لي عمّة واحدة، لكنها تعدل عمّات كثيرات، بما حباها الله تعالى من طيب المعشر وحُسن الخُلق، ناهيكم عن وجه طلق وبشاشة فيها الوداعة وصادق الود. ومن أعظم خصالها بغضها للغيبة والنميمة ونهيها عن ذلك لجلسائها، سمعتُ ذلك منها كثيراً. تلك الصفات وما شاكلها يحاول بعض من حُرمها من الناس أن يتصنع واحدة منها لعلمه بجميل أثرها عليه، فكيف إذا كانت تلك الصفة طبعاً فيه لا تصنعاً منه؟ لا شك أن الأثر عليه أفضل في الدنيا والآخرة. ومن هذا المنطلق جاءت الأحاديث الكثيرة في الحث على حُسن الخُلق، كقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحبكم إليّ أحاسنكم أخلاقاً»، وكقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الصائم بالنهار». وعوداً على بدء أقول: إن من نعمة الله على عبده أن يحببه إلى الناس، فذلك إن شاء الله تعالى من علامات قبول الله لعبده، وإني إن شاء الله تعالى أحسب أن تلك العمة الصالحة من المقبولات عند الله تعالى - وهذا من الظن الحسن بالله تعالى - لشهادة من يعرفها أو يسمع عنها بأنها من صالحات النساء. وإذا كان العيان أبلغ من الخبر وبخاصة في أيام الابتلاء، فلقد كنتُ أتردد عليها أغلب أيام مرضها التي امتدت إلى بضعة أشهر، وكان المرض يزداد عليها كلما تقادمت الأيام وأُشهد الله تعالى أني لم أر أو أسمع منها كلمة تسخط أو جزع لا تصريحاً ولا تلويحاً، بل كان لسانها رطباً من شكر الله تعالى والثناء عليه مع كثرة اعترافها بالتقصير والتفريط. وعند هذا أقول إذا كان بعض طلبة العلم يحكي أنه استفاد من بعض النساء دروساً في الخُلُق والأدب والزهد ممن سمع منهن من محارمه وغيرهن فيحق لي أن أقول بأنني استفدت من هذه العمة المباركة دروساً في الصبر والاحتساب وحُسن الخُلق وحب للصدقة. والله أسأل أن يعينني على العمل بذلك بعد العلم به. فاضت روحها - رحمها الله تعالى - في أول ليالي العشر 21/9/1426ه، وصُلِّي عليها بعد عصر يوم الاثنين 21/9/1426ه في جامع الراجحي ودفنت في مقبرة النسيم. ومن عاجل بُشراها كثرة المصلين والمشيعين والمعزين. أسأل الله تعالى بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلى أن يجعل قبرها روضة من رياض الجنة وأن يجمعها بوالديها واخوانها في فردوسه الأعلى. كما أسأل الله تعالى أن يبارك في أولادها وأحفادها، إنه تعالى سميع مجيب. وختاماً.. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنّا على فراقك يا عمتنا لمحزونون.