فطري بطبيعته، لعبت المدينة في حياته دوراً كبيراً فعاش بداخلها حتى استفاق يوماً إلى الفن الذي غير حياته ليرمي به رساماً ليتعذب ويذوق شظف العيش.. إنه (بول جوجان) 1848 - 1903م.. والذي كان ميله إلى أن يزخرف منزله بداية تولعه بالفن التشكيلي. درس جوجان على يد الفنان (بيسارو) الذي علمه أسرار الفن التأثيري، فكانت مشاركته الأولى بعد عدة أعوم من تعلمه بسبع لوحات وذلك في معرض التأثيريين الخامس، ثم شارك في السادس فالسابع، وفي المعرض الثامن والأخير اشترك بتسع عشرة لوحة. قاسى (جوجان) كآبة العيش كغيره من الفنانين، فرحل إلى جزر المحيط الهادي، ثم إلى جزيرة (المارتنيك)، فلما أنهكته الأمراض عاد ثانية إلى باريس.. بلوحات استوائية وهاجة. انتقل (جوجان) إلى بلده على شاطئ (بريتاني) تدعى (لي بولدو) ورسم هناك عدة لوحات هامة ذات طابع خاص به سمي فيما بعد بالتأليفية أو الرمزية.. بعدها رحل لجزيرة (تاهيتي) وانتج بها أكثر من ستين لوحة والعديد من الرسوم.. وعاد بعد ذلك لباريس.. واقام معرضاً للوحاته، ثم رجع إلى (تاهيتي) ورسم لوحة كبيرة على الخيش إذ لم يكن لديه مال يسمح بشراء قماش اللوحات وسمى اللوحة: «من أين أتينا.. وما نحن.. وإلى أين نسير» ولما أنجزها تسلق ربوة خلف كوخه وجرع كمية من الزرنيخ، ورقد ينتظر الموت.. لكنه لم يمت!! فأفاق من غشيته ليطالع الحياة من جديد، ومات بعد كفاح طويل عام 1903م. لوحته هذه (الاستحمام) أمام الميناء تأثيرية زيتية من الأعمال التي انتجها وشارك بها في معارض التأثيريين بباريس.