يعد الطب الاتصالي من الوسائل التقنية الحديثة التي ساهمت إلى حد كبير في خفض تكاليف الخدمات الصحية وتبادل الخبرات الطبية بوسائل فعالة وقليلة والتكلفة. وعن تجربة مستشفى قوى الأمن تحدث الدكتور صالح فهد العبدالواحد استشاري الأنف والأذن والحنجرة - في ندوة الإدارة الصحية المتكاملة في مملكة الإنسانية - عن أهمية الطب الاتصالي لدولة بحجم واتساع المملكة وتوزع سكانها البالغين 20 مليونا في مدن كبيرة وقرى متباعدة وعن أهميته لمستشفى قوى الأمن ذكر بأن المستشفى يتبع له ما يزيد عن 24 مركزا صحيا متفرقة في أنحاء المملكة وحسبا لإحصائيات عام 2004 فقد تمت معاينة 281007 مرضى في العيادات التخصصية ومعاينة 304899 مريضا في العيادات الأولية وتم تنويم 26082 مريضا وتحويل 5821 مريضا من المراكز الصحية إلى مستشفى قوى الأمن في الرياض ويبلغ معدل تكلفة السفر للمريض والمرافق حوالي 2000 ريال. بالإضافة إلى المصاريف غير المنظورة كالغياب عن العمل للمريض والمرافق، ويبلغ تقدير إجمالي المصروفات السنوية الناتجة عن التحويل 11 مليوناً ونصف سنويا. وتراوح عدد المرضى المحولين من 1 الى 88 مريضا في بعض المراكز الصحية. ولحل هذه المشكلة فقد اتخذ المستشفى حلا أمثل في استخدام تقنية الطب الاتصالي لتوفير الاستشاريين المؤهلين بتخصصات طبية نادرة لسكان المناطق البعيدة وتمكين المرضى من الحصول على العناية الطبية اللازمة وهم في مقر سكنهم متجنبون عناء وتكلفة السفر إلى مستشفى قوى الأمن في الرياض ، وتم إنشاء أربعة فروع تقدم فيها خدمة الطب الاتصالي وهي في كل من المدينةالمنورة والهفوف وتبوك وجيزان. وعن آلية عمل الطب الاتصالي ذكر العبدالواحد أنه تم تجهيز عيادات متكاملة للطب الاتصالي يتم فيها عرض الحالات على الاستشاري في المستشفى وأخذ الرأي بالنسبة للعلاج وحاجة التحويل ومراجعة المستشفى وتم تجهيز كل فرع بأجهزة الاتصال والاستقبال وخطوط اتصال عن طريق الاشتراك بشبكة الاتصال الدولية وتركيب وحدة اتصال في كل مركز صحي وتركيب وحدة استقبال مركزية في مستشفى قوى الأمن و تركيب شاشة مراقبة في مكتب سعادة المدير العام للخدمات الطبية وشاشة مراقبة في مكتب سعادة مدير عام برنامج مستشفى قوى الأمن. وقد أورد مثالا على آلية عمل الطب الاتصالي بإجراءات فحص طفل من قبل طبيب الأطفال في عرعر، حيث يتم تشخيصه مثلا بالتهاب في الأذن الوسطى ، ومن ثم يتم الاتصال مع طبيب الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى قوى الأمن ضمن عيادة الطب الاتصالي مما يمكن الطبيب في الرياض من فحص أذن الطفل في عرعر بجهاز فحص الأذن المتصل بكاميرا خاصة، وعندها يتخذ الطبيب في الرياض قرارا بإجراء عملية للطفل، ويتم حجز غرفة العمليات وطلب الفحوصات اللازمة وشرح العملية لأهل المريض وأخذ موافقتهم، وبعدها يصل المريض لمستشفى قوى الأمن حسب موعده لإجراء العملية الجراحية، ولدى عودة المريض إلى بلدته ، يمكن للاستشاري أن يتابع حالته عن طريق الطب الاتصالي.وأما بخصوص الأشعة فإنه بعد تصوير المريض والحصول على الأفلام ، قد يحتاج استشاري الأشعة في مركز جازان الصحي لرأي زميل له دون إرسال المريض إلى الرياض، حيث يمكن إرسال الأفلام مباشرة إلى قسم الأشعة في مستشفى قوى الأمن ومناقشة الحالة مع استشاريين لهم خبرة أكبر في هذه الحالة.ولا تنحصر فوائد الطب الاتصالي واستخداماته في مجال الفحص والاستشارات فقط، حيث ذكر د.العبدالواحد بأن هذه التقنية قد تستخدم أيضا في خدمة التعليم الطبي المستمر فعن طريقها يمكن نقل كل المحاضرات والندوات العلمية التي تقام في مستشفى قوى الأمن لكل المراكز الصحية ، وتمكين الأطباء من الحصول على ساعات التعليم الطبي المستمر اللازمة لتجديد الترخيص الطبي، ورفع كفاءة الأطباء عن طريق النقاش العلمي المباشر مع زملائهم في كافة المراكز الطبية. وفي مجال الاستخدام في الطب الوقائي فإنه يمكن لطبيب الأمراض الحمية في مستشفى قوى الأمن أن يتابع مرضاه في أكثر من مركز صحي عن طريق شاشة الطب الاتصالي ويتم الحصول على التقرير الطبي وتوجيه الخطة العلاجية مباشرة. وفي مجال الكوارث الطبيعية فإنه يمكن تأمين أجهزة اتصال لأقرب نقطة آمنة وتقديم الرعاية الطبية عن طريق استشاريي مستشفى قوى الأمن ، ويتم ترتيب الحالات حسب الحاجة الطبية وتوجيه المرضى المحتاجين للنقل إلى مستشفى قوى الأمن دون تأخير ورفض الحالات التي لا تحتاج للتنويم قبل وصولها إلى الرياض. ويمكن أيضا استخدام الطب الاتصالي في تأمين المتابعة الطبية للمسئولين في كافة المناطق والحفاظ على مواعيدهم الطبية دون الحاجة لقطع الزيارة ويمكن للمدير العام عقد اجتماع تنفيذي مع قيادات المراكز الصحية، ويمكن إجراء مقابلة مع مرشحي الوظائف دون الحاجة لسفر المرشح من مدينته. ومن النتائج الإيجابية لتطبيق هذا المشروع خفض نسبة التحويل غير الضروري لمستشفى قوى الأمن بنسبة تزيد عن 40 ٪ وخفض تكلفة الخدمة الصحية الإجمالية والحصول على رضى وسعادة المرضى بعد الحصول على خدمة فورية دون عناء السفر. ولم يتطلب تطبيق هذا المشروع من الكوادر البشرية كما ذكر الدكتور العبدالواحد سوى مدير تنفيذي لقسم الطب الاتصالي وفني اتصال في كل مركز صحي وثلاثة فنيين في المستشفى ومساعد اداري.