تعود جذور سباق الحمام الزاجل إلى أوروبا، غير أن التايوانيين حولوه إلى سباق خاص بهم. ففي كل سنة تراهن عشرات جمعيات السباق في هذه الجزيرة التي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة بملايين الدولارات على طيور تشارك في منافسات تتألف من خمس مسابقات قاسية ويأخذ الرابحون منهم مبالغ طائلة من الأموال. ولقد أصبح سباق الحمام تجارة كبيرة إلى درجة أنه بات هناك مستشفيات لمعالجة الطيور المتسابقة التي تصاب بجروح بآخر الأساليب والتقنيات البيطرية. كما أن هناك أفراداً وجماعات «تخطف» الحمام المتسابق من أجل مطالبة أصحابها بدفع فدية لإعادتها. وفي عدة مرات في السنة يرسل أصحاب الحمام طيورهم من أحد أطراف الجزيرة إلى الطرف الآخر - مامسافته 250 ميلاً - أو إلى منصات عائمة في البحر مثل مدينة كيلونغ على بعد 190 ميلاً. عمر الطيور المتنافسة عادة هو أقل من سنة ويتم اختيارها بعد إخضاعها لنظام تدريب قاس يشدد على التمسك بطرق طيران مقررة وتغذية العضلات لكي تتمكن من الصمود. رئيس جمعية قضاء تايبه لسباق الحمام يه تشينغ - شن (68) سنة والذي يشارك في المناسبات منذ 54 سنة، قال إنه ربح مؤخراً 303,000 دولار في مباراة مؤلفة من خمسة لقاءات. وهو يقدر إجمالي المبالغ المطروحة للربح - والمقدمة من عدة آلاف من مربي الحمام وحاشيتهم - بأكثر من ستين مليون دولار. ويقول تشينغ - شن أن السبب الوحيد للمشاركة في سباق الحمام هو الرغبة في تحقيق الكسب المادي. ويشير يه الذي يقدر قيمة اسراب حمامه بمئات الألوف من الدولارات، أن أصحاب الحمام يتعرضون لخسائر كبيرة خلال السباقات. وعلى سبيل المثال، شارك 3,000 طير حمام في السباق الأخير الذي أقيم في الخريف الماضي ووصل إلى خط النهاية 20 أو ثلاثين حمامة فقط. أما الطيور التي خرجت من السباق فأما أنها أضاعت طريقها أو اصطادها مجرمون من أجل المطالبة بالفدية من أصحابها. ويقول يه: «ينصب المجرمون شباكاً كبيرة في الوديان والأماكن الأخرى التي ينبغي أن يجتازها الطيور. ثم يتصلون بأصحابها هاتفياً ويعرضون إعادتها مقابل ما يبدو ثمناً معقولاً - حوالي 3,000 دولار تايواني أو ما يوازي 90 دولاراً امريكياً للحمامة الواحدة». مع تنامي قطاع سباق الحمام انتشرت مستشفيات عصرية تعنى بالحمام. وأقدم هذه المستشفيات هو مستشفى فيرسيلي - لاغا الذي افتتح في تايبه سنة 1985 بجهود مالكه الحالي جي جاو - يانغ الطبيب البيطري المتخرج حديثاً من جامعة تايوان الوطنية. ويقول لي أن حوالي نصف مرضاه من الحمام ومعظمها من حمام السباق، «وبعضها يعاني من الطفيليات من النوع التي تتعرض لها الطيور وحدها. إلا أن الغالبية تعاني من الجروح التي تصاب بها خلال السباق... هذه رياضة صعبة جداً». ويشدد يه - وآخرون يمارسون نفس المهنة على أن إحدى المشاكل الطبية التي لم تصل إلى الحمام هو فيروس انفلونزا الطيور الذي اجتاح عدة بلدان آسيوية وأخرى، وهو يؤكد أن الحمام لا يصاب بالانفلونزا... «ونحن بأمان ولا يمكن ان يحدث لنا شيء». غير أن جاو - يانغ يعترف بأمر مهم وهو أن أبحاثاً حديثة العهد توحي بأن الحمام، رغم انه لا يصاب بالانفلونزا فإنه أحياناً ينقل الفيروس وينشره بين طيور أخرى. ويضيف جاو - يانغ أن السلطات التايوانية لم تفعل حتى الآن أي شيء للتدخل في السباق، «ولكنني اعتقد ان الحكومة ستغير عقلها إذا تأكد تفشي انفلونزا الطيور في الجزيرة».