمل وتنفيذ أنشطة بشكل أكبر. ويسرني وعبر هذه الصحيفة الغالية أن أرفع آيات الشكر والتقدير إلى معالي وزير التربية والتعليم على إقامة مثل هذه البرامج القيِّمة التي تثري الميدان التربوي وتساعد على تجديد آليات العمل وتطويره وتحسين الأداء. والشكر موصول إلى سعادة المدير العام للتدريب التربوي والابتعاث بالوزارة الذي يسعى إلى أن تخطو الإدارة العامة للتدريب التربوي خطوات واسعة في مجال تفعيل دور المعلم وإعطائه الجرعات التي تضمن له التأقلم والتفاعل مع معطيات العصر وتسخيرها في العملية التعليمية وذلك عن طريق إقامة برامج متنوعة بل وجعلت ضمن ذلك برامج داخل المملكة وخارجها وليصبح دور المعلم أكبر من مجرد نقله للمعلومة أو تلقيه للنظرية بل يتعدى إلى مواصلة نموه المهني وإكسابه القدرات والمهارات. والشكر موصول كذلك إلى الإخوة والزملاء في الإدارة العامة للتدريب التربوي على جهودهم التي يبذلونها في هذا المجال. ٭ مدير إدارة التدريب التربوي في تعليم حوطة بني تميم والحريق