هل تذكرون كيف نجحت وكالة ناسا الفضائية - قبل بضعة أشهر - في إرسال مركبة فضائية اصطدمت بمذنب يدور قرب الأرض... في ذلك الوقت رفعت منجمة روسية دعوى تعويض قدرها 300 مليون دولار على «ناسا» لقيامها بالاصطدام المتعمد بالمذنب مما أثر على الطالع والأبراج (ولخبط أوراق المنجمين لقرون عديدة قادمة).. وادعت حينها المنجمة ليا سينوفا - التي تحظى باحترام رجال الأعمال والساسة الروس - أنها قدمت احتجاجاً بهذا الخصوص قبل حدوث الارتطام خشية الإخلال بالتقويم الفلكي وتشويه خارطة الأبراج الخاصة بالبشر.. واليوم فقط أعلنت محكمة موسكو الابتدائية عدم اكتمال عناصر الدعوى (لماذا ؟) لأن المنجمة لم تقدم ما يثبت حدوث خلل فعلي في طالع الأبراج نتيجة هذا الارتطام !! هذه الدعوى القضائية الغريبة هي في الحقيقة مجرد نموذج لدعاوى مضحكة وغريبة أقرأ عنها بين الحين والآخر.. ورغم أنها تبدو ساذجة وغبية (من الوهلة الأولى) إلا أنها في الحقيقة تحاك بحرفية وذكاء - وغالبا ما تسعى لتعويض مالي ضخم - !! .. ففي رومانيا مثلا رفع عدد من المنتجعات السياحية دعوى قضائية على محطة التلفزيون الوطنية بسبب تقاريرها المغلوطة عن الطقس؛ فطوال أسابيع (حسب مسؤول الدعوى ناكي بوبيسكو) دأبت المحطة على تحذير الناس من هطول أمطار غزيرة على المنطقة ثم تظهر الشمس في اليوم التالي مشرقة والسماء خالية من الغيوم. ويقول بوبيسكو إن جميع المنتجعات الرومانية على البحر الأسود تضررت من هذه التقارير حيث عزف السياح وعامة المواطنين عن زيارتها خشية هطول الأمطار وتدني درجة الحرارة.. ورغم أن إجراءات الدعوى لم تنته بعد إلا أنها تأتي بعد أربعةأشهر فقط من إقالة رئيس المعهد الروماني لأحوال الطقس للسبب ذاته بتوصية من وزير السياحة نفسه !!! ... أما في النمسا فحكمت محكمة كلاغنفوت النمساوية على أحد موظفيها بالسجن خمسة عشر شهرا بتهمة (الكسل) والتقاعس عن العمل.. ليس هذا فحسب بل طالبت الرجل - الذي وصفته بأكسل موظف في النمسا - بإعادة 80٪ من مجمل الرواتب التي استلمها خلال الخمس سنوات الماضية بسبب تدني إنتاجيته. ويعد هذا الحكم في نظري سابقة قضائية - أتمنى تطبيقها لدينا - بسبب صعوبة إثبات الكسل أو البطء في تنفيذ أي عمل.. وكان هذا الموظف قد كُلف بمتابعة ملفات النفقة وإدارة التركات في مجلس المدينة ولكن الملفات تراكمت لديه منذ عام 2000 دون فتحها أو دراستها أو تحويلها للجهات المعنية.. أما المتهم نفسه فألقى باللائمة على رئيسه في العمل كونه اخطأ - منذ البداية - في تعيينه وتكليفه بمهام غير مؤهل لها !! (... والله صادق) وطالما بدأنا المقال بدعوى فقضائية ضد ناسا دعونا ننهيها بدعوى قضائية من نفس النوع.. فحين هبطت المركبة الفضائية باثفايندرعلى المريخ (في الرابع من يوليو 1997 ) رفع رجلان يمنيان قضية تعويض ضد الوكالة بحجة عدم استئذانهما في الهبوط فوقه. فقد تقدم المواطنان عبد الله مسعد ومصطفى يوسف ببلاغ للنائب العام (في الثاني عشر من نفس الشهر) بدعوى امتلاكهما لكوكب المريخ عن طريق الوراثة الشرعية منذ 3000 عام. وطالب المدعيان بمثول السفير الأمريكي أمام المحاكم اليمنية كوكيل عن مؤسسة ناسا وزعما أن لديهما «وثائق دينية وتاريخية وحضارية تثبت أن المريخ ملك لأحد أجدادهما الذي وهبه النبي سليمان هذا الكوكب تكريماً له على خدماته ومساهمته في نقل عرش بلقيس الى القدس»... وبالطبع رفض السفير الأمريكي تنفيذ طلب المثول أمام المحكمة - في حين علق الدكتور مصطفى مهران (مستشار الحكومة اليمنية للعلوم والتكنولوجيا) على هذه الدعوى بقوله: ما يسعدنا فعلا هو مشاركة عالم أمريكي من أصل يمني (يدعى فضل أحمد) في وضع برامج توجيه المركبة على سطح المريخ !!