ألتف بشال ثقيل وأتابع نشرات الأنواء الجوية، بعد الزلزال حدثت تغيرات (اختفت جزر وخرجت للوجود جزر.. الجو في الإمارات العربية وفي عُمان تغير بدرجة كبيرة وعرف البرد طريقه لهم.. في المرتفعات درجة الحرارة تحت الصفر سبع درجات.. غطى الجليد المرتفعات). هطلت صور، رحت أحلم جالسة والدفء يتسلل برقة لأعضائي ويخدرني، فتكون الأحلام جميلة بعد طول انقطاع، رحت للقمم من جليد والشمس تعانقها في نيسان، البلورات تتحرك بالدفء والشمس تحنو كأم توقظ طفلاً في الصباح ليذهب لمدرسته. تفتح البلورات الجميلة عينيها على أشعة قوس قزحية، تعانق بعضها، تدفئ أكثر، تذيبها مشاعر الحب فتتحول لقطرات، وتذوب عشقاً وتسيح فتسير خجلى نحو المنحدر وتتكاثف القطرات القادمة من رأس الخيمة وتتقابل مع قطرات من عمان وتتدفق، وتشق مجراها، والناس على الجانبين فرحين، يهللون ويكبرون، ويفسحون الطريق، للسيدات القادمات. يصبح الموج كبيراً وينقسم إلى قسمين كبيرين، يغضبان البعض، إذ خربا شوارع وألقيا من الوجود عمائر للفجر، لكنهما لا يباليان، ويسيران، وأنا معهما وكأنني أقودهما ليدخلا الحدود، بلا جواز سفر ولا مراكز تفتيش جمارك، يسيران يمران عبر الصحراء ويشقان الطريق نحو الربع الخالي وهناك يعكسان السير باتجاه البحر الأحمر. رُسِمَتء خارطة جديدة وأمل جديد، والمناخ يتغير، ربيعاً جديداً لم نألفه يأتي بالخير والأمل. أنهار ونهيرات أخرى شقت طريقها من مرتفعات عُمان والإمارات لتدثر أرضنا بغطاء أخضر جميل، والنهران عظيمان تولدا، نهران عربيان خالصان، لم يدخلا أراضي غير أراضينا، شمر وزراء الزراعة عن أياديهم وشمر وزراء التعليم والهيئات الزراعية والبرامج المائية، جاءتنا ثروة ربانية وما حلمنا بها. والكل يجب أن يتواءم مع الثورة الجديدة والأمل الجديد. الدفء لا زال يغشاني فيدفع الحلم الجميل للأمام، انهار في الجنوب تنبع، يعود نهر قديم إلى صيرورته، وأنا أحلم بالخضرة تغطي أراضينا ونصبح وكأننا الريف الإنجليزي، وأيضاً البترول تمتد ينابيعه تحت أرضنا. ونحن بشر تطرينا الخضرة بعد طول جفاف، تعتقنا من وحشة الصحراء وعواء الذئاب، تفتق أذهاننا، لا أحد يتحكم بنا.. الماء ماؤنا والجو جونا، والأرض أرضنا. أسير في أيام الجمع، الشوارع عربية اللسان واللباس، اللباس نفسه لكنه بدأ يثقل لم تمتنع شمسنا عن الظهور، لكن امتنع اللهب بفعل الماء والخضرة. طارت بي أحلامي لجو الأندلس، أموال متدفقة وعقول تفكر وبشر وخضرة وإبداع يتجدد فتزيد وفرتنا وفرة وخيرنا خيراً. أفكر بنشيد صباحي لأطفال المدارس، نشيد يحكي البلاد وجمالها عن وفرة المياه والخضرة عن الفلاح وصوت لحن لسيد درويش يرن في أذني. يرسم الصغار في حصة الرسم إبداعات الجمال.. لا تلك الشجرة اليتيمة مع كوخ ونهر يستوحون من خيال. الدفء والخيال وحلم بالجمال.. أعيشه لحظات جميلة. استمر في الحلم اللذيذ يولد الفرح في قلبي، وأرى أسماء الأنهار والنهيرات، جميلة كلها عذوبة، لا تسمى باسم أشخاص، هي منة الله ولله، فتكون أسماؤها مما منحها الله من جمال ومنظر.. أنتفض على صوت التلفاز الذي لا أدري أي يد غيرته، أحاول فتح عيني، تأبى أن تفتحا ، يجمد فوقهما جليد المشاعر، وجليد الحاضر، جليد لا يذيبه ربيع ولا شمس آب.