ماذا تحتاج غالبية اللقاءات التي تبثها الفضائيات العربية لتبدو أفضل؟!. الجواب: أن تتوقف . ربما في هذا بعض المبالغة ولكن في الحقيقة أن هذه اللقاءات غير ممتعة وإذا كان هناك بعض الكلام الجيد فإنه يحاط بالكثير من الهراء. قبل أيام بثت قناة الحرة لقاء مع الصحفي الأمريكي المشهور فريد زكريا وهو رئيس تحرير الطبعة الدولية من مجلة نيوزويك ومقدم برنامج «التبادل الدولي». في ذلك اللقاء واجه الصحفي العديد من الأسئلة المعقدة مثل هذا السؤال :(أنت تقوم بدور مترجم مزودج. تترجم أمريكا للعالم في مجلة النيوزويك وفي مقالاتك وتترجم العالم لأمريكا في برنامجك التلفزيوني. ماذا يجب أن يفهمه العالم عن أمريكا وماذا يجب أن تفهمه أمريكا عن العالم). إجابته كانت بسيطة ولكن مفصلة ولم يكن هناك الكثير من الجمل الفارغة التي لا معنى لها(شيء غريب ومضحك يحدث في اللقاءت العربية. دائما يردد المذيعون والضيوف جملاً ثابتة على إختلاف المواضيع والتخصصات. يبدو أن هذه قوالب كلامية موجودة لدى كل منا وهي تظهر الشخص بشكل سخيف جدا ولكن ماذا عن القوالب الفكرية غير المرئية!!). تحدث زكريا بصوت منخفض ومقنع ولكن أهم شيء كان يميزه هو ثلاث نقاط. وضوح الفكرة وصياغتها بطريقة سهلة غير معقدة والإختصار(لايوجد جواب يتجاوز ثلاث دقائق. هل تعرف مذيعين عرباً يستغرقون في السؤال الواحد أكثر من خمس دقائق وهو سؤال يختلط بالجواب؟. أنا أعرف). من الواضح أن هناك أسباباً ثقافية واضحة تدفعه ليكون بمثل هذه الهدوء والأدب(لنتذكر المثل: كلما تقدمت الشعوب تهمس) ولكن في الحقيقة الشيء الذي يجعله بهذه القيمة هو المعلومات وطريقة التحليل العقلانية التي يستخدمها. إذا لم تكن تعاني من رهاب اجتماعي فإن تخصصاً بموضوع ما سيظهر بشكل جيد على الشاشة وانت تتحدث عن ذات موضوع تخصصك. (هذا ما يجعل المختصين في الاقتصاد يظهرون بشكل مقنع على الشاشة لأنهم يتعاملون مع الأرقام ومع تغيرات السوق التي يعرفونها جيدا. إذا قال أحدهم معلومات تقول إن شركة ما ضخمة ولديها مشاريع كبيرة فليس باستطاعتك أن تقول لا وتمتنع عن الذهاب للمساهمة فيها). قد يكون في القضايا السياسية والفكرية والاجتماعية المسألة أعقد ولكن من الواضح أن الاشتغال على هذه القضايا كثيرا سيجعلك بارعاً في الحديث عنها. ولكن في اللقاءات العربية غالبية الضيوف غير مختصين وحتى المختصون يرددون الكثير من الكلام الفارغ(على مايبدو أن هذا جين ثقافي) . في حلقة اذيعت مؤخرا قامت بها المذيعة الأمريكية باربرا والترز التقت عدداً كبيراً من الضيوف ولم يكن سؤالها يستغرق أكثر من ثوان معدودة ولكنه كان عميقاً جدا ويدفع الضيف للحديث. لماذا؟!. في ظني أن خلف هذا السؤال البسيط ساعات طويلة من البحث العميق لذا استطاعت أن تلمس النقطة الحساسة التي يمكن أن ينفجر من خلالها الضيف. ماذا يمكن أن نقول لمسؤولي البرامج الحوارية في العالم العربي وحتى الذين أن يخرجوا كضيوف؟. عليكم أن تراقبوا هذه البرامج حتى تتعلموا. أكثر مايذهلني أنهم لم يتعلموا لحد الآن.