خيط من نور... يتسكع في دهاليز روحها السرمدية... ينعقد حوله الظلام ويشنقه... ينزف الخيط أنفاس نوره الأخيرة... حبات الضوء تتقاطر ولاوعاء يجمعها سوى ليل يلوكها بين أنيابه وينهشها بأظافره المعقوفة... خيط من نغم.. انسل من مزمار راع... يسلي به وحدته... تتشنف أذنيها بسماع أنغام حزنه... ربما لأن مزماره شرب من حزنها بعضه... وأرسله حراً في صحراء مقفرة تخلو من كل شيء عدا حزن ضائع في الهواء لراع يخبئ في جيبه صراخ الوحدة والفقر... خيط من ماء... ينصب من بين ثنيات السحاب... تشرع له ذراعيها... تفتح صدرها... تطلبه إطفاء نارها الملتهبة... وحين يلامسها يتحول إلى وقود يزيد اضطرام نارها لتلتهم كلها الذي لم تمتلكه يوماً... خيط من حبر أسود منسل من جلباب ليل... لايبدده الصباح... يلتصق بالأرض... يرسم طريقاً مستقيماً... ممتداً إلى مالانهاية... تنسحب الخطى عليه... لكنها تختفي معلنة انتحارها وهي لم تقطع ربعه بعد... خيط من رماد... منسي منذ الأزل بيت مهجور من كل الأشياء سوى البؤس... تنسج الأشباح منه قبعة تعتلي رأس فتاة عمياء يسكنها اليأس حتى النخاع...