جاءت إجازة عيد الحج - هذا العام - متضامنة مع إجازة الطلبة (5 ذي الحجة، إلى 15 ذي الحجة)... ورغم قصر الإجازة - قياساً بإجازات سابقة - إلا أن هذه الإجازة - الموحدة - كانت بداية لتوجيهات الأب الحنون الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي حرص على توحيد إجازات العيدين (عيد الفطر، وعيد الحج) لتشمل قطاعات التعليم، وقطاعات الدولة الأخرى، والتي سيبدأ تنفيذها، وتطبيقها مع بدء إجازات العام القادم (1427ه) لتأتي من القائد الأب الملك عبدالله بن عبدالعزيز بمثابة أمل كان يُراود الموظفين الحكوميين الذين طالما حلموا بتوحيد إجازات العيدين بين التعليم، وموظفي قطاعات الدولة، وبعد توجيهات الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحقق لهم هذا الأمل، وصار الحلم على بعد خطوات من التحقيق عند أول إجازة قادمة في العام الهجري الجديد.. ويبقى أمل، وحلم موظفي القطاعات الأهلية، وغير الأهلية (وأعدادهم كثيرة، وأعمالهم كذلك).. يبقى حلمهم جميعاً أن ينالهم نصيب من هذا الإجراء الجديد في توحيد الإجازات - قدر الإمكان - منهم أولياء أمور، ولهم أخوة، وأشقاء يسكنون في بيت واحد أحياناً، وإذا جاءت إجازة العيد الصغيرة كان عدد أيام إجازتهم أصغر من أيام العيد، وإذا جاء العيد الكبير لم تزد إجازتهم فيه عن يوم، أو يومين، أو ثلاثة مقارنة بإجازة العيد الصغير.. ولا يأتي عيد من الأعياد (عيد الفطر، أو عيد الحج) إلاّ ويكون على مائدته هذه (المعاناة) التي يطرحها الموظف الأهلي إذا سمع بإجازة شقيقه الموظف الحكومي، وعدم قناعة الثاني - أحياناً - بهذه الإجازة في الوقت الذي تكون فيه إجازة الموظف الأهلي أقل من نصف عدد أصابع اليدين..؟ قراران إنسانيان في الوقت المناسب قراران إنسانيان يستحقان التقدير، والاحترام أصدرتهما وزارة العمل، الأول في منتصف العام، والثاني في أواخر العام.. ونظراً لإنسانية القرارين اعتقدت أن أقلام الكتّاب، والصحفيين لن يتوقف حبرها عن الكتابة في هذا الشأن الإنساني الذي يتناول، ويهتم بفئات كادحة، وعاملة، وبعيدة عن الأضواء رغم عملها في الأضواء... القرار الإنساني الأول الذي اطلعت عليه مع بداية العام، أو بعد ذلك، وعلق في ذاكرتي الصحفية كان عن ضرورة الحصول على (ضمان بنكي) من المؤسسات، أو المنشآت الصغيرة، وشبه الصغيرة لضمان حقوق العمالة لدى هذه المؤسسات، والمنشآت، والتي يشكو كثير من موظفيها، أو عمالتها من (تأخر الرواتب) عدة شهور، وقد يصل التأخير إلى عام كامل، وقد نشرت الصحف العديد من الشكاوى في هذا الشأن لكن الشكاوى - على ما يبدو - ابتلعها الروتين فاستمرت - بعض الأوضاع - كما هي، واستمرت بعض المؤسسات الصغيرة، وشبه الصغيرة تُماطل موظفيها بالشهر، والشهرين، والثلاثة، والأربعة. بينما الموظف الكبير إذا اكتمل الشهر، ولم يستلم راتبه - صرخ - من هذا التأخير الفظيع الذي يحرجه، ويزعجه، ويجعله مهزوماً أمام نفسه، فما بالك بموظف صغير، أو عامل لا يتجاوز راتبه عشرة بالمائة من راتب الموظف الكبير، ولا يجد في نهاية الشهر من يصرفه له، وأكثر من ذلك قد يستمر عدم الصرف شهراً، وربما أكثر من ذلك، فكيف يعيش، وإذا كانت أسرته خارج الحدود فمن يقوم بتأمين لقمة العيش لهم)..؟ إجازة طويلة، وإجازة قصيرة يتحدث أحد موظفي القطاع الخاص فيقول: إن إجازات الدولة في الأعياد (عيد الفطر، وعيد الحج) تقترب من أربعة أسابيع، وفي القطاع الخاص لا تتجاوز أسبوعاً، وبينما (يطمع موظف الدولة إلى الزيادة فإن موظف القطاع الخاص لا يحلم بأكثر من نصف هذه الإجازة). فهذا الموظف الأهلي لا تقل مسؤولياته الأسرية عن مسؤوليات الموظف الحكومي من كل الجوانب (سواء الخلود للراحة فهو يعمل بزيادة ساعتين يومياً، وهو يعمل بجهد أكبر، وهو لا يجد وقتاً لقراءة الصحف، أو تناول وجبة الإفطار في مقر عمله، وهو لا يحصل على إجازة يومين في نهاية الأسبوع، فلماذا لا تقوم وزارة العمل مشكورة بدراسة هذا الجانب الإنساني وقد برهنت من خلال جهودها الأخيرة على تحقيق الطمأنينة لموظفي، وعمال المؤسسات الصغيرة بتأمين صرف رواتبهم في مواعيدها، وبمنحهم إجازة يوم واحد في الأسبوع (بعد معاناة طويلة لموظفي وعمال المؤسسات الصغيرة في هذا الشأن) خاصة وأن مسيرة السعودة تتطلب ذلك.. الراتب قبل الإجازة الأسبوعية ويطرح السؤال نفسه بنفسه: هل استمرار صرف الراتب أهم، أم اعتماد الإجازة الأسبوعية في المنشآت الصغيرة أهم.. والسؤال يجيب على نفسه بنفسه: استمرار صرف الراتب للعمال، أو العاملين، أو الموظفين أهم مليون مرة من الإجازة الأسبوعية. يقول السيد حسن إبراهيم إنه منذ أن فقد الأمل في استمرار صرف الراتب وهو وبقية زملائه - يهيمون - في الشوارع مع العلم أن طبيعة عملهم في الحدادة كانت تمنحهم إجازة يوم الجمعة من قبلهم هم، ومن قبل أهل المهنة، وبسبب أن يوم الجمعة إجازة، ونادراً ما تجد ورشة حدادة، أو نجارة، أو سمكرة تعمل يوم الجمعة، لكنه يستدرك قائلاً: إن تثبيت يوم إجازة كل أسبوع أمر في غاية الأهمية، وهو نظام متبع في كثير من الدول، وفي مجال المهن الصغيرة، وقد (غاب) هنا بسبب هذه العمالة الوافدة من أنحاء الأرض، وعدم الإشراف (السعودي) ساهم في غياب، أو ضياع يوم الإجازة الأسبوعي تماماً كما ساهم هذا (الغياب) في (فقدان الرواتب) أو (تأخيرها) .. أو (التلاعب بها)..! ويتحدث (فتحي مصطفى) عن الراتب، والإجازة الأسبوعية فيقول: إن العامل، والموظف في القطاع الأهلي في حاجة للاثنين معاً: استمرار صرف الراتب في مواعيده، وحصوله على إجازة يوم واحد في الأسبوع سواء كانت المؤسسة، أو المنشأة كبيرة، أو صغيرة، أو عبارة عن ثلاثة، أو أربعة أفراد، وصرف الراتب في موعده، أو قريباً من موعده (لا بأس أن يتأخر شهرين لظرف خاص).. وكذلك الحصول على يوم راحة في الأسبوع هو لصالح صاحب المنشأة الصغيرة الذي سيكسب عاملاً مجداً، ومجتهداً، ونشيطاً، ثم إن شركات الليموزين التي تفرض (نسبة على السائق) تمنحهم يوم إجازة هو يوم الجمعة، فيستغلونه في تحسين أحوالهم المادية (حسب ظروفهم)..! وما نسمعه، وما نقرأه أحياناً عن تأخر الرواتب (فترات طويلة) قد تستمر عاماً كاملاً هو أمر مؤلم بكل المقاييس، وعلاجه في (ضمان بنكي) يوفر لهذه العمالة رواتبها، ويضمن حقوقها، وهذا هو القرار الإنساني الأول. وإعطاء الموظف البسيط، والصغير في المنشأة البسيطة، والصغيرة هو حق مشروع أثبتته الوزارة في قرارها الإنساني الثاني.. وزارة العمل اشترت نفسها وبعيداً عن إنسانية القرارين فإن وزارة العمل نفسها سترتاح من (وجع الدماغ) الذي تُسببه عادة شكاوى الموظفين، والعمال في القطاع الأهلي داخل هذه المنشآت الصغيرة، وما في حكمها عندما (تتخلف) إداراتها عن دفع الرواتب، أو حقوق العاملين، أو تعويضهم عن الإجازات سواء كانت أسبوعية أو سنوية بعد أن تضمن صرف الرواتب في مواعيدها، وبعد أن تضمن وجود مبالغ ثابتة لصرف حقوق الموظفين، والعمال... قبل فترة كنت أشتري بعض المواد من مركز تجاري كبير، ووجدت نفسي أمام موظف الاستقبال، أو الإدارة المشرفة الذي بادرني ضاحكاً: حظكم أحسن من حظنا، استلمتم رواتبكم، ونحن مازلنا ننتظر الإدارة لتصرف لنا الرواتب.. قلت له: لكن حظكم أحسن فأنتم تستطيعون - أخذ - كامل مستلزمات البيت من هذا المتجر الكبير ثم تسددون عندما تحصلون على الراتب، فرد قائلاً: هذا غير صحيح، ربما كان الرؤساء يفعلون ذلك أمّا نحن فلا نستطيع أن - نأخذ - على الحساب (علبة زيت، أو كيلو لحمة، أو قطعة شيكولاتة).. وعلى العموم فإن الوضع الآن أفضل من شهور مضت فنحن نستلم الرواتب في اليوم الخامس، أو السادس من الشهر الجديد، بنيما كنا نستلم من قبل ذلك في منتصف الشهر الجديد. سألت نفسي: إذا كان هذا مركزاً تجارياً له عشرات الفروع يفعل ذلك فما بالك بمنشأة صغيرة (قد تجد لها بعض العذر إن تأخرت شهرين، أو ثلاثة عن دفع الرواتب، وإن كان نظام العمل لا يُجيز تأخير رواتب الموظفين عن مواعيدها).. والمهم أن وزارة العمل بهذين القرارين، أو التوصيتين قد نجحت في تقديم لمحة إنسانية، أو جرعة إنسانية لموظفي، وعمال المنشآت الصغيرة، سواء بحصولهم على رواتبهم في مواعيدها، أو باستمتاعهم بإجازة أسبوعية هي من أبسط، وأوجب حقوق هذا الموظف، أو هذا العامل الكادح...