بودي أن أكتب كتابا، قد يكون كتابا عن الطبخ والأكل أو كتاباً عن الريجيم الأمثل وربما من الأفضل لو أكتب كتابين أحدهما يحتوي على الأكلات الدسمة والثاني عن الطريقة المثلى للقضاء على الشحوم المتراكمة من تناول الأكلات الدسمة! وفي هذه الحالة الربح مضمون ويفوق أرباح الأسهم التي لا أفهمها ولن أفهمها! وإن كنت بعد تفحصي السريع لعناوين الكتب في أكثر من مكتبة وجدت أن أكثرها من كتب علم النفس السهلة والتي تحمل عناوينها لفظة «كيف؟» فهناك كتب تتحدث عن كيفية التعامل مع القلق وكتب تتحدث عن كيفية التعامل مع رسائل الجوال المتدفقة بلا هدف، وكتب تشرح لك كيفية التعامل مع زحام الظهر وانطلاق سيارة مراهق في الأربعين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار وهو يلاحق خيال امرأة خلف زجاج «لكزس» مظلل، وكتب «الكيف» هذه تشدني، أحب أن أطالع عناوينها التي أجدها مستفزة أحيانا وأجدها حالمة إلى حد الكذب أحيانا وأجدها مخادعة في أحيان أخرى وإن كانت في النهاية تحمل خلاصة تجربة صاحبها أو فلسفته أو قدرته على الترجمة التي تتداخل مع السرقة الفكرية أحيانا وهذا أمر لن نتحدث عنه الآن، خاصة وأن البعض يرى أن الأفكار التي تحمل لغة أخرى هي حق مشاع! ولنسأل السؤال:«كيف تتعامل مع خيبة الأمل؟» فمن منا لم يخب أمله يوما أو لحظة أو عمرا كاملا؟ من منا لم يهبط من مستوى الحلم إلى عالم الواقع المختلف الذي يكثر فيه «المستحيل والمرفوض»؟ من منا من خدعه الظن؟ لابد أنك مررت بهذه التجربة وجربت هذا الشعور المر الذي يبقى فترة ولايزول بسهولة. كيف يتولد هذا الشعور؟ ما أكثر الأسئلة! أحيانا تكون طموحاتك أكبر من قدراتك فتتفاجأ أنك مكانك سر أو أنك ليس في المكان الذي كنت ترغبه فيتولد لديك شعور بالخيبة، وأحيانا تكون من هؤلاء الذين يحلمون كثيرا يهربون إلى عالم خاص يصنعون معالمه وتفاصيله بأنفسهم وقد يستبدلون في لحظة هذا بذاك ويخدعون أنفسهم لفترة قد تقصر وقد تطول فإذا ماأفاقوا وفتحوا عيونهم صدمتهم الحقيقة التي كانوا يهربون منها، وأحيانا قد تكون من هؤلاء الذين يتوقعون الكثير من الآخرين .. لأنك تعيش من خلالهم ولا ترى فيهم إلا ماتحب وتنسى أن النفوس متغيرة وأن قدرات الآخرين وإمكاناتهم تختلف فتفاجأ حين تأتي الأمور بغير ما توقعت عندها تشعر بأنك خذلت. والسؤال هنا؛ هل أنت الذي خذلت نفسك أم أن الآخرين خذلوك؟ وهذا السؤال إجابته في داخلك، ولنعد لكتابي الوهمي وسؤالي: «كيف تتعامل مع خيبة الأمل؟» قد تتقبلها وتتعايش مع مرارتها لأنك لا تملك حلا آخر، وقد تضحك وتشيح بظهرك متناسياً هزائمك، وقد تنكسر وتظل تدور متسائلاً محاولا أن تعرف السبب رغم أن معرفتك بالسبب لن تغير من الواقع شيئاً، وقد تنظر لنفسك في المرآة مبتسماً وأنت تستعد لخيبة أمل أخرى، وقد تقرر أن تمسح هذه الكلمات من قاموسك. لكل منا طريقته الخاصة التي تساعده على الاستمرار رغم الخذلان والخيبة اللذين يطلان علينا أحيانا ويختفيان في أحيان أخرى.